إذا كانت إضافة التمارين الصباحية إلى روتينك اليومي من ضمن أهدافك، إليك بعض الطرق للحفاظ على روتين يومي يتضمن التمرين الصباحي والالتزام به.
نظريًا، فإن كاتبة المقال من الأشخاص الذين يتمرنون صباحًا، ويستمعون إلى النصائح الملهمة حول فوائد التمرين. تقرأ مقالات حول تأثير الرياضة قبل العمل على أداء العقل، وتقضي أمسيات عديدة تتابع مقاطع فيديوهات عن ممارسة الرياضة في الصباح الروتينية على اليوتيوب بشغف، وتتعهد بالركض مع شروق الشمس تمامًا مثل مدوني الفيديوهات.
لكنها نادرًا ما تحوّل هذه الأهداف إلى حقيقة وواقع، عندما يدق منبهها في السادسة صباحًا.
بدلًا من أن تقفز عن سريرها كي تمارس التمارين الصعبة، كانت تطفئ منبهها وتدعه يغفو ست مرات، ثم تنهض على عجل، ترتدي زي عمل أفضل من البيجامة بقليل، وتبدأ العمل على حاسوبها المحمول.
أشعرتها هذه الدورة من الصباح الصحي المبالغ فيه الذي فشلت في الوصول إليه بالخجل وأحبطها ذلك لسنوات. لكنها الآن تستمتع بالالتزام بروتين ممارسة الرياضة في الصباح.
استغرق كسر النمط الكثير من العمل، إذ قرأت عددًا لا يحصى من الدراسات، واستشارت أصدقائها الرياضيين، حتى أنها عملت مع معالج، لكن الأمر كان يستحق ذلك.
ما يلي بعض النصائح من أجل عبور الرحلة التي عبرتها الكاتبة على مر السنوات، وتعلم كيفية بناء روتين تمرين صباحي والالتزام به.
تغيير طريقة التفكير:
قبل أن يُحرز الفرد تقدمًا حقيقيًا في أن يصبح من الأشخاص الذين يتمرنون صباحًا، يجب عليه أولًا مواجهة ما يعيقه.
عندما ناقشت الكاتبة معاناتها مع ممارسة الرياضة في الصباح مع معالجها، ساعدها المعالج على إدراك التحديات التي كانت متجذرة فيما يسميه علماء النفس:
«التشوهات الإدراكية»، عوامل عقلية سلبية متجذرة في التفكير أو الإدراك، أو الاعتقاد الخاطئ أو غير الدقيق.
نعاني جميعًا التشوهات الإدراكية التي غالبًا ما تغذي قلقنا. من التشوهات التي عانت منها الكاتبة:
- امتلاك نقص في اللياقة بدنية، واعتقادها بصعوبة بلوغها.
- الاعتقاد بأن التعرق القليل في أثناء ممارسة الرياضة يحد من فعالية التمرين.
- الاعتقاد بأنها من الأشخاص السيئين في الاستيقاظ مبكرًا.
- مارست الكاتبة الرياضة في بعض الصباحات فقط، لكنها كانت تريد أن تكون نشيطة يوميًا قبل العمل.
يجد الكثير من الناس أنه من المفيد العمل مع مختص للصحة العقلية كي يُقيّم التشوهات الإدراكية، علمًا بأنه يمكن لأي شخص إعادة صياغة أفكاره.
تطلق جمعية علم النفس الأمريكية على هذه العملية اسم إعادة الهيكلة المعرفية، وتشمل:
- تحديد الموقف الذي يزعج الفرد حاليًا.
- تسمية الشعور الأكثر إزعاجًا حول موقف محدد: الشعور بالذنب؟ أم بالخوف؟ أم بالغضب؟
- تحديد الفكرة الكامنة وراء هذا الشعور.
- تقييم دقة الفكرة المزعجة بعناية وموضوعية.
- اتخاذ القرار حول هل كان تفكير الفرد دقيقًا أم لا، بناءً على جميع الأدلة الموجودة.
