هل توجد حدود فيزيائية أخرى في الكون بخلاف سرعة الضوء؟ الإجابة: نعم.
أسرع سرعة:
طبقًا للنظرية النسبية، لا يوجد أي شيء أسرع من الضوء (الثابت c).
فبينما أنت ترى الضوء دائماً بنفس السرعة، فلا يهم كم هي سرعتك الحالية، فدائماً سيتجاوزك الضوء بنفس السرعة (300 ألف كيلومتر في الثانية).
ففرصة لحاقك بشعاع الضوء مستحيلة، ودائماً سيراك الآخرون أبطأ من الضوء. مع ذلك، يجب توضيح الاعتقاد السائد بأنّ الثابت (c) في معادلات أينشتاين تمثّل سرعة الضوء؛ هذا غير دقيق.
هذا الثابت يساوي سرعة 299,792,458 متر/الثانية، وهي السرعة التي يجب أن يتحرك بها أي جسيم بدون كتلة، وبذلك هي الحدّ الأقصى للسرعة في الكون. *يُصادف* أن للضوء نفس هذه السرعة.
هذا يعنى أننا إنْ وجدنا للفوتونات كتلة صغيرة (وهذا قد يحدث في كون آخر بسبب آلية هيجز في بداية نشأة الكون)، فبالتالي ستكون سرعة الضوء أبطأ، هذا لن يغير من الثابت (c) في المعادلات، بل هذا سيعني أنه لا يوجد في الكون ما يتحرك بسرعة هذا الثابت الكوني.
أكثف كثافة:
كلما ضغطت بشدة على شيء ما، كلما زادت كثافته. في العادي، هذا إنعكاس لتقلص المسافة بين ذراته.
ولكن لو كان الضغط بالقدر الكافي، فستجد الذرات أنه من الأسهل عليها لو دمجت إلكترونتها مع بروتوناتها والتي بدورها تتحول إلى نيوترونات.
وبدون مقاومة الغشاء الإلكتروني، فتتجه الذرات الفارغة تقريباً للارتباط ببعضها مباشرةً (نواة مع نواة).
وهذه الحالة تحدث فقط في النجوم النيترونية…يمكننا القول أيضًا أنه لو أصبحت كتلة أحد النجوم النيترونية مساوية لكتلة خمسة شموس (كشمسنا) فسوف تنهار على نفسها وتصبح ثقب أسود، والذي هو عملياً أكثر كثافة منها.
أبرد برودة:
لعلك خمنت إنه الصفر، تحديداً صفر كلفن = -273 درجة سيلزية = -460 فهرنهايت. لكن في الحقيقة هي قيمة تقريبية “نظرية” إذ لا يمكن بلوغها عمليًا. ما هي الحرارة؟ الحرارة ما هي إلا مقياس لحركة الذرات.
كلما كانت الذرات تتحرّك بعنف كلما إزدادت درجة الحرارة. هذا يعني أنّ الإنخفاض في درجة الحرارة هو إنخفاض في حركة الذرات – وذلك يستمر حتى تصل إلى الصفر المطلق، حيث الذرات لا تتحرك! مستحيل أن تجعل الذرات أن تكون أبطأ من ألّا تتحرّك على الإطلاق.
لكن نحن لا يمكننا فقط الوصول إلى حرارة أقل من الصفر المطلق، ولكن أيضًا لا يمكننا الوصول إلى الصفر المطلق نفسه. نقترب منه فقط.
هذا بسبب القانون الثالث للديناميكا الحراريّة، ولا يوجد طريقة لتفاديه. لشرح هذا: الثلاجات التقليدية تعمل عن طريق وضع “هدف” يتمّ تبريده من خلال الإتصال الحراري مع مادة أبرد، عادةً سائل يدور باستمرار.
نحن نعلم أن هذا السّائل يجب عليه أن يكون أبرد من الهدف حتّى تنتقل الحرارة منه إلى الهدف. بنفس المبدأ، لتجعل الحرارة تنتقل إلى هدف لتجعله أبرد من الصفر المطلق، سيجب على المُبرّد نفسه أن يكون ذا درجة حرارة أقل من الصفر المطلق أصلا! وهذا، مرة أخرى، مستحيل.
أبرد حرارة وصلنا لها
= 0.0000000001° كلفن = 1 نانوكلفن.
هناك سبب آخر لاستحالة الوصول إلى الصفر المطلق: مبدأ الريبة لهايزنبرج.
