تزوجت آخر ملكة مصرية من أخيها وقتلت إخوتها تعزيزًا لسلطتها. ثم أنجبت أطفالًا من حليفيها الرومانيين يوليوس قيصر ومارك أنتوني.
كانت كليوباترا السابعة آخر ملكة لمصر وآخر حاكم من البطالمة، وهم سلالة يونانية مقدونية حكمت مصر نحو ثلاثة قرون، لكنها تعرف اليوم باسم كليوباترا فقط، كانت كليوباترا سياسية استراتيجية استخدمت علاقاتها العائلية والرومانسية لتقوية مكانتها بصفتها ملكة، تضمّن ذلك إنجاب أطفال من ديكتاتوريين، والزواج من شقيقيها وقتلهما، وتنصيب ابنها الصغير حاكمًا مساعدًا.
سفاح القربى والقتل والمنافسة مع شقيقها
ولدت كليوباترا في الإسكندرية في مصر عام 70 أو 69 قبل الميلاد للملك بطليموس الثاني عشر، لكن هوية والدتها غير مؤكدة. وفي أثناء طفولتها خلع المنافسون والدها عن عرشه في مصر، واستبدلوه بأختها الكبرى بيرنيس الرابعة، سافرت كليوباترا الشابة مع والدها إلى روما وحصل هناك على الدعم لاستعادة عرشه. وبهذا الدعم أطاح بطليموس بابنته وقتلها، وفي عام 52 قبل الميلاد نصّب بطليموس ابنته كليوباترا حاكمًا مساعدًا وحكمَا مصر معًا حتى وفاته بعد عام واحد.
أصبحت كليوباترا وشقيقها بطليموس الثالث عشر -الذي كان يبلغ العاشرة من العمر- حاكمين لمصر بالمشاركة بعد وفاة والدهما عام 51 قبل الميلاد، وعكس هذا رغبة والدهما، وكان من التقاليد السياسية في ذلك الوقت أن يتزوج الشقيقان الحاكمان، لكن بعد فترة وجيزة نفاها أخوها من مصر. وعندما كانت كليوباترا في المنفى، حاولت شقيقتها الأخرى أرسينوي الرابعة المطالبة بالعرش حاكمةً مشاركة أيضًا.
كان من الصعب حقًا معرفة من يصنع القرارات في الحالات التي يكون فيها الملوك والملكات أطفالًا. ومن المحتمل أن بطليموس الثالث عشر قد نفى كليوباترا من مصر بمساعدةٍ وتأثيرٍ من مستشاريه. تقول برودنس جونز أستاذة الكلاسيكيات في جامعة ولاية مونتكلير لمجلة هيستوري: «كان لدى كل من بطليموس الثالث عشر وأرسينوي الرابعة على الأرجح معلمون طموحون بما يخص منصبيهما، وهذا ما أثر في القرارات التي اتخذاها».
لا يعرف المؤرخون الكثير عن مستشاري كليوباترا السياسيين، لكن يبدو أن والدها الراحل كان نموذجًا سياسيًا مهمًا لديها. وبعد أن نفاها بطليموس الثالث عشر من مصر، عرفت كليوباترا أنها بحاجة إلى الدعم الروماني لاستعادة العرش، وهذا ما لاحظته وتعلمته في أثناء مرافقتها لوالدها في منفاه.
تقول جونز: «حكمت كليوباترا مع والدها في آخر سنة قبل وفاته، وتعكس الطريقة التي تفاعلت فيها مع الرومان الدروس التي تعلمتها من مراقبة الطريقة التي استفاد فيها والدها من القوة الرومانية لاستعادة عرشه عندما خُلع».
تحالف كليوباترا مع يوليوس قيصر
وجدت كليوباترا الدعم الذي احتاجت إليه في يوليوس قيصر، وهو حاكم روماني متزوج بدأت معه علاقة جنسية. وقد استعادت كليوباترا السيطرة على مصر بمساعدة يوليوس قيصر عام 47 قبل الميلاد، وأصبحت حاكمة بالمشاركة مع شقيقها بطليموس الرابع عشر الذي تزوجته بعد غرق بطليموس الثالث عشر في النيل. في ذلك العام أنجبت كليوباترا طفلها الأول بطليموس الخامس عشر قيصر المعروف باسم قيصرون -الذي يعني قيصر الصغير- وقد يوحي الاسم أن هذا الطفل كان ابن يوليوس قيصر.
