السمنة (البدانة): الأسباب والمضاعفات وطرق العلاج . تُعد السمنة حالة طبية يمتلك فيها الشخص دهونًا زائدة. وهي ليست مجرد رقم في الميزان أو حجم كبير للجسد. إذ يمكن للسمنة أن تزيد مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض والاضطرابات الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم و السكري و أمراض القلب. تُعد السمنة قضية معقدة ومحطًا لأنظار مجتمع الصحة العامة في الولايات المتحدة والعالم أجمع.
يعاني حوالي 40% من البالغين ( 93.3 مليون شخص) من السمنة في الولايات المتحدة، طبقًا لتقرير تابع لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
تتزايد معدلات السمنة حول العالم، إذ تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات السمنة نحو 3 أضعاف منذ العام 1975 في جميع أنحاء العالم وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
تُعرّف السمنة عادةً باستخدام نسبة الوزن إلى الطول بما يُعرف باسم مؤشر كتلة الجسم (BMI)، والذي يرتبط غالبًا بنسبة دهون الجسم. يُعد أي شخص بالغ لديه مؤشر كتلة جسم يعادل 30 أو أكثر سمينًا طبقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ولكن يرى الأطباء والباحثون أن استخدام مؤشر كتلة الجسم وحده لا يكفي باعتباره وسيلةً لفحص وجود السمنة. ويقترحون استخدام أداة أخرى بجانبه مع مراعاة الصحة البدنية والعقلية والوظيفية (تشير الصحة الوظيفية إلى قدرة الشخص على التحرك وممارسة أنشطته اليومية).
أسباب السمنة
تحدث السمنة غالبًا عندما يتناول الشخص طعامًا أو شرابًا يحتوي على سعرات حرارية أكثر من حاجته. ولكن تساعد بعض العوامل على حدوث السمنة إلى جانب العادات الغذائية للشخص مثل قلة النشاط البدني والنوم، وعوامل وراثية، واستخدام عقاقير تسبب زيادة الوزن أو احتباس الماء داخل الجسم، مثل الستيرويدات القشرية، ومضادات الاكتئاب، وبعض أدوية التشنج.
يُعد نمط الحياة الحديث ووسائل الراحة المتعددة جزءًا من مسببات السمنة أيضًا. طبقًا لموقع Mayo Clinic، تشمل العوامل البيئية التي تساعد على السمنة كميات الطعام الضخمة، وجدول عمل مزدحمة مع وقت قليل لممارسة الأنشطة، ومحدودية الوصول إلى الأطعمة الصحية في محلات السوبر ماركت، وسهولة الوصول إلى الأطعمة السريعة، ونقص الأماكن المخصصة لممارسة الأنشطة البدنية.
من الممكن كذلك أن ترتبط السمنة بالبيئة والمجتمع، فقد وُجد أنها تنتشر -اجتماعيًا- بين الأصدقاء. اقترحت دراسة نُشرت في عام 2011 في الجريدة الأمريكية للصحة العامة أن السبب وراء هذا يرجع إلى اشتراك الأصدقاء في نفس البيئة وممارسة الأنشطة معًا؛ ما قد يساعد على اكتساب الوزن.
اضطرابات صحية يُحتمل أن تؤدي إلى زيادة الوزن:
- قصور الغدة الدرقية؛ وهو خمول للغدة الدرقية يبطئ من عملية الأيض، ويسبب حالةً من الإرهاق والضعف.
- متلازمة تعدد الكيسات في المبيض (PCOS)، تصيب نسبةً تصل إلى 10% من النساء في سن الإنجاب، وتؤدي إلى زيادة في شعر الجسم، ومشاكل في الإنجاب.
- متلازمة كاشنج؛ تنتج من زيادة إفراز هرمون الكورتيزول من الغدة الكظرية، وتتميز بزيادة الوزن في الجزء العلوي من الجسم والوجه والرقبة.
- متلازمة برادر ويلي؛ وهي حالة وراثية نادرة، لا يشعر فيها الأشخاص بالشبع أبدًا، ويرغبون في الأكل دائمًا، طبقًا لموقع .Mayo Clinic
مضاعفات السمنة
طبقًا لتقرير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ تزيد السمنة من خطورة ظهور عدد من المشاكل الصحية الخطيرة مثل:
- أمراض الشرايين التاجية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الجلطة.
- السكري من النمط الثاني.
- بعض أنواع السرطان (الثدي، القولون، بطانة الرحم، المرارة، الكلى، الكبد).
- توقف النفس الانقطاعي أثناء النوم.
- ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار (LDL)، وانخفاض نسبة الكوليسترول النافع (HDL)، أو ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية.
- حصى المرارة.
- هشاشة العظام.
- عقم أو عدم انتظام في الدورة الشهرية.
ويمكن أيضًا للسمنة أن تؤثر نفسيًا على الشخص إلى جانب العواقب الجسدية، إذ يعاني بعض البدناء من حالات اكتئاب، وعزلة اجتماعية، وتمييز في المعاملة، وانخفاض في جودة حياتهم عمومًا، طبقًا لموقع (Mayo Clinic).
هل تُعد السمنة مرضًا؟
ما تزال مسألة اعتبار السمنة مرضًا أم حالة غير طبيعية محلًا للنقاش. ففي عام 2013، صوتت الجمعية الطبية الأمريكية -المجموعة الأكبر من الأطباء في أمريكا- لاعتبار السمنة مرضًا. سعى القرار إلى استنباط علاج يهدف لإنقاص الوزن بشكل أسهل، وخفض الهلع الناتج عن السمنة -بصفتها وصمة عار على الشخص- وإيصال فكرة أن السمنة ليست دائمًا مسألة تحكم في النفس وقوة إرادة.