أي جسم مع درجة حرارة مساوية للصفر المطلق لن يمتلك أي حركة ذرية (حرارة) من أي نوع، ولكن ذلك مستحيل لأن مبدأ هايزنبرج ينص على أنهه لا يمكن تحديد مكان وسرعة جسم ما بدقة في نفس التوقيت.
لذا فأي مادة أنتَ تعرف مكانها بدقة، لا يمكنك التأكد من أن سرعتها مساوية لصفر، وهذه المادة سوف تمتلك دائماً على الأقل حركة وإن كانت بسيطة جداً.
كثير من الناس ممن سمعوا عن مبدأ الريبة لهيزينبرج لم يتوقعوا أن يكون هذا المبدأ أحد الحدود الفيزيائية حول معرفة خواص المواد.
أحرّ حرارة:
في الواقع، يوجد هنا حدّان، هذا يعتمد على طريقة عرضك للسؤال. الأولي هي الحد الأول هو النظري الأعلى، والتي تعتمد على أي نظرية تستخدمها، ولكنها غالياً ما تحدد بـ 10^30º كلفن.
ولكن هذا الحد يعتمد على مقدار الطاقة التي يمكن تركيزها في حيز معين.
النوع الثاني من الحدود الفيزيائية يُعتبر أكثر واقعية. فإذا تمّ تسخين الغاز فستتحرك ذراته أسرع وأسرع. وعندما تتصادم إحداها بالأخرى ترتد كل منهما وغالباً ما تنتج فوتونات ضوئية والتي تعمل على دفع الذرات الأخرى أيضا بتزويدها بالطاقة.
ولكن عندما تقترب درجة الحرارة من 4 مليار درجة سيلزية، حينها ستمتلك ذرات الغاز ما يكفيها من الطاقة لتخليق أزواج من الإلكترون/بوزيترون (طيقاً لمعادلة أينشتاين E=mc^2، حيث الطاقة E هنا تمثل الطاقة الحركية لذرات الغاز، والكتلة m كتلة زوج الإلكترون والبوزيترون).
وسرعان ما تتصادم مع إلكترونات وبوزيترونات أخري وتختفي مصدره ضوءاً ناتج عن هذا الاصطادم. وبعض الأحيان تنتج نيترينوات (جزيئات ذرية صغيرة جداً) بدلا من الضوء.
وهذه النيترينوات ضعيفة التفاعل جدا مع المادة (لها القدرة على إختراق كيلومترات من الحديد بدون التفاعل معه) فيمكنها الإنتقال بعيداً عن مصدر الحرارة، لذلك تطير الطاقة المبذولة في تكوينها بعيداً.
إذن، هذا التأثير يظهر على الغازات التي تصل درجة حرارتها إلي الـ 4 مليار درجة سيلزية، فتبدوأنها تبرد من نفسها يدون فقدان طاقة.
(للمقارنة، درجة حرارة لب الشمس تصل إلى 15.7 مليون درجة، والمليار ألف مليون).
أصغر صُغر:
مرة أخرى؛ مبدأ الريبة لهيزينبرج غير فعال على الأجسام أو الأحداث التي تتواجد على مقياس أصغر من ثابت بلانك، والذي هو حوالي=10^-35.
فإلى الآن، لم يتمكن أي شخص من التفكير في الكون على أي مقياس، يمكنه من تحديد الفرق بين نقطتين منفصلتين بمسافة مساوية لثابت بلانك (10^-35).
أفرغ فراغ:
يمكننا أن نصوغ نص مبدأ هيزينبرج للريبة كما يلي وهذا يعني: “الزمن والطاقة لجسم ما لا يمكن التنبؤ بهما بدقة وفي نفس الوقت”.
لو تمّ تطبيق هذا المبدأ على الفضاء الفارغ فسوف تلاحظ أنه خلال وقت ضئيل ولكنه كافي سوف نلاحظ طاقة قابلة للرصد ولا تساوي الصفر.
وخلال مقياس زمني قصير أيضاً ظهور وإختفاء جسيمات مختلفة في الوجود. وهذه الجزيئات تسمي “الجزيئات الإفتراضية”، وهذه الظاهرة تسمي في بعض الاحيان “رغوة الجسيمات”.
لذلك، فحتي خلال فراغ مثالي فسوف ترصد بعض الشوائب.
وهذه الشوائب تسمي غالباً “طاقة الفراغ” أو “طاقة نقطة الصفر”. ولكن لسوء الحظ، فتجميع طاقة الفراغ يعتبر مستحيل فيزيائياً، لإن ذلك يخالف مبدأ الريبة لهيزينبرج. طاقة الفراغ تقدر بحوالي 10^-13 ج/م^3.