كشفت أوّل تجربة بشرية في العالم أن التلقيح بالديدان الشصية أدى إلى تحسينات بسيطة في مقاومة الإنسولين في دراسة أجريت على 40 مشاركًا معرضين لخطر الإصابة بالنمط الثاني من داء السكري.
الديدان الطفيلية والأمراض الاستقلابية:
النمط الثاني من داء السكري هو حالة مزمنة تتميز بمقاومة هرمون الإنسولين الذي يتحكم في الغلوكوز وارتفاع مستويات السكر في الدم.
من المثير للاهتمام، أن الأمراض الاستقلابية والالتهابية أقلّ انتشارًا في المناطق التي تتوطن فيها العدوى بالديدان الطفيلية، بينما تتزايد في البلدان المتقدمة حيث بُذلت جهود للقضاء على العدوى بالديدان الطفيلية.
على أيّة حال، لا يوجد حاليًا أي دليل سريري قوي على دور الديدان الشصية في الحماية من الأمراض الاستقلابية.
قالت الدكتورة دوريس بيرس المؤلفة الرئيسة للكتابة والمحاضرة في العلوم الحيوية في جامعة جيمس كوك: «تتميز الأمراض الاستقلابية باستجابات مناعية التهابية، وقد أشارت الدراسات السابقة أن الديدان الشصية تطلق بروتينات في مضيفها للتحكم في جهاز المناعة وحماية أجسامها».
للتحقق من ذلك، اختارت بيرس وزملاؤها 40 مشاركًا -جميعهم معرضون للإصابة بالنمط الثاني من داء السكري- في تجربتهم السريرية التي استمرت عامين بنقل عدوى الدودة الشصيّة الفتاكة الأمريكية أو الدواء الوهمي لتقييم الفوائد العلاجية المحتملة.
تحسينات بسيطة في علامات صحة الاستقلاب:
تلقّى جميع المشاركين فحوصات صحية منتظمة خلال التجربة العشوائية مزدوجة التعمية، لُقح 27 مشاركًا ببيض الفتاكة الأميريكية (يرقات)، من بين هؤلاء؛ تلقّى 14 مشارك 20 يرقة، وتلقى 13 مشاركًا 40 يرقة، بينما تلقّى 13 مشاركًا إضافيًا دواءً وهميًا.
كان الهدف الرئيسي للدراسة مراقبة سلامة اللقاح وآثاره الجانبية، مع قياس النتائج الأخرى مثل مقاومة الإنسولين وغلوكوز الدم الصيامي وكتلة الجسم.
قالت بيرس: «قدمت التجربة بعض الفوائد الاستقلابية الكبيرة للمتلقين المعالجين بالديدان خاصًة المعديين بـ 20 يرقة».
أظهر المشاركون المعديين بـ 20 يرقة مستويات منخفضة من مقاومة الإنسولين، قيست بواسطة اختبار تقييم الاستتباب لمقاومة الإنسولين .HOMA.IR، من 3 وحدات قبل التجربة إلى 1.8 وحدة في غضون 12 شهرًا، وعند أولئك الذين أصيبوا بمزيد من اليرقات انخفضت درجاتهم فقط من 2.4 إلى 2.
أما مجموعة الدواء الوهمي فقد شهدت زيادة متوسطة تبلغ 0.8.
في مجموعة 40 يرقة انخفضت مستويات متوسط FBG كثيرًا مقارنة مع الدواء الوهمي في كل من 6 و 12 شهرًا.
في مجموعة 20 يرقة لم تكن هناك اختلافات في كتلة الجسم أو مؤشر كتلة الجسم مقارنة مع الدواء الوهمي في أي نقطة زمنية، على الرغم من عدم وجود فرق كبير في FBG.
أظهرت مجموعة 20 يرقة انخفاضات صغيرة ولكنها ذات دلالات إحصائية في كتلة الجسم ومؤشر كتلة الجسم مقارنة بمستويات ما قبل الدراسة في كل من 18 و 24 شهرًا.
هناك آثار جانبية نُقلت من 44% من متلقي اليرقات، كانت في الغالب خفيفة إلى معتدلة، مثل التطبّل والغثيان والإمساك والإسهال والمغص، حُلَّ معظمها دون تدخّل طبي.
لكن عانى ثلاثة أفراد من آثار جانبية مصنّفة على أنها خطيرة وأُعطوا علاجات إزالة الديدان، تعافى اثنان بينما استمرت أعراض أحد المشاركين؛ ما يشير إلى أنهما لا علاقة لهما بالدراسة.
بعد عامين، يمكن للمشاركين اختيار البقاء في التجربة لمدة 12 شهرًا آخر، أو تناول دواء للتخلص من الديدان.
سنحتاج إلى مزيد من الدراسات لاستخلاص استنتاجات مؤكدة.
إجمالًا، تشير الدراسات إلى أن العدوى التجريبية بجرعات منخفضة من الدودة الشصيّة آمنة، وترتبط بتحسينات في توازن الغلوكوز لدى المصابين بالمتلازمة الاستقلابية والمعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
علاوة على ذلك، وجدت الدراسات الحديثة أنه عندما تُزال الديدان لدى الناس، تزداد فجأة مقاومتهم للإنسولين.
ما تزال كثير من الأشياء مجهولة يمكن كشفها، على سبيل المثال:
- كيف تؤثر الديدان الشصية على الاستقلاب البشري؟
- لماذا لا تؤدي جرعة أعلى من الدودة إلى تحسين مقاومة الإنسولين بطريقة خطية؟
حجم عينة التجربة هو ببساطة صغير جدًا للإجابة على هذه الاسئلة.
اقرأ أيضًا:
طريقة جديدة لعلاج داء السكري باستخدام خلايا بشرية قادرة على إنتاج الإنسولين
طليعة الأنسولين المعيبة علامة مبكرة على السكري نمط 2
ترجمة: نور أحمد الشعار
تدقيق: لين الشيخ عبيد