في وقت سابق من هذا العام، حطمت التجارب التوقعات من خلال دفع حدود ما كان يُعتقد أن الحوسبة التقليدية قادرة على تحقيقه. نجحت تقنية الحوسبة التقليدية في حل مشكلة كانت تُعد فريدة من نوعها في المعالجة الكمومية، بل تفوقت عليها في الأداء.

الآن أصبح لدى خبراء مركز فيزياء الكم الحاسوبية التابع لمعهد فلاتيرون تفسير لهذا الإنجاز، الذي من شأنه أن يساعد على ترسيم الحدود بين الطريقتين المختلفتين جذريًا في تحليل الأرقام.

تتضمن المشكلة محاكاة ديناميكيات ما يُسمى نموذج الحقل العرضي إيزينج (TFI)، الذي يصف محاذاة حالات الدوران الكمومي بين الجسيمات المنتشرة في الفضاء. نظرًا إلى طبيعة المشكلة، تُعد هذه المسألة موضوعًا مثاليًا لاختبار الحدود الحالية للحوسبة الكمومية، التي تستخدم الرياضيات الخاصة بالاحتمالات الكامنة وراء الجسيمات غير المرصودة وغير محددة الحالات. بقدر نجاح هذا الاختبار، أظهرت التجارب اللاحقة أن أجهزة الكمبيوتر الكلاسيكية قادرة على القيام بذلك أيضًا.

بحسب جوزيف تيندال ودريس سيلز من معهد فلاتيرون، فإن هذا ممكن بسبب سلوك يسمى الحبس، إذ تظهر حالات مستقرة للغاية في الفوضى المترابطة لخصائص الجسيمات غير المحددة، ما يمنح الكمبيوتر الكلاسيكي شيئًا يمكن نمذجته. يقول تيندال: لم ندخل أي تقنيات متطورة. جمعنا العديد من الأفكار بطريقة موجزة وأنيقة جعلت المشكلة قابلة للحل.

كان مفتاح البحث هو تحديد وجود الحبس في نموذج TFI والاستفادة منه. الحبس ليس ظاهرة جديدة، لكنه لم يكن مرتبطًا بالنموذج. يُبقي الاحتجاز الجسيمات في مجموعات أصغر، ما يحد من الطاقة المتاحة ويضع حواجز أمام أنماط التشابك التي قد تنتشر في النظام، تلك التركيبات الاحتمالية التي تميز الفيزياء الكمومية. الأمر أشبه بحل جزء من أحجية عملاقة، بدلًا من حل اللغز بأكمله. من خلال سلسلة من المحاكاة والحسابات، تمكن فريق البحث من إثبات أن خوارزميات الكمبيوتر الكلاسيكية يمكنها وصف ما يحدث في نموذج TFI، بكفاءة ودقة أكبر من الكمبيوتر الكمومي.

يقول تيندال: في هذا النظام، لن تتجمع المغناطيسات فجأة، بل ستتذبذب حول حالتها الأولية، على فترات زمنية طويلة للغاية. إنه أمر مثير للاهتمام من منظور الفيزياء، لأن ذلك يعني أن النظام يبقى في حالة محددة للغاية، وليست حالة من الفوضى الكاملة.

تضع النتائج حدودًا لما يمكن توقعه من إمكانات أجهزة الكمبيوتر الكمومية. تحديدًا المهام التي قد تكون قادرة على القيام بها على عكس أنظمة الحوسبة التقليدية، وهو ما ثبت خطأه الآن. مع ذلك، ما زال الكثير من التوقعات تنتظر التنفيذ، وما زال العلماء يحفزون الأنظمة لمعرفة ما هو ممكن.

يقول تيندال: توجد حدود تفصل بين ما يمكن القيام به باستخدام الحوسبة الكمومية وما يمكن القيام به باستخدام أجهزة الكمبيوتر الكلاسيكية. حاليًا، هذه الحدود غير واضحة بدرجة كبيرة. أعتقد أن عملنا يساعد على توضيح هذه الحدود بدرجة أكبر.

اقرأ أيضًا:

رصد الكيمياء الكمومية الفائقة لأول مرة على الإطلاق

علماء يابانيون يقتربون من إنشاء حاسوب فائق لا مثيل له

ترجمة: محمد الشرقاوي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر