قد تستمتع بمشاهدة لقطات الهبوط التاريخي التي سجلتها رحلات أبوللو، لكن لنعترف أن جودة تلك اللقطات ليست بتلك الروعة. رغم محاولات ناسا لترميم بعض أشهر لقطات أبوللو وتحسينها، فإن بعضها ما زال مشوشًا أو غير واضح.
لكن الآن، أنقذت التطورات الجديدة لآليات الذكاء الاصطناعي الموقف، وزودت المُشاهد بتجربة فريدة جديدة لمتابعة فيديو الهبوط التاريخي لأبوللو.
استعمل مختص استعادة الصور والأفلام، داتش ستيم ماشين بعض حيل الذكاء الاصطناعي لتحسين أحد أفلام أبوللو الأصلية، وأظهرت هذه التجربة نتائج رائعةً على الصور ومقاطع الفيديو، إذ أصبحت تلفت النظر بوضوحها وحيويتها.
قال المختص لموقع (Universe Today): «أردت توفير تجربة فريدة جديدة لمشاهدة هذه الصور».
فلتلقِ نظرةً على هذه اللقطات المحسنة من رحلة أبوللو 16 على سطح القمر بصحبة تشارلي دوك وجون يونغ، إذ زيدت هذه اللقطات المأخوذة بسرعة 12 إطارًا في الثانية إلى 60 إطارًا في الثانية.
مذهل، أليس كذلك؟ وأنا كذلك أذهلني المنظر الواضح لسطح القمر في هذه اللقطات المحسنة لموقع هبوط أبوللو 15 هادلي ريل.
أو ألقِ نظرةً على مدى وضوح نيل أرمسترونغ في هذه النسخة المحسنة من الفيديو المعروف بالخطوة الأولى من رحلة أبولو 11، الذي التقطته كاميرا فيديو 16 مل من داخل مركبة الهبوط القمرية.
مذهل!
تسمى آلية الذكاء الاصطناعي التي يستعملها داتش ستيم ماشين إطار الاستكمال الحركي المدرك لعمق اللقطة أو (DAIN) اختصارًا. هذا الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر ومجاني، ويُطوَّر ويُحسَّن باستمرار.
يعد الاستكمال الحركي أو استكمال الإطار المعوض للحركة شكلًا من أشكال معالجة الفيديو، إذ تنشأ إطارات الرسوم المتحركة الوسيطة بين الإطارات الموجودة مسبقًا، في محاولة لجعل الفيديو أكثر مرونةً لتعويض عدم الوضوح.
قال المختص: «استعمل الناس برامج الذكاء الاصطناعي نفسها لاسترجاع الأفلام أو التسجيلات القديمة من القرن العشرين وتحسينها لتظهر بجودة عالية وملونة، كذلك يمكن تطبيق هذه التقنية على الصور الحديثة».
ربما لن تتمكن من استعمال هذه التقنية في المنزل، إذ تحتاج هذه التقنية وحدة معالجة رسوم قوية عالية الجودة، مع مراوح تبريد خاصة. يشرح المختص أن فيديو مدته 5 دقائق فقط قد يستغرق 6 – 20 ساعة من العمل لإنجازه، لكن النتائج مبهرة.
يوضح المختص طريقة العمل قائلًا: »شرعت بدايةً بالبحث عن مصادر الفيديوهات الأعلى جودة، وقد وجدتها لحسن الحظ ملفات عالية البت (720 بكسل).
وبهذا حُلت مشكلة الجودة، فمن المهم البدء بأعلى مصدر جودة متوفر للشروع بتعديله. ورغم ذلك، كانت معظم اللقطات المتسلسلة ما تزال متقطعةً جدًا بسبب قطع التسجيل خلال التصوير وامتداد التصوير فترات طويلة، وقد صُوِّرت معظم لقطات المركبة بسرعة 12 إطارًا في الثانية، أو 6 إطارات في الثانية، أو حتى إطار واحد فقط في الثانية. حاول الناس سابقًا تثبيت الصورة مع تطبيق أنواع من مزج الإطارات لتخفيف تأثير التقطع، لكنني لم أقتنع يومًا بفعالية تلك الآلية أو جودتها».
يتطلع المختص للعثور على معدل أطر اللقطات المصورة التي يمكن العثور عليها عادةً في وثائق وكالة ناسا، أوفي حالة لقطات أبوللو 16، إذ يعلن رواد الفضاء عن معدل الأطر عند تشغيل الكاميرا.
يتابع: «لسوء الحظ يكون معدل الأطر معطلًا أو متذبذبًا أحيانًا، ولا يعمل على النحو المطلوب، لذا فإن أفضل طريقة لمعرفة معدل الأطر هي الاستماع إلى المعالم التي يصفها رواد الفضاء ومقارنتها باللقطات المأخوذة».
«أقسِّم ملف المصدر إلى إطارات رسوم الشبكة المحمولة (PNG)، ثم أحملها إلى برنامج الذكاء الاصطناعي مع معدل الأطر المدخل الأصلي (1 أو 6 أو 12 أو 24)، ثم أحدد معدل الأطر المطلوب وفق معدل الاستكمال الحركي، مثلًا: 2x أو 4x أو 8x. يستعمل الذكاء الاصطناعي وحدة معالج الرسوم ويركز على إطارين متتابعين حقيقيين. ويحلل باستعمال الخوارزميات حركة الأجسام في الإطارين ويعطي إطارات جديدةً كليًا.
مثلًا، يستطيع معدل استكمال الحركة 5x إعطاء 5 أطر جديدة من إطارين أصليين فقط. فإن سُجِّلت اللقطات بسرعة 12 إطارًا في الثانية وكان معدل الاستكمال الحركي 5x، فيكون معدل الأطر النهائي الناتج 60 إطارًا في الثانية، ما يعني أنه باستعمال 12 إطارًا أصليًا فقط يعطى الذكاء الاصطناعي 48 إطارًا جديدًا. يُدمَج كلاهما لاحقًا في فيديو واحد يشغل 60 إطارًا في الثانية.
وأخيرًا، أطبق التصحيح اللوني، غالبًا ما تحتوي ملفات المصدر لونًا أزرق أو برتقاليًا. ثم أزامن اللقطات مع الصوت، وإن أمكن أيضًا أزامن اللقطات التلفزيونية والصور المأخوذة للحدث نفسه. أحيانًا كنت أشغل كاميرتين 16 مل في الوقت ذاته، لأتمكن من تشغيل كلا المصدرين في آن واحد».
ينجز المختص هذا العمل في وقت فراغه، وينشر النتائج مجانًا على صفحته على اليوتيوب، متبنيًا شعار الحفاظ على الماضي من أجل المستقبل، ويستعمل التقنيات ذاتها لتحسين الفيديوهات والصور والشرائح القديمة.
قال المختص: «من الرائع رؤية ردود أفعال الناس على اللقطات التي أعمل عليها، فحين يعلق الناس قائلين: «هذا رائع! لم أر شيئًا كهذا من قبل!». أشعر برغبة في تقديم المزيد».
يخطط مختص داتش ستيم ماشين للاستمرار في هذه الأعمال قائلًا: «أخطط لتحسين عدد كبير جدًا من لقطات أبوللو، وسأنشر العديد من اللقطات المتعلقة بالفضاء والتاريخ على صفحتي على يوتيوب باستمرار».
اقرأ أيضًا:
رحلات أبولو للقمر -برنامج أبولو- نظرة عامة عن رحلة أبولو 11
وظائف المستقبل: تخصص هندسة الذكاء الاصطناعي
ترجمة: حمزة البدارنة
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين