الخلايا العصبية لدى مرضى التوحد تتطور وتكبر بشكل أسرع وأكبر
اكتشف باحثون في (معهد سالك في كاليفورنيا – California’s Salk Institute) في نتيجةٍ مُثيرة اختلافًا بين الطريقة التي تتطوّر فيها الخلايا العصبية عند الأشخاص المصابين باضطرابات طيف التوحد ASD وبين الأشخاص السليمين من هذا الاضطراب، ويأمل الباحثون بأن تساهم دراستهم في فهمٍ أفضل لسبب تطوّر التوحّد والمساعدة في إيجاد تقنيات تشخيصية وعِلاج أكثر فعالية.
إنّ اضطراب طيف التوحّد هو عجزٌ (صعوبة) يؤثّر على كيفية تواصل الأشخاص وتعبيرهم عن المشاعر والسلوكيات للآخرين بالإضافة لكيفية مواجهتهم للعالم المحيط بهم، ومعظم المُشَخَّصين بهذا الاضطراب هم من الأطفال وخاصّةً الصبيان منهم إذ يوجد بين كل 59 طفلًا في الولايات المتحدة طفل مصاب بالتوحّد.
لا يوجد عِلاج في الوقت الحالي للاضطراب كما أنّ السبب أو الأسباب الأكيدة له لا تزال غير واضحة إذ يُعتقد أنّ الأسباب الوراثية وفرط التشابك العصبي ضمن الدماغ كلاهما يلعبان دورًا في تطوّر هذا الاضطراب.
ويقول (سيمون شافر – Simon Schafer) طالب بحوث بعد الدكتوراه في معهد سالك في تصريحٍ له: «من المفترض حاليًا أنّ التشوّهات (الشذوذات) في المراحل الأولى لتطوّر الدماغ تؤدّي إلى لتوحّد، إلّا أنّ الانتقال من دماغ يتطوّر بشكلٍ طبيعي لاضطراب التوحّد غير واضح.
كما كان التحدّي الأكبر في هذا المجال هو تحديد المراحل التطوريّة المهمّة والحالات الخلوية المرتبطة بها. لذلك يمكن أن يوفّر هذا البحث الأساس لاكتشاف السمات المرضية الشائعة التي تظهر خلال تطوّر اضطراب التوحّد».
للنظر في كيفية تطوّر الخلايا العصبية والمُلقّبة بالعصبونات عند المصابين باضطراب طيف التوحّد أخذ الباحثون عينات لخلايا جلدية من ثمانية أشخاص مصابين بالاضطراب وخمسة أشخاص سليمين وحوّلوها لخلايا جذعية متعدّدة القدرات، وبتعريض هذه الخلايا لمواد كيميائية معيّنة استطاع الفريق تحويلها لخلايا عصبية.
(الخلايا الجذعية هي نوع من الخلايا ذات قدرة على التحّول لأي نوع من خلايا الجسم).
ثمّ استخدموا لقطات سريعة للجزيئات للنظر للنشاط الجيني للخلايا في مراحل تطوّرية مختلفة من خلال تحليل الحمض النووي RNA خاصّتها (وهو جزيء يرتبط بشكل رئيسي بإنتاج البروتين والّذي يمكن أن يحتوي على معلومات وراثية).
إذ فحصوا الخلايا في خمس نقاط مختلفة ووجدوا شيئًا مثيرًا في المراحل الأولى لتطوّرها.
في مرحلة الخلايا الجذعية العصبية حين كانت الخلايا على وشك التحّول لخلايا عصبية، مجموعة معينة من الجينات -ارتبط بعضها من قبل بالتوحّد- انتقلت إلى وضعية التفعيل بشكلٍ مُبكّر، ما أدّى إلى تسريع عملية تطوّر الاضطراب.
فقد نمت الخلايا العصبية للأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحّد أسرع وأصبحت في النهاية أضخم من تلك الخلايا العصبية الموجودة عند الأشخاص السليمين وذلك لأنّها طوّرت تفرّعات أكثر طولًا وتعقيدًا من الخلايا السليمة.
نُشرت هذه النتائج في مجلة Nature Neuroscience.
«على الرغم من أنّ عملنا اختبر فقط الخلايا في المَخبر إلا أنّ ذلك قد يساعدنا على فهم كيف يمكن أن تؤدّي التغيّرات المبكّرة في التعبير الجيني لتغيّر تطّور الدماغ لدى الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد».
بالإضافة لحقيقة أنّ الدراسة استخدمت خلايا مزروعة خارج الجسم كما من المهم ملاحظة أنّ عدد المشاركين الّذين أُخذت منهم الخلايا كان صغيرًا.
إنّ المشكلة في فهم اضطراب التوحّد وأسبابه هي وكما يشير الاسم إلى أنّ اضطراب طيف التوحّد هو عبارة عن طيف إلى حدٍّ كبير ويشمل المصطلح مجموعة من الاضطرابات مثل التوحّد و(متلازمة أسبرجر – Asperger’s syndrome) كما قد تتفاوت شدّة اضطراب طيف التوحد بشكل كبير ويمكن أن يتأثّر الأشخاص المصابون بالاضطراب بطرقٍ مختلفة.
استخدمت هذه الدراسة الجديدة خلايا من أشخاص مصابين بنوع محدّد من التوحّد الّذي يؤدّي إلى تضخّم الدماغ لذلك قد لا تنطبق النتائج على كلّ شخص مصاب باضطراب طيف التوحّد.
ويقول سيمون شافر: «نأمل بأن تعمل هذه الدراسات كإطار لتطوير طرق جديدة لتشخيص الاضطراب خلال المراحل الأولى من نمو الطفل أي قبل ظهور الأعراض السلوكية بفترة طويلة وذلك للحصول على أكبر تأثير للعلاج والتدخّل».
- ترجمة: عدي بكسراوي
- تدقيق: محمد سعد السيد
- تحرير: مازن سفّان
- المصدر