إن مراقبة الرياضيين الذين يستخدمون مواد منشطة محظورة واستبعادهم من المسابقات الرياضية رفيعة المستوى موضوع مثير للجدل للغاية، وبالأخص عند الحديث عن أنواع الستيرويد.
لماذا يستخدم البعض الستيرويد أصلاً؟
تعتبر الستيرويدات الابتنائية الأندروجينية (anabolic–androgenic steroids) من أهم هذه الأدوية المحظورة، (الستيرويدات هي عائلة من الهرمونات المسؤولة عن ظهور الخصائص الجنسية الثانوية الذكرية وتحفز نمو العضلات وزيادة حجمها).
ترتبط هذه المواد ارتباطا وثيقا بالتستوستيرون، هرمون الذكورة الطبيعي المسؤول من بين هرمونات أخرى عن التطور العضلي.
رغم القوانين الصارمة ضد مستخدميها إلا أنها مطلوبة من قِبل عديد الرياضيين، خاصةً عدائي المسافات القصيرة ورافعي الأثقال لزيادة الكتلة العضلية وبالتالي قوتها وتحقيق نتائج أفضل.
حتى الإناث يلجأن إلى هذه المنشطات لرفع حظوظهم للفوز بالمسابقات، رغم أخطارها السلبية المضاعفة عليهم.
من المؤسف أن استخدام هذه الأدوية يعرف انتشاراً أكثر بين الشباب، 5% من طلاب الثانويات الأمريكية يستخدمونها للحصول على عضلات بارزة وتحسين مظهرهم وفقاً لتحقيق أُجري من طرف المؤسسة الوطنية الأمريكية لإدمان المخدرات.
أثبتت دراسة، أن الستيرويدات بجرعات عالية إلى جانب تدريب بدني عالي المستوى يمكن أن تزيد في كتلة العضلات ( 5كغ) خلال 10 أسابيع، وتزيد بما يقرب (20 كغ) خلال سنة واحدة.
إن الأضرار السلبية المحتملة لهذه المواد يغطي على النتائج الإيجابية المرجوة منها.
بالنسبة لجنس الإناث الذي لا يملك عملياً هرمونات ابتنائية طبيعية، فإن الستيرويدات لا تعزز فقط نمو العضلات وزيادة قوتها بل تتسبب في ظهور سمات الذكورة كنمو الشعر على مستوى اللحية وخشونة الصوت.
علاوةً على ذلك، فإن لها آثار سلبية لكلا الجنسين على الأعضاء التناسلية، القلب والأوعية، الكبد، وتسبب ظهور بعض السلوكيات والاضطرابات النفسية وصولاً للإدمان.
آثار الستيرويدات السلبية
الآثار السلبية للستيرويدات على الجهاز التناسلي
بالنسبة للرجال: إفراز هرمون التستوستيرون وإنتاج الحيوانات المنوية من الخصيتين يحدث تحت تأثير هرمونات الغدة النخامية الأمامية (Adenohypophysis).
عن طريق الارتجاع السلبي (Negative Feedback) يُثبط التستوستيرون إفرازات الغدة النخامية للحفاظ على تركيزه في الدم عند حدود معينة، للستيرويدات نفس التأثير التثبيطي للتستوستيرون، فتعاطيها إذن يثبط الهرمونات النخامية ليقل تحفيز الخصيتين فتضمر ويتناقص إنتاج التستوستيرون والحيوانات المنوية.
إن إساءة استخدام هذه الهرمونات يمكن أن يسبب أيضاً سرطان البروستات والخصية.
بالنسبة للإناث: الارتجاع السلبي الناتج عن الستيرويدات خارجية المنشأ (Exogene) يعارض إفراز الهرمونات النخامية المنظمة لعمل المبيضين، نتيجةً لذلك تتوقف عملية الإباضة وتختل الدورة الشهرية وتتناقص الهرمونات الجنسية، مما ينجم عنه تراجع في حجم الثديين وصفات أنثوية أخرى.
الآثار السلبية للستيرويدات على القلب والأوعية
استعمال الستيرويدات الابتنائية من العوامل المشجعة لتصلب الشرايين، بناءاً على ذلك فهي تعتبر عنصراً خطراً للسكتة الدماغية (Cerebrovascular Accident)، والذبحة الصدرية (Myocardial Infarction) ومن آثارها كذلك:
- تناقص البروتين الدهني مرتفع الكثافة (HDL) المسؤول عن نقل الكولستيرول الزائد من الأوعية إلى الكبد لتحليله والتخلص منه. (يُعرف بالكوليسترول المفيد).
- ارتفاع الضغط الدموي.
الآثار السلبية للستيرويدات على الكبد
تعاطي كميات كبيرة يسبب تلف على مستوى الكبد، لأنها المسؤولة عن تعطيل وتعديل هذه الهرمونات لتسهيل عملية التخلص منها عن طريق البول، ويرتفع معها خطر الإصابة بسرطان الكبد.
الآثار السلبية للستيرويدات على السلوك
يشجع استخدامها على السلوك العدواني واستعمال العنف، ولازال البحث في هذه الآثار جارياً، إذ لا تتوفر نتائج ودراسات علمية حقيقية.
الاعتماد وإدمان الستيرويد
هناك قلق في الآونة الأخيرة بعد ظهور أعراض الاعتماد لدى بعض مستخدمي الستيرويدات، إذ أشارت دراسة إلى إصابة 14% من متعاطيها بالإدمان، وترتفع أخطارها بزيادة مدة الاستخدام.
قد تساهم الستيرويدات في تحسين أداء الرياضيين وتحقيقهم نتائج إيجابية والفوز بالمسابقات وإن كانت بطريقة مغشوشة وغير أخلاقية، ولكن اكتشاف ذلك من قِبل الهيئات الرياضية المسؤولة يُجردهم من ألقابهم ويجمد مشاركاتهم.
حتى لو تغاضينا عن الاعتبارات الأخلاقية والقانونية، فإن خطورتها على الصحة هي الخسارة الكبرى، لذا ينبغي محاربة استخدامها وحظر بيعها خاصةً وأنها تنتشر في السوق السوداء من طرف عديمي الضمير وبطلب من بعض الرياضيين.
- ترجمة: عباس أحمد
- تدقيق: محمد ابو قصيصة
- تحرير: ناجية الأحمد