تُظهر الأبحاث أنّ أعدادًا متزايدة من النساء اللواتي يعانين في فترة انقطاع الطمث وما حولها قد يستخدمن الحشيش الطبي (medical cannabis) لتخفيف الأعراض. يرى بعض الخبراء حسب التقارير المتعلقة بتعاطي الحشيش بين النساء في سن اليأس أن الأمر قد يكون مبالغ فيه.
صحيح أن القنب قد يوفر بعض الراحة من أعراض انقطاع الطمث، لكن الخبراء يرون أنّ اتفاقية التنوع البيولوجي CBD قد تكون بديلًا أكثر أمانًا لأنّ أبحاث القنب لا تزال محدودة.
تظهر دراسة أجريت عام 2020 أنه من كل 4 من المحاربات القدامى توجد امرأة تستخدم القنب لعلاج أعراض انقطاع الدورة الطمثية. ويشير بحث جديد نُشر في مجلة Menopause إلى أنّ عدد النساء اللواتي يستخدمن الحشيش الطبي لتخفيف أعراض سن اليأس وفترة ما قبل انقطاع الطمث قد يكون أعلى من ذلك بكثير.
قالت الدكتورة ستيفاني فوبيون، المديرة الطبية لجمعية سن اليأس في أمريكا الشمالية: «وجدت هذه الدراسة أنّ استخدام الحشيش الطبي قد يكون شائعًا بين النساء اللواتي يعانين أعراض فترة ما قبل انقطاع الدورة الطمثية».
يحذر الباحثون من أنّ الدراسات محدودة ولا تزال قيد البحث حول تأثير القنب على أعراض سن اليأس مثل القلق والاكتئاب والنوم والألم.
وأضافت الدكتورة ستيفاني: «يجب على مختصي الرعاية الصحية سؤال المرضى عن استخدام الحشيش الطبي لأعراض انقطاع الدورة الطمثية وتقديم توصيات مبنية على الدليل لتدبير الأعراض».
المزيد من النساء يستخدمن القنب لتخفيف أعراض سن اليأس
تتضمن الدراسة الجديدة أكثر من 250 امرأة في سن اليأس وما قبله، اشتركن من خلال إعلانات مستهدفة حول صحة المرأة واستخدام القنب. أكثر من 83% من المشاركات بالدراسة يستخدمن القنب عدة مرات لعلاج الأعراض المرتبطة بسن اليأس، وبحسب تعريف الباحثين تحددت هذه الأعراض بمرة واحدة على الأقل شهريًا.
تظهر الدراسة أنّ القنب كان الاستخدام الأكثر شيوعًا لتحسين النوم والمزاج أو مشكلات القلق. النسبة العظمى من المشاركات (84%) دخنّ الحشيش لتخفيف الأعراض بينما أكلت 78% منهن تقريبًا نبات القنب.
مع أنّ النتائج تبدو إيجابية، فإن الدراسة تخضع لتحيز داخلي نتيجة ولع بعض المشاركين بالقنب.
ذكر الدكتور فيليس غيرش طبيب أمراض النساء والتوليد ومؤسس المجموعة الطبية التكاملية في إيرفين بولاية كاليفورنيا: «لا قيمة لما وجدته الدراسة فيما يخص الأرقام وصحتها … لكنها تطرح موضوعًا مهمًّا حول المعاناة التي تمر بها النساء في سن اليأس دون مساعدة من المؤسسات الطبية».
قد توجد مبالغة في كمية القنب التي تستخدمها النساء في سن اليأس
ذكر غيرش أنّ عددًا قليلًا من مريضاته أبلغن عن استخدام الحشيش لعلاج أعراض انقطاع الطمث. وأضاف:«أُسمّي الحشيش (الطب الأخضر)، لكن لا توجد لدينا بيانات كافية عن الفعالية والسلامة. إنه حقًا دواء يجب التحدث عنه مع الطبيب، ويجب على المريضات إدراك وجود المزيد من الخيارات المختبرة كالعلاج بالهرمونات». ووفقًا لغريش، ربما بالغ البحث الجديد في تقدير استخدام الحشيش.
في الواقع وجد الباحثون أنّ عدد النساء اللواتي يستخدمن الحشيش لعلاج أعراض انقطاع الطمث أكثر من اللواتي يستخدمن العلاج بالهرمونات أو الأنواع التقليدية الأخرى لتدبير أعراض انقطاع الطمث. وقالت فوبيون:«هذا مزعج لأنّ العلاج بالهرمونات هو العلاج الأكثر فعالية لأعراض انقطاع الطمث، وعادةً ما تفوق فوائدها المخاطر التي تتعرض لها النساء في الخمسينيات من العمر وفي غضون عشر سنوات من انقطاع الطمث، من ناحية أخرى، القنب ليس علاجًا مثبتًا لانقطاع الطمث».
كيف يخفف القنب من أعراض انقطاع الطمث؟
بحسب ما يشرحه الدكتور آرون جلفاند طبيب أمراض النساء والتوليد في مركز شويس بوينت لعلاج الإدمان في نيوجيرسي، يسود اعتقاد بأن كثيرًا من الأنظمة الفيزيولوجية تتأثر بنظام كانابينويد، والقنبيات النباتية مثل CBD و THC تنشط هذا النظام، وعليه تتأثر الأنظمة الفيزيولوجية التالية:
- النوم.
