أتدري لماذا قد نقوم بإرسال رسالة إلى الماضي وإغلاقها بحيث لا أحد يستطيع أبدًا قراءة محتواها؟ هذا لأنّها من المُمكن أن تكونّ المِفتاح لحلّ مشاكل حاليّة صعبة الحلّ. ما قرأتَه حاليًّا هو تصريحٌ لمجموعةٍ عالَميَّة من الباحثين، والتي أنهَت قبل فترة نشرَ ورقة بحثٍ في صحيفة (npj Quantum information )
اكتُشِف مؤخّرًا بأنّ رسالةً غير مفتوحةٍ قد تكون ذي فائدة عظيمة، هذا صحيحٌ في حالِ قيام المجرِّب قبل إرسال الرّسالة بتوصيلها مع نظامٍ آخر في المُختبَر. إنّ هذه المُشابكة (التّوصيل) ذات التّأثير الغريب، والتي تُعتبَر مُمكنة فقط ضمن حدود مملكة فيزياء الكم، تستطيع إنشاء ارتباطاتٍ بين الرّسالة المسافِرة عبر الزّمن، والنّظام المُتواجد في المُختبر. هذه الارتباطات، تُعتَبر بمثابة الوقود لما يُعرَف بالحوسبة الكمّيَّة.
من حوالي عشر سنين مضت، أظهرَ الباحث (Dave Bacon) – حاليًّا يعمل في Google – أنّ حاسوبًا كموميًّا مسافِرٌ عبر الزَّمن، يمكنه وبسرعة حلّ مجموعة من المشاكل معروفة باسم (NP-complete)، والتي اعترف علماء الرّياضيات بصعوبتها.
تكمن المُشكلة في أنّ حاسوب العالِم ‘باكون’ الكمّيّ، من المُفترض أن يسافرَ حول ما يُعرَف “بالمُنحنيات المغلقة المُماثلة للزمن”. إنَّ هذه المنحنيات، عبارة عن ممرّات ضِمن نسيج الزّمكان، والتي تلتفّ بشكلٍ حلقيّ عائدةٍ إلى نفسِها. تسمح النِّسبية العامَّة بوجود مثل هذه الممرّات من خلال التواءات موجودة في الزّمكان تُعرَف باسم “الثّقوب الدودية” (wormholes).
يقول الفيزيائيّون بأنّه من اللازم إيقاف حصول مثل هذه التّجارب؛ لأنّها تُهدِّد ما يُعرَف بمبدأ السَّببيّة (causality) -كمثال تقليديّ على هذه الظّاهرة (مناقضة الأجداد)؛ من المُمكن لشخص مُسافر بالزّمن إلى الوراء، أن يقتلَ جدَّه، ملغيًا بذلك وجوده ووجود جدِّه في المستقبل.
وللملاحظة، لن تكون الرَّوابط العائليَّة هي الوحيدة المهدَّدة. إنّ خرق الجريان السَّببيّ للزّمن، على عواقب على فيزياء الكمّ أيضًا. خلال العقدين الماضيين، قامَ العلماء بإظهار أنّ قوانين فيزياء الكمّ الأساسيّة، تتحطّم وتفقد فعاليّتها في ظلّ وجود المنحنيات المُغلَقة المماثلة للزَّمن؛ تستطيع أن تَهزِم بتطبيقك مثل هذه التجارب، قانون عدم التّحديد (uncertainty)، ذي الصٍّفات الغريبة والمتجذِّر في الخواصّ الكموميّة، إضافة لقدرتك على خرقِ نظريّة عدم التّناسخ؛ والتي تقول بأنّ الحالات الكموميّة لا يُمكن أن ‘تُستَنسَخ’.
ولكن من ناحية أخرى، يُظهر العمل الجديد أنّ بمقدرة الحاسوب الكموميّ أن يحلَّ مشاكل غير قابلة للحلّ، وذلك عبر السّفر باستخدام المُنحنيات “المفتوحة” المُماثلة للزَّمن، والتي لا تُحدِث مشاكل في قوانين السببيّة. يعود السّبب لهذه المزيّة الخاصّة؛ بأنّ هذه المُنحنيات لا تسمح بأيّ تفاعل مع أيّ شيء من ماضي الجسم؛ لا تتفاعل الجسيمات المسافرة عبر الزمن – أو البيانات التي تحتويها – مع أنفسهنَّ في الماضي. إضافة لهذه المزيّة الفريدة، هناك مزيّة أخرى؛ وهي أنّ الخواصّ الكموميّة التي تسمح بالعمليّات الحسابيّة “المستحيلة” تبقى سليمة. “نستطيع تجنُّب المناقضات الكلاسيكيّة مثل مناقضة الأجداد (كما تقدَّم)، وفي نفس الوقت الحصول على كلِّ النتائج الغريبة التي نُريدها”، يقول (Mile Gu)، قائد العمل.
يتواجد Gu في خضم العمل ضمن مجال التّقنيات الكموميّة (CQT)، في الجامعة الوطنيّة السينغافوريّة، وجامعة (Tsinghua) في بكّين. فيما يأتي بقيّة العلماء المشاركين في العمل من جامعة أوكسفورد في بريطانيا، الجامعة الوطنيّة الأستراليّة في كانيبرا، جامعة أرض الملكات في ست لويسا في أستراليا، ومؤسّسة أمن السّلامة الكموميّة (QKD Corb) في تورنتو، كندا.
“في أيّ وقت نقوم فيه بطرحِ فكرة جديدة، يقول النّاس بأنّه من غيرِ المُمكن أن يكون للفكرة نتائج عملية”، تقول جين تومبسون، عالمة مُشاركة في (CQT). ولكن في الحقيقة، هضه النّتائج واردة؛ تستطيع الجسيمات الكموميّة المُرسَلة ضمن حلقة زمنيّة (timeloop)، أن تمتلك قُدرة حسابيّة خارقة، على الرّغم من أنّ الجسيمات لا تتفاعل أبدًا مع أيّ شيء في الماضي”. “السّبب الكامن وراء هذه النتيجة، هو أنّ بعضًا من المعلومات مخزَّنة ضمن ارتباطات مُتشابكة، وهذا ما نقوم باستغلاله”، تقول تومبسون.
لكن هناك تحذيرٌ -لا يعتقد جميع الفيزيائيّون بأنّ المنحنيات المفتوحة المماثلة للزّمن، يمكن أن تُوَظَّف مُعطيةً نتائج عمليّة في الكون الفيزيائيّ بشكلٍ أنجح ممّا قد تُنتجه المغلقة منهنَّ. تُقدم أحد النقاشات المُعاكسة للمنحنيات المغلقة المماثلة للزّمن تساؤلًا يُشكّك من توظيف مثل تلكم المنحنيات، وهو لماذا لم يزُرنا أحدٌ من المستقبل حتّى الآن. هذا النّقاش على الأقلّ، لا ينطبق على النّوع المفتوح؛ لأنّ الرّسائل القادمة من المستقبل ستكون مقفلة.