مثال على ذلك:
- استاءت الكاتبة من عدم تمتّعها باللياقة البدنية، وأنها لن تكون كذلك أبدًا.
- أكثر شعور مزعج عانت منه تجاه هذه الفكرة هو الشعور بالعار.
- تسببت فكرة عدم تمتعها باللياقة البدنية في خلق شعور العار.
عند تقييم هذه الأفكار، وُجدت حقائق متعددة تتعارض معها:
أولًا، لا تعتقد الكاتبة في الواقع أن اللياقة البدنية تجعل الشخص أفضل من الآخرين.
لم تكن تفتقر إلى اللياقة البدنية دائمًا، كانت نشيطة عندما كانت فتاة صغيرة، لكن بطرق لا تعترف بها كثيرًا. ركبت دراجتها في كل مكان، وسبحت في بركة جارها، وأحبت اللعب في صالة الألعاب الرياضية في المدرسة.
أثبتت أيضًا أنها قادرة على التطور، إذ حاولت تحدي نفسها جسديًا وعقليًا وهي بالغة، وجربت أنواعًا مختلفة من التمارين، متضمنةً ركوب الدراجات ورفع الأثقال.
حسب اعتقادها لم تكن أفكارها السابقة دقيقة للغاية، فهي الآن تمضي قدمًا بعقلية مختلفة.
عندما تُحدد التشوهات العقلية السلبية وتُقيَّم وتُعاد صياغتها، قد يُلاحظ أن الأفكار تبدو أقل إزعاجًا.
استغرقت هذه العملية وقتًا، لكنها ساعدت الكاتبة على فهم الدوافع الكامنة وراء رغبتها في تطوير روتين تمرينها الصباحي. بعد إعادة هيكلة أفكارها، تمكنت من اعتماد نهج أكثر توازنًا تجاه ممارسة الرياضة في الصباح.
شعرت أن التكتيكات التي استخدمتها بعد ذلك لم تكلفها جهدًا كبيرًا ، لكنها كانت مجزية للغاية.
التحضير جيدًا:
عندما يغيّر الفرد طريقة تفكيره، من المهم أنه يهيئ نفسه للنجاح يوميًا.
عندما كانت الكاتبة تتمرن في وقت مبكر من اليوم، كان صباحها مزدحمًا بالقرارات، مثل اختيار ملابسها، واختيار نوع التمرين الذي يجب القيام به، واختيار ممارسة التمرين في المنزل أو الذهاب إلى صالة الرياضة، كل هذه الأمور كانت تُشعرها بالإرهاق، حتى أنها استسلمت في بعض الأيام قبل أن تبدأ.
أعطى صديق الكاتبة الذي يعمل مستشارًا ومدربًا لرفع أثقال بعض النصائح المفيدة، منها:
على الفرد أن يخطط في عطلة نهاية الأسبوع لكل ما يريد تحقيقه صباحًا على مدار الأسبوع، ويقدر المدة التي تستغرقها كل مهمة، ثم يفكر ليحدّد ما يريد القيام به في الليلة السابقة لكل يوم، والوقت الذي يحتاج إليه كي يستيقظ.
عند قيامها بالحسابات، أدركت أنها تحتاج إلى نحو ساعتين كي تنجز كل شيء في الصباح، ما يعني أنها تحتاج إلى الاستيقاظ في السادسة صباحًا، وأن تنام في العاشرة مساءً.
في ذلك الوقت، كانت تذهب إلى الفراش نحو الساعة 11:30 ليلًا، ما يفسر الإرهاق الذي كانت تعانيه في الصباح.
إذا كان الفرد يتطلع إلى تعديل روتين النوم الخاص به، يوصي رافائيل بيلايو، أستاذ الطب السريري في عيادة ستانفورد لاضطرابات النوم، بأنه يجب أن يتأخر وقت النوم نحو 15 دقيقة لا أكثر كل بضعة أيام.
الهدوء في الصباح:
كانت الكاتبة تعتقد أن التدريبات في الصباح الباكر يجب أن تكون بداية مكثفة لليوم، مثل الاستيقاظ على صوت منبه عالٍ، والقفز من السرير، أو تشغيل الموسيقى في صالة الرياضة.
