الحقبة المعاصرة أو الحديثة
(غزو الثديِيّات)
بدأت الحُقبة المعاصرة أو الحديثة أو السينوزية (Cenozoic Era) قبل 65 مليون سنة، واستمرّت حتى الوقت الحاضر، وهي ثالث حقبة موثقة في تاريخ الأرض.
يُمكن اعتبار المواقع الحالية للقارّات وسُكانها في العصر الحديث بضمنهم البشر، ضمن هذه الحقبة.
بدأت الحقبة بانتهاء حدث الانقراض الطباشيري-الباليوجيني «Cretaceous-Paleogene» الذي وقع في نهاية العصر الطباشيري، وقضى على ما تبقى من الديناصورات غير الطيرية (non-avian dinosaurs) -انقرضت معظم الديناصورات في نهاية العصر الطباشيري وبداية الحقبة المعاصرة بعد أن عاشت على الأرض لنحو 200 مليون سنة-.
استخدم مصطلح الحقبة المعاصرة (والذي لفظ في بادئ الأمر «كاينزونيك») في الأصل في إحدى مُدخلات موسوعة بيني (Penny Cyclopedia encyclopedia) عام 1840 في مقالة كتبها عالمُ الأرض البريطاني جون فيليبس (John Phillips). اشتق الاسم من العبارة اليونانية التي تعني «الحياة الحديثة».
تُقسَّم الحُقبة المعاصرة (السينوزية) إلى ثلاثة عصور:
- العصر الباليوجينيّ(Paleogene Period) : امتد من قبل 65 مليون سنة إلى قبل 23 مليون سنة، والّذي يتكون من العهد الباليوسيني «Paleocene»، العهد الإيوسيني «Eocene» والعهود الأوليغوسينية «Oligocene epochs».
- العصر النيوجينيّ :(Neogene Period) امتد من قبل 23 مليون سنة إلى قبل 2.6 مليون سنة، والّذي تضمن العهد الميوسيني (Miocene) والعهود البليوسينية Pliocene epochs)).
- العصر الرباعيّ :(Quaternary Period) امتد من قبل 2.6 مليون سنة إلى الوقت الحاضر، يتألف من العهود البليستوسينية (Pleistocene) والعهود الهولوسينية (Holocene). المقبول على نطاق واسع أننا لا نزال في العهد الهولوسينيّ، لكنّ بعض العُلماء يقولون إنّنا دخلنا العهد الأنثروبوسينيّ (Anthropocene).
- في مقال نُشر في المجلة العلمية «العلوم البيئية والتكنولوجيا» عام 2010، قدَّم العُلماء حُقبة جديدة، ألقوا فيها اللوم على البشر لتسببهم بتحولات جذرية في الظروف (المناخية وغيرها).
المناخ والجغرافيا
كان المناخ العالمي في الجزء المبكر من فترة الحقبة المعاصرة (السينوزيّة) أكثرُ دفئًا بكثير ممّا هو عليه اليوم، وكان المناخ العام للأرض أكثر توافقًا بكثير بغض النظر عن القرب من خط الاستواء.
حدثت الفترة الأهمّ من ظاهرة الاحتباس الحراري، والمعروفة باسم الحرارة القصوى الباليوسينية-الإيوسينية«Paleocene–Eocene Thermal Maximum» قبل 55.8 مليون سنة. وتبعها بعد ذلك فترة باردة وطويلة وجافة.
حدث الاحتباس الحراري الحالي أساسًا بسبب نشاط الإنسان.
شهد كُلّ جزءٍ من الحقبة المعاصرة مناخًا مختلفًا.
كان معظم مناخ الأرض خلال الفترة الباليوجينية استوائيًا.
بينما شهدت العصر النيوجينيّ بردًا جذريًا، والذي استمر إلى العهد البليستوسينيّ في العصر الرباعيّ.
