على مر التاريخ البشري، شُيّدت حضارات عظيمة وازدهرت واندثرت. وثّق المؤرخون عددًا منها؛ ما ساعد الحضارات التي عقبتها على دراسة نشأتها وتراجعها. تركت بعض الحضارات آثارًا وعلامات لزوالها، بينما لم تترك أخرى أي علامات، وقد اختفت فجأة وما زالت لغزًا.
إليكم بعض الحضارات المنسية الغامضة:
1- حضارة المايا
امتدّت إمبراطورية المايا في أوجها في شتى أنحاء شبه جزيرة يوكاتان وفي ما يُعرف بغواتيمالا وبليز وأجزاء من المكسيك، ما جعلها أكثر الحضارات هيمنة مقارنة معاك الحضارات الأخرى. كانت حضارة المايا متقدمة جدًا، إذ أظهرت مهارات هندسية لافتة للنظر وطبقت مبادئ رياضية معقدة على أرض الواقع.
لم تستطع حضارة المايا الحفاظ على نفسها وعانت اندثارًا حادًا في عام 900. يعتقد علماء الآثار أن حضارة المايا وقعت ضحية الحرب الدائرة المصحوبة بالتغير المناخي، اللذان أسفرا عن القحط والجوع ما أدى إلى حركة نزوح من المدن الكبرى.
إضافة إلى ما سبق، قد يكون هناك دور للهلاك الذي حل بالأرياف، ما أدى إلى تضاؤل الموارد.
2- إمبراطورية الخمير
في الجانب الآخر من العالم، امتدت امبراطورية الخمير في ما يُعرف بكمبوديا حاليًا، وامتلكت أنغكور -أكبرمدنها- نظام طرق وقنوات واسع، وقُدّر عدد سكانها بمليون شخص.
استمر أوج إمبراطورية الخمير بين العام 1000-1200، الخبراء غير متأكدين من سبب اختفاء هذه الحضارة، تاركة مدنها تحت رحمة الأدغال القاسية، تتنوع النظريات حول ذلك من حروب إلى كوارث بيئية.
3- حضارة وادي السند
تُعرف أيضًا بحضارة هارابا، شملت أوسع المناطق في التاريخ القديم، إذ امتدت في أجزاء من الهند وباكستان وأفغانستان، ويُقدّر عدد سكانها بخمسة ملايين شخص. شيّدت حضارة وادي السند في فترات أوجها بعضًا من أبهى الأعمال المعمارية في العالم، إلى جانب إنجازات أخرى.
اختفت هذه الحضارة قبل نحو 3000 سنة لأسباب مجهولة. تقترح إحدى النظريات أنها وقعت ضحية تغير المناخ الذي أدى إلى الجفاف والمجاعة.
4- جزيرة الفصح (القيامة)
تُسمى رابا نوي أيضًا، تشتهر بتماثيل الرؤوس الحجرية العملاقة المحاذية لشواطئها.
هي موطن حضارة البولينزيين المزدهرة الذين استقروا فيها نحو 700 سنة، وكان سكانها بحارة ماهرين وأظهروا قدرات متقدمة أخرى.
يظن البعض أن تدهور هذه الحضارة يعود إلى نقص الموارد الطبيعية، إضافة إلى الأمراض وعوامل أخرى قد تكون أثرت في ذلك.
5- جاتال هويوك
يُعد جنوب وسط تركيا الحديثة موطن أقدم المدن في العالم؛ مدينة جاتال هويوك.
كانت جاتال هويوك جزءًا من حضارة واسعة قبل نحو 9000-7000 عام لكنها اختفت فجأة. أكثر ما يميز المدينة هيكلية الأبنية المتراصة الشبيهة بخلية النحل، إذ كان السكان يصلون إليها عبر فتحات في السقف بواسطة السلالم والممرات الهوائية.
لم يترك السكان وراءهم سوى ثروة من المقتنيات تروي لنا تفاصيل حياتهم وطقوسهم.
6- شعوب الميسيسيبي
كانت الأمريكيتان الجنوبية والوسطى موطن حضارة زراعية عُرفت بحضارة شعوب الميسيسيبي، امتدت تلك الحضارة من عام 700 حتى فترة الاتصال مع الأوروبيين والاستعمار.
تمركزت أكبر مدنهم؛ كاهوكيا، قرب ما يُعرف حاليًا بمدينة كولينزفيل في ولاية إلينوي، وقُدّرت مساحتها بنحو 15.54 كيلومتر مربع، يتوسطها ساحة مركزية واسعة، فيها أهرامات ترابية وهياكل خشبية شبيهة بآثار ستونهنج التي استُخدمت لتعقب النجوم.
يقدّر البعض عدد سكان كاهوكيا بنحو 40 ألف شخص، عاش العديد منهم في القرى المجاورة للمدينة. أما سبب الزوال التدريجي لشعوب الميسيسيبي مجهول مثل الحضارات الأخرى، إلا أن هناك نظريات شهيرة ترجّح أن سبب الزوال كان التدهور البيئي أو المجاعات أو الأمراض الناجمة عن سوء الصرف الصحي.
اقرأ أيضًا:
سبع حضارات مفقودة نسيها التاريخ دون آثار
ترجمة: رغد جيوسي
تدقيق: سماح عبد اللطيف
مراجعة: عبد المنعم الحسين