لم تستيقظ الكاتبة بطاقة ونشاط لا حدود لهما مع أنها كانت تنام جيدًا ليلًا، وغالبًا ما كان الصباح المكثف يتركها متوترة أكثر من كونها نشيطة.
تظهر الأبحاث أن الإجهاد يضعف جهد الإنسان في تحقيق النشاط البدني. لذلك بدأت الكاتبة البحث عن طرق أفضل للتخفيف من حدة اليوم والتخلص من الإرهاق الناتج عن قرارها الصباحي.
جمعت كل ما تحتاج إليه للتمرين في الليلة السابقة، وضعت ملابسها ومعداتها الرياضية جانبًا، وأعدت وجبة الإفطار والقهوة بعد التمرين، وعلقت ملابس عملها.
استبدلت منبه هاتفها بساعة منبه خفيفة كي تحصل على منبه صباحي هادئ، ما يحسن جودة النوم ويجعل الاستيقاظ ألطف.
أخيرًا، في أثناء احتساء قهوتها، جلست بهدوء وأغمضت عينيها، وتخيلت أفضل تمرين صباحي قد تقوم به. تقول الدكتورة باربرا كوكس إن تقنية التصور هذه تساعد الناس على «الشعور» بالإنجاز، وقد تحفزهم.
الاستفادة من التمرين:
إذا كان الالتزام بروتين التمرين يمثل تحديًا رغم بذل أقصى الجهود، عندها يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم أنواع التمارين التي تُمارس.
على كل فرد أن يسأل نفسه: «هل التمارين التي أمارسها نافعة؟»
عندما سألت الكاتبة نفسها هذا السؤال أول مرة، كانت ترفع أوزانًا ثقيلة في صالة الألعاب الرياضية يوميًا، وبالتفكير في الأمر أدركت أن هذا النشاط لم يعد منطقيًا بالنسبة إليها، إذ كان لها أهداف مختلفة.
كانت ترغب في الخروج من المنزل والركض في الحديقة، وأن تشعر بمرونة أكبر في ممارسة اليوغا الثابتة، واستبدال رفع الأوزان بحركات وزن الجسم في المنزل.
إذا وجد الفرد نفسه يكافح من أجل أن يصبح نشيطًا في الصباح، فعليه أن يفكر في أنواع الحركات، والبيئات التي تناسب احتياجاته، فربما كان يمارس الرياضة بمفرده فترةً من الوقت ويريد الانضمام إلى صديق.
ربما يشعر الفرد بالملل من روتين الصالة الرياضية، ويريد تجربة صف يمتلئ بالتحديات بدلًا من ذلك، أو قد يكتشف أنه يريد تعلم رياضة جديدة، مثل الرقص أو الملاكمة.
المهم هو العثور على نشاط يستمتع الفرد بفعله ويجعله يتطلع إلى النهوض من السرير كل صباح.
لا بد من مكافأة النفس:
لا بد أنك سمعت هذه النصيحة سابقًا، فهي توضح أهمية المكافآت الكبيرة في زيادة الحافز والمحافظة على العادات، لكن نظام المكافأة الخاص بالفرد قد يختلف.
تستغرق معظم المكافآت وقتًا طويلًا حتى تؤتي ثمارها. وفقًا للمؤلف جيمس كلير، كلما كانت المكافأة فورية، كانت العادة أكثر ثباتًا.
وفقًا لبحث أجرته أليسون فيليبس، الأستاذة في علم النفس، كلما زادت قيمة المكافأة، أصبح روتين التمرين أكثر تلقائية.
توضح الكاتبة أمثلة لمكافآت قد لا تخطر على بال الكثيرين منا، مثلًا، كانت تبقي علامة تبويب مفتوحة على هاتفها لملابس كانت ستشتريها إذا وصلت إلى وزن معين.
