وجدت دراسة عالميةٌ أنّ الأطعمة قليلةَ المُلوحةِ قد لا تكونُ مفيدةً وإنّما قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وحالات الوفاة، مقارنة بمتوسط استهلاك الأملاح في الأطعمة، بعكس المعتقدات الفكرية المنتشرة بيننا والتي تقول بفائدة الحدّ من تناول الأطعمة المملحة.
وتُشير الدراسة إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم واستهلاك نسبة عالية من الأملاح، هم مَن عليهم القلق حولَ خفض نسبة الصوديوم لديهم.
وتتضمّن الدراسةُ أكثرَ من 130,000 شخصٍ من 49 دولة مختلفة، بقيادة باحثين من مركز الأبحاث الصحية للسكان من جامعة ماك ماستر وهاملتون للعلوم الصحية McMaster University and Hamilton Health Sciences» ».
تمّ النظرُ بشكلٍ خاصّ إلى وجود علاقة بين استهلاك الأملاح والوفاة، وبين أمراض القلب والسكتة الدماغية. والتي تختلف في الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم عند مقارنتهم بأصحاب ضغط الدم الطبيعي.
أظهر الباحثون أنّه بغضّ النّظر عن ارتفاع ضغط الدم، فإنّ الحدّ من تناول الملح مرتبطٌ بالمزيد من النّوبات القلبية والسكتات الدماغية ونسبة الوفيات مقارنة بمتوسط استهلاكه.
ويذكر «أندرو مينت-Andrew Mente» الباحث الرئيس للدراسة وأستاذ مشارك في علم الأوبئة السريرية والإحصاء الحيوي بكلية ماك ماستر الطبية «McMaster’s Michael G. DE Groote» قائلًا: «تلك النتائج كانت مهمة لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم».
ويقول أيضًا: «بينما تركّز بياناتنا على أهمية الحدّ من تناول نسب عالية من الأملاح لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم، إلا أنّه لا يدعم التقليل من تناول الملح إلى مستويات متدنية جدًا».
ويكمل قوله: «النتائج التي توصلنا إليها في غاية الأهميّة لأنّها تظهر لنا أنّ خفض نسبة الصوديوم هو هدف كلّ مصاب بارتفاع ضغط الدم وأولئك الذين يستهلكون كميات مرتفعة من الصوديوم في غذائهم».
تشير الإحصائيات في كندا أنّ متوسط استهلاك الصوديوم بين 3.5 و4 غرامات في اليوم الواحد، وهناك بعض التوجيهات من أجل تخفيض ذلك المعدل لأقل من 2.3 غرام لليوم الواحد، المعدل الذي لم يستطع تحقيقه إلا 5% من تعداد سكان كندا والعالم.
وقد أظهرت دراساتٌ سابقة أنّ استهلاك الصوديوم بكميات قليلة -مقارنةً بالكميات المعتدلة- مرتبطٌ بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ونسبة الوفيات أيضًا. حتى لو وجدت العلاقة بين انخفاض تناول الاملاح بانخفاض ضغط الدم.
تُبين هذه الدراسة الجديدة أنّ المخاطر المرتبطة بانخفاض كمية الصوديوم –أقل من 3 غرامات لليوم الواحد- هي مخاطر ثابتة بغض النظر عن حالة ارتفاع ضغط الدم للمريض.
وأظهرت النتائج من ناحية أخرى أنّه في حين تمّ تقليل كمية الصوديوم المتناولة قد يكون الأمر غير آمن، وأنّ الضرر المرتبط بارتفاع نسبة استهلاك الصوديوم تقتصر فقط على من يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
فقط ما يقارب 10% من النسبة السكانية في هذه الدراسة العالمية مصابون بارتفاع ضغط الدم وارتفاع استهلاك الصوديوم (أكثر من 6 غرامات لليوم الواحد).
يقول مينت: «إنّ هذا يشير إلى أنّ غالبية الأفراد في كندا ومعظم الدول يستهلكون كميات مناسبة من الملح».
وأضاف: «إنّ هدف الدراسة هو الحدّ من تناول الأملاح للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم والذين يتناولون الأملاح بكميات كبيرة أيضًا، أمّا على النطاق السكاني فإنّه من الأفضل الحدّ من تناول الصوديوم في معظم البلدان ماعدا تلك التي يكون فيها معدل استهلاك الصوديوم عاليًا جدًا، مثل وسط آسيا والصين».
وأردف قائلًا: «إنّ المعايير المتداولة الآن حول الحدّ الأقصى من تناول الأملاح لليوم الواحد تعتبر معاييرَ منخفضة، بغض النظر عن مستوى ضغط الدم».
ويذكر مينت أيضًا: «الحدّ من تناول الأملاح يقلّل من ضغط الدم بشكل طفيف، مقارنةً بمتوسط استهلاكه. ولكنّ تناول الملح بكميات قليلة لها فوائد أخرى كمقاومة ارتفاع بعض الهرمونات (والتي قد تفوق كل الفوائد المتبقية). ولكن السؤال الأهم لا يكمن في العلاقة بين الحد من تناول الصوديوم وانخفاض ضغط الدم، بل هل يساعد الحدّ من تناول الصوديوم في تحسين الصحة أم لا؟».
ويذكر «د.مارتن أودونل-Dr. Martin O’Donnell» بروفيسور في العلوم السريرية بجامعة ماكماستر «McMaster University» وجامعة إيرلندا الوطنية في غالوي «National University of Ireland Galway» مشارك بالبحث قوله: «هذه الدراسة تضيف إلى فهمنا للعلاقة بين تناول الملح والصحة، وتضيف تساؤلاتٍ حول المعايير الحالية التي توصي بتناول كميات قليلة من الصوديوم على مستوى السكان».
ويقول أيضًا: «إنّ المنهج الذي يوصي بالاعتدال في تناول الملح -بالتركيز على مصابي ارتفاع ضغط الدم خاصّة – هو الأكثر توافقا مع الأدلة الحالية».
تمّ تمويل هذه الدراسة بأكثر من 50 مصدر متضمنًا المصادر التالية:
مركز الأبحاث الصحية للسكان «Population Health Research Institute»
والمؤسسة الكندية لأمراض القلب والسكتات الدماغية
Heart and Stroke Foundation of Canada»»
والمؤسسة الكندية لأبحاث العلوم الصحية
«Canadian Institutes of Health Research»
ترجمة: رزان بن سلمان
تدقيق: عبدالسلام الطائي
المصدر