ومن جهة أخرى، انتقد آخرون اعتبار السمنة مرضًا؛ لأن هذا يُصنّف شريحةً عريضةً من الأمريكيين على أنهم مرضى! بينما هم في الحقيقة ليسوا كذلك. واقترحوا بدلًا من ذلك اعتبارها عامل خطورة للعديد من الأمراض، لا مرضًا قائمًا بذاته.
اقرأ أيضًا: هل تعتبر السمنة من الأمراض المعدية؟
علاج السمنة
ينصح موقع (Mayo Clinic) بزيارة أخصائي تغذية، ومعالج سلوكي، وممارس فسيولوجي، وخبير سمنة؛ لتحقيق وزن صحي، وللتعود على عادات أكل سليمة. يساعد العمل مع فريق مكون من خبراء صحة متنوعين على تغيير عادات الأكل والأنشطة، وتطوير استراتيجيات للتحكم في أي تغيرات نفسية أو سلوكية (تؤدي إلى زيادة في الوزن والتعود على أسلوب حياة غير صحي) على المدى البعيد.
طبقًا لتقرير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فعلى الرغم من وجود العديد من الأنظمة الغذائية العابرة مثل التغييرات قصيرة الأجل والتي لا تُعد طريقة مثلى لإنقاص الوزن بشكل دائم؛ ينصح باستبدال ذلك واتباع الوسائل الغذائية التي تساعد على إنقاص الوزن بطريقة طويلة المدى، كتناول أطعمة صحية بشكل معتاد والإكثار من الأنشطة البدنية اليومية.
تُعتبَر التغيرات السلوكية؛ مثل فهم ماهية المواقف التي تساعد على تفاقم الشعور بالتوتر -المُؤدي إلى تناول كميات طائلة من الطعام- وتعلم كيفية التعامل معها، شيئًا مهمًا للغاية خلال رحلة إنقاص الوزن. يمكن أن يعود فقدان الوزن بالنفع حتى ولو كانت النسبة قليلة -مثل [5-10]% من وزن الجسم- حسب تقارير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. تشمل هذه المنافع تحسنًا في ضغط الدم ومستويات الكوليسترول وسكر الدم.
يوصي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ببعض الوسائل التي قد تساعد على فقدان الوزن بنجاح:
- الاحتفاظ بمذكرة يومية عن النظام الغذائي، لتساعد على معرفة ما يتناوله الأشخاص يوميًا، ومتى تناولوا الطعام، وكم استهلكوا منه، وأيضًا لرصد عادات الأكل السيئة، مثل تناوله عندما يكون الشخص مضغوطًا أو حزينًا.
- إجراء تغيرات صغيرة في عادات أكلك، مثل المضغ ببطء، ووضع شوكتك جانبًا بين اللقمة والأخرى، وشرب الكثير من الماء؛ ما يساعد على تقليل كمية السعرات الحرارية المستهلَكة.
- التعرف على وسائل لإدخال عادات صحية إلى نظامك الغذائي، مثل المشي بعد الغذاء.
- وضع أهداف محددة ولكن واقعية؛ مثل تناول السلطة على العشاء والمشي لمدة 15 دقيقة في المساء.
- يمكن أن يساعد النشاط البدني المنتظَم (من 60 إلى 90 دقيقة من النشاط البدني المعتدل يوميًا، في معظم أيام الأسبوع) في الحفاظ على وزنك، كما يقول المركز.
أدوية وجراحة لفقدان الوزن
ثمة وسائل أخرى مُتّبعَة للذين يعانون من سمنة مفرطة حتى بعد المحاولات لفقدان الوزن عن طريق التمارين الرياضية ونظام غذائي صحي.
تُعد الجراحة خيارًا متاحًا لعلاج البدانة ، وهي جراحة تجعل حجم المعدة أصغر. يوصى بها للأشخاص ذوي مؤشر كتلة جسم يساوي 40 أو أكثر، أو يعانون من مشكلة صحية خطيرة ويحملون مؤشرًا يساوي 35 أو أكثر.
يُؤهَّل الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم بالغ 30 أو أكثر للحصول على شريط معدي قابل للتعديل (نوع من جراحات علاج البدانة )، إذا كان لديهم أيضًا مشكلة صحية خطيرة واحدة على الأقل مرتبطة بالسمنة.
تشمل خيارات العلاج الأخرى للسمنة بعض الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية والتي تحد من الشهية مثل أورليستات ولوركاسرين، ولكنها قد تسبب آثارًا جانبية مثل التشنج والإسهال والصداع والدوار والغثيان، وفقًا لموقع (Mayo Clinic).
يجب استخدام عقاقير فقدان الوزن بجانب التمارين الرياضية والأنظمة الغذائية الصحية، وبعض تلك الأدوية مخصصة للاستخدام قصير المدى فقط.
اقرأ أيضًا:
- تشير بيانات جراحة فقدان الوزن إلى وجود أربعة أنواع من السمنة
- الاكتئاب والسمنة: أيّهما يتسبب في حدوث الآخر؟
- هذه الفاكهة الأمازونية الغريبة تخفف من السمنة عند الفئران، لكن لا تهرع لشرائها الآن!
- أسلوب من الصيام لتقليل الوزن وخفض ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة
ترجمة: نسمة عادل
تدقيق: تسنيم الطيبي