الجمرة الخبيثة والطاعون: كيف يمكن للقاحٍ واحدٍ أن يحميَ جسمنا ضدّ تهديدين بيولوجيين مرعبين؟
اقترحت دراسةٌ جديدةٌ أنَّ هناك لقاحًا واحدًا يحمي الجسمَ بشكلٍ فعّالٍ من خطرين بيولوجيَّين مرعبين وهما الجّمرة الخبيثة ومرض الطاعون.
اختبر الباحثون لقاحًا ثنائيَّ التأثير على كلٍّ من الجمرة والطاعون عند الفئران والجرذان والأرانب التي تعرَّضت لكلا المرضين في الوقت ذاته، ووجدوا أنَّ اللقاح أعطى حمايةً بنسبة 100% ضدَّ المرضين المُميتين عادةً.
كتب الباحثون في إحدى الصحف: «أمَّنتْ دراساتُنا الدليلَ الأوّلَ الذي يثبت أنَّ اللقاحَ المشتركَ للجمرة والطاعون يحمي الجسمَ من هذين المرضين في حال حدوث هجومٍ بيولوجيٍّ، وهذا اللقاح مرشّحٌ لأن يتمَّ تخزينُه كجزءٍ من التجهيز الوطنيّ ضدَّ خطر السلاح البيولوجيّ، وعلى أيّة حال، نحن نحتاج إلى دراساتٍ إضافيّةٍ على البشر لتحديد أمان وفعاليّةِ اللقاح«.
إنَّ الجمرةَ الخبيثة-Anthrax تحدث بسبب جرثومة العَصَويّة الجمْريّة-Bacillus Anthracis، بينما يحدث الطاعون-Plague بسبب جرثومة اليرسينية الطاعونيّة-Yersinia Pestis، وكلاهما يُعتبر عاملًا فعَّالًا للاستخدام في الهجوم البيولوجيّ، وإنَّ كليهما قاتلٌ ويسبّب الموتَ السريع في غضون ثلاثةٍ إلى ستّةِ أيّامٍ في حال لم يتلقَّ المريضُ علاجًا بالصادّات خلال أربعٍ وعشرين ساعةً من ظهور الأعراض بحسب الدراسة.
يضيف الباحثون: «قد يؤدي الإطلاق المُتعمَّد لهذه الجراثيم كسلاحٍ بيولوجيٍّ الى وفيّاتٍ هائلةٍ، وإلى حدوث ذعرٍ عامٍّ وفوضى في المجتمع. والسبيل الأفضل لمواجهة هذا الهجوم هو تلقيح البشر قبلَ حدوثه أو يمكن إعطاء اللقاح بعد الهجوم لتخفيف الضّرر في الهجوم التالي«.
لا يوجد في الولايات المتّحدة لقاحٌ يُعطى لعامّة الشعب ضدَّ أيٍّ منهما. (يوجد لقاحٌ ضدَّ الجمرة يُنصح به للأشخاص المُعرَّضين للخطر، كالعاملين في المختبر والعساكر).
صمّم الباحثون في هذه الدراسة لقاحًا يحتوي على ثلاثةِ بروتيناتٍ؛ يُشتقُّ اثنان منها من الطاعون، أمّا الثالث فيُشتقُّ من الجمرة، ودُمجت ضمن بروتينٍ واحدٍ ضخمٍ، وبذلك يمكن للجسم أن يشكِّلَ مناعةً ضدَّها ويطلقَ هجومًا عند التعرُّض لها.
تمَّ تمنيع ثمانية فئرانٍ بهذا اللقاح وبعد ثلاثةٍ وعشرين يومًا عُرِّضَت للجمرة عبر الحقن، وللطاعون الرئويّ عبر رذاذٍ أنفيٍّ، وكان هناك مجموعةٌ عُرّضت للجرثومتين دونَ تلقيحها. نَجَتْ كلُّ الفئران التي لُقِّحتْ، بينما ماتت تلك التي لم تُلقَّحْ خلال يومين من التعرُّض.
اختبر الباحثون لقاحَهم على الأرانب أيضًا لأنَّها نموذجٌ أفضلُ للاختبار عند الإصابة بالجمرة عن طريق الاستنشاق. نَجَتْ جميعُ الأرانب العشْرِ المُلقَّحة، بينما ماتتْ غيرُ المُلقَّحة خلال يومين إلى أربعة أيّامٍ.
هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، وأظهرتْ أنَّ اللقاحَ يستطيع أن يحميَ تمامًا من الجمرة والطاعون بشكلٍ متزامنٍ.
يقول الباحثون: «إذا كانَ اللقاح الجديد ناجحًا في التجارب السريريَّة المستقبليَّة؛ فقد يستطيع تبسيطَ الجهود المبذولة لتخزينه كدفاعٍ بيولوجيٍّ ضدَّ كلٍّ من الجمرة الخبيثة والطاعون«.
- ترجمة: طارق برهوم
- تدقيق: اسماعيل اليازجي
- تحرير: زيد أبو الرب