تمكن إضافة عمليتي اقتراح النظريات الرياضية وإثباتها إلى القائمة الطويلة التي توضح ما يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله، وقد تضافرت جهود علماء الرياضيات وخبراء الذكاء الاصطناعي لإبراز الكيفية التي تستطيع بفضلها تقنية التعلم الآلي خلق سبل جديدة لاستكشاف هذا المجال.
في حين كان علماء الرياضيات يستخدمون الحواسيب لاكتشاف الأنماط طيلة عقود، أبرزت القدرات المتنامية للتعلم الآلي إمكانية عمل هذه الشبكات اعتمادًا على مجموعة هائلة من البيانات، وتحديد أنماط لم تُرصد من قبل.
في دراسة حديثة، استخدم الباحثون أنظمة الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة «ديب مايند» -الشركة ذاتها التي طورت الذكاء الاصطناعي لحل المشكلات الصعبة لعلم الأحياء، وتحسين دقة توقعات الطقس- للكشف عن بعض المعضلات الرياضيات التي ظلت طويلًا دون حل.
يقول عالم الرياضيات جوردي ويليامسون من جامعة سيدني: «تُعد المشكلات الرياضية من أكثر المعضلات تحديًا على الصعيد الفكري. في حين استخدم علماء الرياضيات التعلم الآلي للمساعدة على تحليل مجموعات البيانات المعقدة، للمرة الأولى نستخدم الحواسيب لمساعدتنا على صياغة توقعات أو اقتراح حلول ممكنة لأفكار غير مثبتة رياضيًا بعد».
وفقًا للفريق، قدم الذكاء الاصطناعي برهانًا لمسألة «كازدان-لوستايغ» كثيرة الحدود، وهي مشكلة رياضية تتضمن تناظر الجبر عالي الأبعاد، ظلت دون حل مدة 40 عامًا.
يظهر البحث كيف أن تقنية التعلم الآلي المسماة «نموذج التعلم المراقَب» استطاعت اكتشاف علاقة لم نتوصل إليها من قبل بين نوعين مختلفين من العقد الرياضية، ما أدى إلى نظرية جديدة تمامًا.
تدخل نظرية العقد الرياضية في مختلف مجالات العلوم الصعبة، متضمنةً علم الوراثة، وديناميكا السوائل، وحتى سلوك هالة الشمس. لذا قد تؤدي الاكتشافات التي يحققها الذكاء الاصطناعي إلى إحراز تقدم في مجالات أخرى.
يقول عالم الرياضيات أندريس خوهاس: «عندما نسترشد بالحدس الرياضي، يوفر التعلم الآلي إطارًا قويًا يكشف عن توقعات مثيرة للاهتمام، يمكن إثباتها إذ يتوفر قدر كاف من البيانات، أو حين تكون الأجسام كبيرة جدًا بحيث لا تمكن دراستها بالطرق التقليدية».
من فوائد أنظمة التعلم الآلي، طرق البحث عن الأنماط والسيناريوهات التي لم يشفرها المبرمجون تحديدًا، إذ يأخذون بياناتهم التجريبية ويطبقون المبادئ ذاتها على الحالات الجديدة.
يُظهر البحث أن هذا النوع من معالجة البيانات فائقة السرعة، الموثوق بها على نطاق واسع، قد يعمل أداةً إضافية تساعد الحدس الطبيعي لعلماء الرياضيات. عندما تتعامل مع معادلات معقدة وطويلة، قد يحُدث هذا الاكتشاف فارقًا ملحوظًا.
يأمل الباحثون أن يؤدي عملهم إلى المزيد من التعاون بين الأكاديميين في مجالي الرياضيات والذكاء الاصطناعي، ما يتيح فرص التوصل إلى نتائج غير مكتشفة سابقًا.
يقول ويليامسون: «يمثل هذا العمل إحدى المحاولات النادرة التي تمثل فائدة لعلماء الرياضيات تحديدًا. قد يستغرق الحدس وقتًا طويلًا، أما الذكاء الاصطناعي فبوسعه مساعدتنا للعثور على الروابط التي قد لا يكتشفها العقل البشري بسهولة».
اقرأ أيضًا:
أهم توجهات الذكاء الاصطناعي التي يجب التطلع إليها في 2021
ترجمة: فاطمة البجاوي
تدقيق: باسل حميدي