كانت تنظر إليها عندما لا تشعر في الرغبة في التمرين كي تحفّز نفسها، لقد جربت أيضًا طرقًا أخرى، بعد أسبوع من التمرين كل يوم، كانت تكافئ نفسها بيوم تتناول فيه ما تريد، عادةً ما كانت تُفرط في الأكل في تلك الأيام وتنتفخ وتشعر بعدم الارتياح الجسدي.
ما مشكلة هذه الأساليب؟
تتجذر هذه الأساليب في فهم خاطئ لما يعنيه «أن تكون صحيًا» أو «تبدو بصحة جيدة».
هو سلوك تناقلته الأجيال وتحركه وسائل الإعلام أساسًا. قد يتخذ «الجسم السليم» أشكالًا مختلفة.
مستوى الانضباط الذي كانت تمارسه الكاتبة، جعلها تشعر بعدم التوازن والاندفاع وراء النقد الذاتي، فقد بدأت تربط التمرين بالمشاعر السلبية.
لكي تخرج الكاتبة من أنماط التفكير هذه، كانت بحاجة إلى تحديد المكافآت الفورية والجوهرية لتدريباتها الصباحية. بدأت بتحديد ما يعنيه التمرين لها قبل ممارسة الرياضة وبعدها.
كانت دائمًا أكثر استرخاءً بعد ممارسة الرياضة، وتشعر بالقوة، ويصبح عقلها أكثر حدة عندما تركض في الصباح. ثم في أثناء الاستحمام بعد التمرين، كانت مشاعرها تتلخص في الهدوء والسعادة والنشاط.
إن قضاء لحظات مثل هذه تساعد على ربط التمرين مع الشعور بالرضا، وهو أمر ضروري لجعله روتينيًا. إذا لم يشعر الفرد بتحسن، أو لم يكن يستمتع في ممارسة الرياضة، فسيفعل شيئًا آخر عندما يُجبر على اتخاذ قرار.
من أجل المساعدة على تحديد المكافآت التي تناسب كل شخص، يجب أن يسأل كل فرد نفسه: ما شعوري عند ممارسة التمارين الرياضية؟ كيف أشعر عندما أتجنب التمرين؟ ويسجل إجاباته كي يتمكن من العودة إليها عندما يحتاج إلى بعض التشجيع.
نظرة إلى المستقبل:
عندما يتكيف الفرد مع عادات جديدة، قد يواجه انتكاسات على طول الطريق، لذلك من المهم التمرن على الصبر والتعاطف. يُعد توقع النتائج على الفور وصفة كارثية، وقد تؤدي الإخفاقات الصغيرة في البداية إلى الإحباط والتوقف عن المحاولة.
مع أن الجدول الزمني الثابت قد يساعد في الحفاظ على عادة التمرين، فإن الفرد ليس بحاجة إلى الجري مسافة ميل أو الذهاب إلى صالة الرياضة كل صباح.
قد يكون الإفراط في ممارسة أي شيء ضارًا بالصحة، ويشمل ذلك التمارين الرياضية، لهذا السبب فإن أيام الراحة مهمة.
تفضل الكاتبة استخدام الوقت الإضافي في الصباح كي تقرأ وتعد وجبة إفطار لذيذة. على الفرد أن يضع في اعتباره كيف يقضي الصباح من دون تمرين بل في القيام بشيء يستمتع به.
عندما يتعلق الأمر بالصحة، من المهم النظر إلى المستقبل، قبل أن يوبخ أي فرد نفسه عند تجنب تمرين واحد، أو عدة تمارين.
على الفرد أن يتراجع ويفكر في حركة الشهر الماضي، ليس فقط الأسبوع الماضي، إذا تضمنت معظم الأيام مستوى معين من الرياضة أو النشاط البدني، فهو على المسار الصحيح.
اقرأ أيضًا:
ممارسة الرياضة بعد الطعام، كما يجب الانتظار وما الذي يجب تناوله؟
هل ممارسة الرياضة آمنة خلال جائحة كوفيد-19؟
ترجمة: جوليا كاملة
تدقيق: فاطمة جابر