بعد أسابيع من تحذير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها مقدمي الرعاية الصحية للتوقف عن استخدام قطرات العين الخاصة بعلامة تجارية مشهورة، أفادت التقارير بوفاة شخصين آخرين، إثر العدوى التي كانت قد أدت إلى حالة وفاة واحدة مبلغ عنها. اعتبارًا من 14 مارس الماضي، شُخِّص 68 مريضًا في 16 ولاية أمريكية بالالتهابات الناجمة عن سلالة نادرة مقاومة للعقاقير من بكتيريا الزائفة الزنجارية.
إضافةً إلى الوفيات، ذُكر أن 8 أشخاص فقدوا بصرهم، إضافةً إلى 4 حالات تطلبت إحداهم تدخلًا جراحيًا لاستئصال العين.
ارتبطت نصف الحالات بأشخاص زاروا 4 مرافق رعاية صحية مختلفة. يُعتقد أن سبب تفشي العدوى هو استخدامهم قطرات عينية من العلامة التجارية «إزريكير»، وهي دموع اصطناعية «قطرات عينية مرطبة» خالية من المواد الحافظة، تنتجها شركة الأدوية الهندية غلوبال فارما.
الزائفة الزنجارية نوع مهم من المملكة البكتيرية، وهي قادرة على التكاثر والازدهار في أي مكان تقريبًا، من وقود الطائرات إلى الماء المقطر، وتجعلها قدرتها على تغليف نفسها في غشاء حيوي والإفلات من المطهرات الشائعة، مصدرًا ثابتًا ودائمًا للعدوى، خاصةً في أماكن الرعاية الصحية.
تحديدًا، سلالة البكتيريا المسؤولة عن تفشي المرض حديث الظهور في الولايات المتحدة، وهي شكل من أشكال الزائفة الزنجارية المقاومة للمضاد الحيوي «كاربابينيم»، إضافةً إلى وجود إنزيمي (VIM) و(GES)، اللذين يعززان حمايتها من مجموعة واسعة من المضادات الحيوية من فئة بيتا لاكتام، ما يجعل الميكروب المسمى (VIM-GES-CRPA) صعب المقاومة.
تذكر إحدى دراسات الحالة رجلًا عمره 72 عامًا، أصيب بعدوى مستمرة وفقدان تام للرؤية في عينه اليمنى، وبعد تحديد سلالة البكتيريا المقاومة في عينيه وقطرات العين التي استخدمها، وصف المختصون له جرعات من مضادات حيوية معينة كل ساعة، وما زالت عدوى المريض قائمة بعد أسابيع من العلاج والتحسن المعتدل، ولم يستعد الإبصار حتى الآن.
على نحو مأساوي، اضطرت امرأة عمرها 68 عامًا من ميامي لاستئصال عينها اليمنى المصابة في سبتمبر الماضي، بعد أن استخدمت قطرات العين لتخفيف التهيج الناجم عن استخدامها للعدسات اللاصقة.
بحلول شهر أغسطس، شُخصت عينها الحمراء المتورمة بأنها خدش في القرنية وعولجت بالمضادات الحيوية المعتادة واسعة الطيف، وقد راجعت الأطباء عدة مرات على مدار شهر «بسبب الألم الذي حرمها النوم»، وتوقعوا أن ينقذوا بصرها بزرع قرنية متبرع بها، لكن بحلول وقت العملية تبين أن الأوان قد فات.
من الصادم أن العلاقة بين قطرات العين والعدوى لم تُكتشف حتى يناير، عندما نصحتها عيادتها بالتوقف عن استخدام القطرة بناءً على نصيحة مصدرها الإشعار الأولي لمراكز السيطرة على الأمراض بشأن تفشي المرض.
تُقاضي المريضة «التي أصبحت الآن عمياء رسميًا» الشركة المصنعة والموزعين ومقدمي الرعاية الصحية، نظرًا إلى أن خطة الرعاية الصحية الخاصة بها أجبرتها على تغيير المنتجات الدوائية «قطرات العين» التي تستخدمها، لذا فقد أدرجت شركة التأمين الخاصة بها في قائمة المُدعى عليهم.
يزعم موزعو «إزريكير» في الولايات المتحدة أنه لا يوجد ما يثبت وجود صلة بين قطرات العين وتفشي المرض، مع ذلك فقد سحبوا المنتج من السوق، وأجرت شركة غلوبال فارما سحبًا طوعيًا بناءً على توصية إدارة الغذاء والدواء، وذلك بسبب القصور الذي تضمن اختبارات ميكروبية غير كافية.
الزائفة الزنجارية المقاومة للكاربابينيم مع مقاومة ميتالو بيتا لاكتاماز المشفرة بفيرونا إنتغرين (VIM-CRPA) هي سلالة حديثة الظهور في الولايات المتحدة، خاصةً بين ممارسي السياحة العلاجية، الذين يخضعون لعمليات جراحية في المكسيك.
ستؤدي العدوى -التي كان علاجها أمرًا روتينيًا ذات يوم- إلى حالات شديدة تتزايد باستمرار من الألم والإعاقة والموت، ويصبح من الصعب إيجاد علاجات للحد من تفشيها.
مع انفتاح العالم على التجارة والسفر سيتوسع نطاق مسببات الأمراض الناشئة بسرعة حاملةً المقاومة معها لتنتشر إلى مجتمعات جديدة.
اقرأ أيضًا:
خمس نصائح للحفاظ على صحة العين
ترجمة: يمام نضال دالي
تدقيق: أكرم محيي الدين