أمّا بالنسبة للمشهد المتغير، فقد انجرفت القارّات بعيدًا خلال العصر الباليوجينيّ، ما خلق مساحاتٍ شاسعةً من المحيطات. كان لهذا تأثيرٌ كبير على المناخ والحياة البحرية التي تحيط كل قارّة.
خلال العهد البليستوسينيّ، غطت الأنهار الجليدية وسط قارّة أمريكا الجنوبية، وامتدت شرقًا حتى نيويورك، جنوبًا حتى كَنساس ونبراسكا وغربًا حتى شمال الساحل الغربي.
وتكوّنت البحيرات الكبرى مع انحسار الأنهار الجليدية.
العديد من سلاسل العالم الجبلية الأولى، بضمنها جبال الألب، والهمالايا وجبال روكي (الجبال الصخرية)، كانت قد تكوّنت خلال الحقبة المعاصرة (السينوزيّة).
الحياة خلال الحقبة المعاصرة
عُرفت الحقبة المعاصرة أيضًا بأنّها عصر الثّديِيّات بسبب انقراض العديد من مجاميع الثّديِيّات العملاقة، ما سمح للأنواع الأصغر بالازدهار والتنوع، لأنّ الحيوانات التي كانت تفترسهم لم تعد موجودة.
بسبب المدّة الزمنية الطويلة التي غطّتْها الحقبة، من المفيد مناقشة أعداد الحيوانات وفقًا لمعالم العصر وليس عمومًا.
كانت بداية العصر الباليوجينيّ وقت شيوع الثّديِيّات التي نجت من العصر الطّباشيريّ.
شاعت القوارض والخيول الصغيرة في وقت لاحق من هذه الفترة، كجنس هيراكوثيريوم (من فصيلة الخيل) «Hyracotherium»، وظهر وحيد القرن (rhinoceroses) والفيلة.
وفي نهاية العصر، أصبحت الكلاب والقطط والخنازير شائعة.
كما اختفت الديناصورات البقية بخلاف عدد قليل من الطيور (التي صُنّفت على أنّها ديناصورات) أبرزها التيتانيس Titanis)).
وازدهرت الطيور غير الطائرة، كالغاستورنيس (Diatryma).
أدّى العصر النيوجينيّ إلى نشوء الرئيسيّات الأولى، بما في ذلك الإنسان الأول.
وازدهرت البقريّات، بضمنها الأبقار والأغنام والماعز والغزلان والظباء خلال هذه الفترة.
كانت أسود الكهف والسّنَّوْرِيَّات ذات الأسنان السيفيّة ودببة الكهف والغزلان العملاقة وحيوانات وحيد القرن الصوفي وحيوانات الماموث الصوفي، هي الأنواع السائدة في العصر الرباعيّ.
كان للحياة النباتية فرصة للازدهار خلال الحقبة المعاصرة لولا وجود الديناصورات.
وكل نبات يعيش اليوم يمتلك جذورًا تعود إلى الحقبة المعاصرة تقريبًا.
خلال الجزء المبكر من الحقبة، اجتاحت الغابات معظم أمريكا الشمالية.
مع ذلك، ماتت الغابات مع برود المناخ، ما خلق أرضًا مفتوحة.
نظرًا لاتساع المحيطات، انتشرت أسماك القرش والحيتان والحياة البحرية الأخرى.
كانت البحيرات العظمى التي تشكلت غربَ الولايات المتحدة خلال العهد الإيوسينيّ بمثابة المنزل المثالي لأسماك القاروس والسلمون، وغيرها من أنواع حيوانات المياه العذبة.
بانحسار الغابات، بدأت الأعشاب بالانتشار على سهول أمريكا الشمالية وغطّت نباتات السافانا الأرض في منتصف القارّة.
كان الصّنَوْبر والطحالب والسنديان والأعشاب من بين النباتات الأكثر شيوعًا.
هيمنت النباتات المزهرة والمحاصيل القابلة للأكل على المشهد في الجزء اللاحق من هذه الحقبة مع بداية زراعة الإنسان للأرض.
إعداد: أحمد السراي
تدقيق: عبدالسّلام الطّائيّ