يتزامن وصول كوكبنا إلى أقرب نقطة من الشمس، التي تُسمى نقطة الحضيض، مع إصابته بعاصفة جيومغناطيسية صغيرة من الفئة (G1).
في 4 يناير 2023، وصلت الأرض إلى أقرب نقطة من الشمس، في حدث سنوي يُسمى الحضيض الشمسي. تتفاوت المسافة الدقيقة بين عام وآخر. في حضيض 2023، يدور كوكبنا في مداره على مسافة 147 مليون كيلومتر من الشمس، أي أقرب بـ 4.8 مليون كيلومتر من الأوج الشمسي، وهي أبعد نقطة عن الشمس والذي سيحدث في 6 يوليو.
يبدو أن شمسنا قررت أن تحتفل بصخب بهذا الحدث، ففي 4-5 يناير، ضربت كرة من الجسيمات الشمسية، تُسمى الانبعاثات الكتلية الإكليلية، المجال المغناطيسي للأرض.
كان من المتوقع أن يسبب الاصطدام عاصفة جيومغناطيسية محدودة من الفئة (G1)، التي من شأنها أن تعطل عمل شبكات الطاقة فترةً وجيزة، وتسبب انقطاعًا راديويًّا، وتدفع الشفق القطبي جنوبًا أكثر من المعتاد، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
لكن ليس من المحتمل أن يكون لهذه العاصفة تأثير في كوكبنا أو الكائنات الحية التي تعيش عليه، إذ يمكننا الاستمتاع بمشاهدة الأضواء الكونية.
ما الحضيض الشمسي؟
مدار الأرض حول الشمس ليس دائريًا، بل شبه بيضوي. ما يعني أن الأرض تدور مقتربةً من الشمس لفترة من العام ومبتعدةً عنها في فترة أخرى.
على مدى سنوات عديدة، يحدث الحضيض الشمسي في غضون أسابيع قليلة من الانقلاب الشتوي، أي البداية النظرية لفصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، عندما يكون القطب الشمالي في الميل الأقصى له مبتعدًا عن الشمس، والقطب الجنوبي يميل مقتربًا منها. هذا الاقتران بين الانقلاب الشتوي والحضيض الشمسي ليس سوى مصادفة، إذ يتعلق الانقلاب بميل الأرض تجاه الشمس، في حين يرتبط الحضيض الشمسي بالمسافة بين الكوكب والشمس.
يتغير توقيت الحضيض الشمسي نحو يومين كل قرن، بسبب التغيرات الدقيقة في مدار الكوكب. عام 1246، حدث الحضيض الشمسي والانقلاب الشتوي في اليوم ذاته. في العام 6430، سيتوافق الحضيض تمامًا مع الاعتدال الربيعي «20 مارس». من قبيل المصادفة أيضًا أن الحضيض الشمسي هذا العام يتزامن مع عاصفة شمسية.
تحدث العواصف الشمسية عندما تصطدم الجسيمات الشمسية المشحونة بالمجال المغناطيسي للأرض، ما يؤدي إلى انضغاطه، والسماح لبعض الجسيمات بالتساقط على الغلاف الجوي العلوي. تسبب تلك العواصف ظهور الشفق القطبي، وانقطاعًا راديويًا في بعض الأحيان عند دوائر العرض العليا، لكن بعضها، مثل حدث كارينغتون عام 1859، يمكن أن يدفع الشفق من كلا القطبين وصولًا إلى خط الاستواء، ويسبب انقطاعات كهربائية على مستوى العالم.
تحدث العواصف الجيومغناطيسية بسبب الانبعاثات الكتلية الإكليلية، وهي اندفاعات عملاقة من الجسيمات المشحونة، تنطلق من الشمس عندما تتشابك خطوط مجالها المغناطيسي بشدة ثم تنفجر فجأة. ترتبط هذه التشابكات المغناطيسية غالبًا بالبقع الشمسية، وهي مناطق شديدة النشاط المغناطيسي على سطح الشمس، تظهر وتختفي دوريًا.
إذا كانت البقعة الشمسية موجهة نحو الأرض خلال إحدى هذه الانفجارات، فإن الانبعاثات الكتلية الإكليلية ستعصف باتجاهنا على مدار عدة أيام. كان من المتوقع أن تضرب الانبعاثات الكتلية الإكليلية الأرض في الرابع والخامس من يناير، متدفقةً من بقعة شمسية ظهرت يوم 30 ديسمبر.
للشمس دورة نشاط مدتها أحد عشر عامًا، ومع ظهور المزيد من البقع الشمسية والاضطرابات المغناطيسية، والاقتراب أكثر من ذروة الدورة الشمسية، يُتوقع أن يبلغ النشاط الشمسي ذروته في يوليو 2025، إذ ستزداد العواصف الشمسية عددًا وشدة.
اقرأ أيضًا:
رصد تغير كبير في الحرارة داخل غيوم كوكب المشتري
ترجمة: حنا مسيكه
تدقيق: دوري شديد
