يُعَد سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا، وهو الأكثر انتشارًا في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، إذ يُصيب امرأةً واحدة من كل 8 نساء. يكون العلاج أسهل كثيرًا إذا اكتُشف مبكرًا، لذلك تُعَد الفحوصات المنتظمة والتشخيص الدقيق للسرطان الطريق الأمثل للشفاء. حديثًا، أثبتت برامج الذكاء الاصطناعي artificial intelligence تفوقها على الأطباء في تشخيص سرطان الثدي من طريق صور الأشعة.
في المملكة المتحدة، تُنصَح جميع النساء فوق 50 عامًا بإجراء فحص روتيني للثدي أو تصوير شعاعي للثدي mammogram -وهو تصوير الثدي باستخدام الأشعة السينية- كل 3 سنوات، وبهذا يمكن اكتشاف علامات السرطان قبل وقت طويل من ظهور كتلة ملحوظة، ثم يفحص طبيبان مستقلان نتائج التصوير.
لكن في بعض الأحيان قد يكون السرطان موجودًا ولا يُكتشَف (وهو ما يعرف بالسلبي الكاذب false negative)، أو يُشخَّص وجوده خطأً عند بعض النساء (وهو ما يعرف بالإيجابي الكاذب false positive)، وللتخلص من هذه النسبة الصغيرة من أخطاء التشخيص، لجأ الباحثون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى التكنولوجيا، إذ طوروا نظام ذكاء اصطناعي لاكتشاف سرطان الثدي باستخدام صورة الثدي الشعاعية.
نجح نظام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف سرطان الثدي مثل الأطباء تمامًا، دون معرفة أي معلومات عن التاريخ الطبي السابق للمرضى، بل انخفضت حالات خطأ التشخيص -سواءً الإيجابي الكاذب أم السلبي الكاذب- على نحو ملحوظ، إذ انخفضت الحالات الإيجابية الكاذبة في الولايات المتحدة بنسبة 5.7% وفي المملكة المتحدة بنسبة 1.2%، وانخفضت الحالات السلبية الكاذبة بنسبة 9.4% في الولايات المتحدة وبنسبة 2.7% في المملكة المتحدة.
أشار الباحثون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُستخدَم لتخفيف عبء العمل عن الأطباء المشغولين بالفعل وليس الاستغناء عن آرائهم تمامًا، فبدلًا من أن يفحص طبيبان نتائج الصور الشعاعية للثدي، سيفحص طبيب واحد النتائج ويتولى الذكاء الاصطناعي الفحص الآخر، وإذا اختلفا يمكن الاستعانة حينها برأي طبيب ثان، ما سيُقلل من عبء العمل عن الأطباء بنسبة تصل إلى 88%.
وصرح دومينيك كينغ قائد فريق Google Health في المملكة المتحدة لوكالة فرانس برس للأنباء AFP: «لن تعثر أبدًا على بلد فيه الممرضون والأطباء غير مشغولين. أمامنا الآن فرصة استخدام التكنولوجيا في مساعدة البشر».
ليست هذه المرة الأولى التي يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على البشر، خاصةً في مجال تشخيص الحالات الطبية، فهو أفضل من الأطباء في اكتشاف سرطان الجلد وأمراض العيون، ويمكنه أيضًا اكتشاف علامات مرض ألزهايمر قبل سنوات من ظهور أعراضه المعروفة.
يأمل الفريق في إجراء المزيد من الدراسات المستقبلية بناءً على ما توصلوا إليه من نتائج، وبحث إمكانية تطبيقها سريريًّا، إذ سيمهد هذا التطوير لنظام الذكاء الاصطناعي الطريق لتحسين دقة فحوصات تشخيص سرطان الثدي وكفاءتها.
اقرأ أيضًا:
يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا للغاية لكنه يتجه حاليًا نحو مسار مبهم
كيف تستطيع الحكومات الحد من تطور الذكاء الاصطناعي الفائق العدواني؟
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: مينا خلف
مراجعة: أكرم محيي الدين
