نجح العلماء للمرة الأولى في مغنطة مادة غير مغناطيسية تحت درجة حرارة الغرفة العادية، ما أدى إلى تحفيز خاصية كمومية يقولون إنها يمكن أن تمهد الطريق إلى الحوسبة فائقة السرعة.

هذا الحقل المغناطيسي القابل للتشغيل والقفل يمكن أن يُستخدم يومًا ما في تخزين ونقل المعلومات. وهذا لم يكن ممكنًا من قبل إلا في درجة حرارة شديدة البرودة.

وكما قال أليكساندر بالتيسكي المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ الفيزياء في المعهد الشمالي للفيزياء النظرية the Nordic Institute for Theoretical Physics NORDITA في بيان: «تمهد تلك النتائج الطريق لمفاتيح مغناطيسية فائقة السرعة يمكن استخدامها لنقل البيانات على نحو أسرع وتخزينها على نحو أفضل، وسيمكن أجهزة الكمبيوتر بأن تكون أسرع بكثير وأكثر كفاءةً في استخدام الطاقة».

لقد أراد العلماء منذ وقت طويل تسخير القوى الغريبة لميكانيكا الكم لتحسين أنظمة الحوسبة، كما هو الحال في الحوسبة الكمومية، ولكن الحالة الكمومية للمادة بالغة الرقّة، ويمكن أن تتفكك بسهولة، أو يحدث لها ما يسمى “تفكك الترابط الكمومي”، ويرجع ذلك إلى الضوضاء الناتجة من بعض المسببات مثل الاهتزاز الحراري أو الاهتزاز العشوائي للذرات.

للتحايل على هذه المشكلة، يعمل الباحثون الذين يحاولون التحكم بالسلوك الكمومي على تبريد المواد إلى درجة قريبة من الصفر المطلق. ولكن يُصبح من الصعب صيانة وتشغيل تلك الأنظمة.

ولكن في عام 2017 وضع بالتيسكي وزُملاؤه منهجًا نظريًا لتوليد حالة كمومية للمادة، فيما يُسمى “تعدد الحديدية الميكانيكي”، إذ يؤدي الاستقطاب الكهربائي إلى تحفيز الخاصية المغناطيسية في مادة غير مغناطيسية. ويتضمن إجراء ذلك تحريك ذرات التيتانيوم في المادة بطريقة تؤدي إلى توليد المجال المغناطيسي.

في دراسة جديدة نشرت في مجلة نيتشر Nature، شرح فريق بالتيسكي نظرية ذرات التيتانيوم المحاطة بتيتانات السترونتيوم، وهو أكسيد أُنشئ من التيتانيوم والسترونتيوم. إذ استطاع الفريق إرسال نبضات ليزر تُولد فوتونات مُستقطبة دائرية، أو جزيئات ضوئية، في نطاق ضيق جدًا من الأطوال الموجية.

أطلق الباحثون شعاع ليزر يقع ضمن الأشعة تحت الحمراء بطول موجي 1300 نانوميتر على مادة خلال فيمتو ثانية (جزء من كوادريليون جزء من الثانية) في دفعات تبلغ 800 ميكروجول، وللتوضيح، فبالمقارنة مع الليزر المستخدم في إزالة الشعر فإنه تبلغ قوته 40 جول أو 40000 ميكروجول. وعملوا على تركيز نبضات الليزر على المادة باستخدام ثلاث مرايا مكافئة parabolic لإنشاء شعاع مستدير يبلغ قُطره 0.5 ملم.

تسببت هذه النبضات في حركة دائرية للذرات داخل المادة. عندما يُستقطب الجزء ذو الحركة الدائرية الأيسر في المادة، يشير القطب الشمالي للمغنطة إلى الأعلى، وعند استقطاب الجزء ذو الحركة الدائرية الأيمن في المادة، يشير القطب الشمالي إلى الأسفل، ما يخلق حقلًا مغناطيسيًا في نفس قوة مغناطيس الثلاجة الذي يمكن تشغيله وإيقافه. وكان ذلك المجال المغناطيسي موجودًا فقط في أثناء تحريك الذرات تلك الحركة دائرية.

يتصور الباحثون أن هذا الإنجاز سيؤدي إلى مفاتيح فتح وغلق مغناطيسية فائقة السرعة يمكنها العمل في درجة حرارة الغرفة العادية، باستخدام الليزر للتحكم في الاهتزازات الدائرية للمادة. ويمكن أن يكون هذا الاكتشاف هو حجر الأساس لترانزستورات أصغر وأسرع في أنظمة الحواسيب القادمة التي لا تطلب درجات حرارة فائقة البرودة لتعمل بعد الآن.

هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء الضوء لتسخير القوى المغناطيسية في الحوسبة. ففي دراسة منفصلة أخرى استخدم العلماء الطبيعة المغناطيسية للضوء للتلاعب في الطبيعة المغناطيسية لمادة صلبة، ما قد يؤدي إلى صنع مكونات ذاكرة حاسوبية مغناطيسية فائقة السرعة في المستقبل.

اقرأ أيضًا:

شريحة جديدة تفتح الباب أمام حوسبة الذكاء الاصطناعي بسرعة الضوء

استخدام الدماغ في الحوسبة الكمية

ترجمة: محمد إسماعيل

تدقيق: حسام التهامي

المصدر