بعد اغتيال يوليوس قيصر عام 44 قبل الميلاد، تدّعي مصادر قديمة أن كليوباترا قتلت شقيقها وشريكها الحاكم بطليموس الرابع عشر من أجل استبداله بابنها قيصرون. لأن ابنها الرضيع لن يمثل أي تهديد مباشر لحكمها على عكس شقيقها المراهق. ومع رحيل يوليوس قيصر سرعان ما وجدت كليوباترا شريكًا رومانسيًا وسياسيًا جديدًا في روما.
العلاقة الغرامية بين كليوباترا ومارك أنتوني
كان مارك أنتوني حليفًا ليوليوس قيصر وتربطه به صلة قرابة بعيدة، وأصبح أنتوني أحد الحكام الثلاثة الديكتاتوريين للحكومة الرومانية الثلاثية الثانية، في أعقاب اغتيال يوليوس قيصر. وقد طور أنتوني علاقة سياسية وجنسية قوية مع كليوباترا كما فعل يوليوس قيصر سابقًا. وأمر أنتوني بإعدام أرسينوي الرابعة شقيقة كليوباترا بناءً على طلب كليوباترا عام 41 قبل الميلاد. وأنجبت كليوباترا توأمها من أنتوني وهما ألكسندر هيليوس وكليوباترا سيلين الثانية.
كانت علاقة أنتوني وكليوباترا معقدة كما حصل مع قيصر، فقد كان أنتوني متزوجًا عندما بدأ علاقته الرومانسية مع كليوباترا. وتوفيت زوجة أنتوني في نفس العام الذي أنجبت فيها كليوباترا توأمها من أنتوني، وتزوج بعدها شقيقة أوكتافيان أحد الحكام الثلاثة في الحكومة الثلاثية الثانية. وحصل الزواج لأسبابٍ سياسية، افترق أنتوني وكليوباترا عدة سنوات قبل استعادة علاقتهما الغرامية أمام العامة. وأنجبت كليوباترا طفلها الثالث من مارك أنتوني عام 36 قبل الميلاد وأطلقت عليه اسم بطليموس فيلادلفوس.
كان لدى أنتوني وكليوباترا دوافع سياسية واضحة لعلاقتهما، فقد استخدمت كليوباترا العلاقة للحفاظ على استقلال مصر عن روما، واستخدمها أنتوني للوصول إلى موارد مصر ودعم استمرار حكمه. وكان منافسه أوكتافيان ابن قيصر بالتبني، وقد تلاعب أنتوني بحقيقة أن قيصرون هو الطفل البيولوجي لقيصر ليجعل حكم أوكتافيان أقل شرعية.
تأجج التوتر السياسي بين أنتوني وأوكتافيان وكليوباترا في حرب أكتيوم عام 32 قبل الميلاد. وتزوج أنتوني وكليوباترا في هذا الوقت تقريبًا لكن لم يدم زواجهما طويلًا. وانتحرت كليوباترا وأنتوني عام 30 قبل الميلاد لمواجهة الهزيمة أمام أوكتافيان.
أدت الحرب إلى غزو روما لمصر تحت حكم أوكتافيان. وبعد بضع سنوات عزز أوكتافيان سلطته عندما أصبح أول إمبراطور روماني واتخذ اسم أغسطس قيصر. تزوجت ابنة كليوباترا وأنتوني -كليوباترا سيلين الثانية- من حاكم في أراضي الإمبراطورية الرومانية في شمال أفريقيا، لكن من غير الواضح ما حدث لأبناء كليوباترا وأنتوني الآخرين. أما ابن كليوباترا ويوليوس قيصر قيصرون فمن المحتمل أن أغسطس قيصر قد أعدمه.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: أميمة الهلو
تدقيق: تمام طعمة
مراجعة: باسل حميدي