- درجة حرارة الجسم.
- الاستقلاب (الأيض).
- الاستجابة المناعية.
- الذاكرة.
- المزاج.
- التكاثر.
- الجوع.
- الإحساس بالألم.
- التوتر.
وبحسب جلفاند، يُستخدم القنب أيضًا للمساعدة في علاج القلق والاكتئاب والنوم وحتى جفاف المهبل بين النساء في سن اليأس، ويقول: «اللوزة هي المسؤولة عن العواطف والسلوك والتحفيز… وتزداد تلك الاستجابات في سن اليأس، وهنا يأتي دور القنب في قمع الاستجابة وتخفيف الأعراض كالاكتئاب والقلق».
ومع ذلك فإنّ استخدام الحشيش للمساعدة على النوم قد يكون له نتائج مختلطة عند النساء اللواتي يعانين انقطاع الطمث. وأوضح جيلفاند: «مع أنّ مادة THC لها تأثير مهدئ، فقد يكون لها تأثيرات محفِزة عند بعض الناس، سيما أولئك الجدد أو الذين يتناولون كميات كبيرة، في هذه الظروف قد يؤدي تدخين القنب قبل النوم إلى صعوبة في النوم … ويبدو أنّ الجرعات الصغيرة من الكانابيديول (CBD) يشجع على اليقظة، وبتراكيز أكبر قد يحفز الكانابيديول على النعاس».
بالنسبة لعلاج جفاف المهبل، أشار جلفاند إلى أنّ استخدام المنتجات المحتوية على CBD في أنسجة المهبل أو الفرج لم يدعمه أي بحث سريري.
الكانابيديول بوصفه بديل القنب
أوصى غيرش أنه لدى استخدام القنب لعلاج أعراض انقطاع الطمث فإنه يفضل المنتجات القائمة على القنب مثل CBD على المنتجات الحاوية على THC (المكون النفسي الرئيسي الموجود في القنب).
ترتبط CBD وأشباه القنب الأخرى مثل THC بمستقبلات في الدماغ متعلقة بالذاكرة والوظيفة المعرفية والألم.
قال ميتشل إتش ستيرن، الرئيس والمدير التنفيذي لمشاتل (Burning Bush Nurseries) في كاليفورنيا: «غالبًا ما تجد النساء اللواتي يعانين انقطاع الطمث الراحة من الأعراض الشائعة لهذا السبب بالذات … بدأت بعض العلامات التجارية لاتفاقية التنوع البيولوجي CBD في تلبية الاحتياجات الفريدة لهذه السوق الناشئة بخلط منتجاتها بأشياء مثل الكركديه والأعشاب الطبيعية الأخرى التي تساعد النساء في الحصول على الراحة في سن اليأس».
ما زلنا بحاجة إلى لمزيد من الأبحاث
حذر الخبراء أنّ الفوائد المزعومة لاستخدام الحشيش لتخفيف أعراض انقطاع الطمث تحتاج إلى المزيد من الدراسة. قال الدكتور ديفيد كولبيبر المدير الإكلينيكي لشركة الصحة عن بعد (LifeMD): «مع عدم وجود أبحاث كافية حول استخدام الحشيش لأعراض انقطاع الطمث، سأكون مترددًا في النصح باستخدام القنب المحتوي على THC لهذا الغرض … من واقع خبرتي، فإنّ معظم الفوائد الصحية المضادة للالتهاب والفوائد الصحية الأخرى المقدمة للمرضى من منتجات القنب لا تأتي من THC بل من CBD وهو مركب حميد وليس له تأثيرات نفسية. من المحتمل أنّ النساء اللواتي يستخدمن الحشيش للحصول على فوائد CBD يتعرضن عن غير قصد لمركب THC».
كما هو الحال بالنسبة للخبراء الآخرين أوصى كولبيبر النساء اللاتي يعانين انقطاع الطمث بتجربة CBD للمساعدة في تخفيف الأعراض بدلًا من منتجات القنب التي تحتوي THC.
خلاصة
ساهم انتشار الحشيش الطبي في الولايات المتحدة في زيادة عدد النساء اللواتي يستخدمن هذا الدواء لعلاج أعراض انقطاع الطمث وفترة ما حول انقطاع الطمث. لكن بعض الخبراء يقولون إن هذه الأرقام قد يكون مبالغًا فيها إلى حد ما، ويحذرون من أنّ الأبحاث حول السلامة والفعالية ما تزال محدودة، وإلى حين إجراء أبحاث أكثر دقة وصرامة يوصي الباحثون باستخدام العلاج الهرموني بديلًا من الدرجة الأولى أو تجربة منتجات CBD، وتُنصح النساء التي تعاني أعراضًا مرتبطة بانقطاع الطمث أو ما قبل انقطاع الطمث بسؤال الطبيب عن أكثر خيارات العلاج أمانًا لمساعدتهن في الحصول على الراحة.
اقرأ أيضًا:
انقطاع الطمث: ما الأصل التطوري له؟ ولماذا تعيش النساء طويلًا؟
ترجمة: محمد انبيعه
تدقيق: بدور مارديني
مراجعة: محمد حسان عجك