تعبير الثقب الأبيض حرفي جدًا في الواقع، فالمفهوم الصحيح للثقب الأبيض هو الثقب المضاد للثقب الأسود، والثقب الأسود هو المكان الذي قد تُفقد فيه المادة من الكون، فالثقب الأبيض هو مكان حيث تخرج المادة إلى الكون، إذ يشبه كثيرًا اللانهائية الموجودة عند الانفجار العظيم، وبذلك نستطيع تعريف الثقب الأبيض بأنه نقيض الثقب الأسود، ففي الثقب الأسود سوف تختفي المادة تمامًا وتفقد خصائصها داخل مركز الثقب الأسود، ثم تخرج بشكل آخر إلى كون آخر من خلال ما نسميه بالثقب الأبيض.

في عمق البحث في الفيزياء النظرية، يحاول الفيزيائيون التوفيق بين الميكانيكا الكمية والنظرية العامة للنسبية، وهما من أكثر النظريات العلمية نجاحًا على الإطلاق. فبوسعهما وصف الكثير من كوننا لكنهما لا يعملان معًا. يظهر هذا بوضوح في الحالات المعقدة، مثل شرح الانفجار الكبير والثقوب السوداء وبالتأكيد الثقوب البيضاء.

في تلك الحالات، ينشئ العلماء الفرضيات حول طبيعة الواقع ويختبرونها ويرفضونها، ومن بينهم الفيزيائي والكاتب كارلو روفيلي الذي ينظر إلى ما يحدث داخل الثقوب السوداء، واكتشف شيئًا مثيرًا للاهتمام. عندما تحاول المادة التي تشكل الثقب الأسود التلاشي، تصل إلى نقطة حيث ترتد، ما يخلق جسمًا فرضيًا يعرف بثقب أبيض.

يترجم روفيلي في الأخير (الثقوب البيضاء: داخل الأفق) الرياضيات المعقدة لنظرياتهم إلى رحلة داخل الثقب الأسود الذي لا يمكن لشيء الهروب منه، وذلك بوصف تطوره خلال فترة زمنية طويلة جدًا إلى الثقب الأبيض الذي لا يمكن لشيء دخوله. وفيما يلي حديث صحفي مع روفيلي حول ما قد يبدو كالثقوب البيضاء، وإن كنا نستطيع الاقتراب منها، وعن دليل مرئي على وجود هذه الأشياء الكونية الفرضية التي تعمل بطريقة معاكسة للثقوب السوداء.

في وسائل الإعلام يُنظر إلى الثقوب البيضاء بوصفها المعاكس التام للثقوب السوداء: صنابير لفتحات الثقوب السوداء، ولكن هل هي حقًا كذلك؟

نعم، هي تمامًا كذلك وهذه ليست صورة سيئة بالنسبة لتقريب أولي، ولكن النظرية الكاملة للثقوب السوداء والثقوب البيضاء أكثر تفصيلًا من فتحات وصنابير. إذ تتضمن الهندسة الفضائية بالكامل وديناميكيات هذه الزمكانات.

في كتابك، تقود القراء في رحلة إلى داخل الثقوب السوداء لتعلم كيف قد تنشأ الثقوب البيضاء. لماذا من المهم تخيل كيفية الفيزياء في تلك الأماكن؟

لأننا نفهم الأشياء دائمًا بتصورها، عندما بدأ العلماء في فهم الحمض النووي (DNA)، صنعوا على الفور نموذجًا كبيرًا لهذه الجزيئة لرؤيتها، عندما ندرس كوكبًا بعيدًا نحاول تخيل شكله. دماغنا يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الرؤية، ونحتاج إلى الخيال لتوقع الروابط والعلاقات.

إذا سألتك، ما معنى القول بأن الأرض مستديرة؟ لكان جوابك: تخيل نفسك على سطح القمر وتنظر إلى الأرض، سترى كرة كذا وكذا.

هل تبدو الثقوب البيضاء مختلفة عن الثقوب السوداء؟

في الانطباع الأول لا، ولكن إذا انتظرت وقتًا طويلًا ستبدأ في رؤية الفرق، الثقب الأبيض ينتهي بإطلاق أي شيء داخله ويختفي. الثقب الأسود يطلق فقط نوعًا معينًا جدًا من الإشعاع الحراري، بدرجة حرارة محددة، وهي درجة الحرارة هوكينج، وبهذه الطريقة يتبخر، وعندما ينتهي تبخره يتحول إلى ثقب أبيض.

ماذا سيحدث إذا حاولنا الاقتراب من ثقب أبيض؟ هل سنستطيع الاقتراب من ثقب أبيض مطلقًا؟

بالوسع الاقتراب منه، وقبل السقوط داخله، ستصطدم بالمادة التي تخرج منه، والوقت الذي سيستغرقه الوصول إلى هذا الاصطدام سيكون قصيرًا بالنسبة لك، ولكن طويلًا إذا نظرت من مسافة بعيدة.

هل يوجد دليل مرئي على وجود الثقوب البيضاء؟

يوجد فقط تلميح ممكن، ربما الكائن الغريب الذي لاحظه الفلكيون في السماء والذي يسمونه بالمادة الداكنة قد يكون مكونًا من العديد من الثقوب البيضاء الصغيرة.

هل يمكن أن تكون المادة الداكنة مكونة من الثقوب البيضاء؟ إذا كانت الثقوب البيضاء صغيرة الحجم ولكنها ذات كتلة كبيرة وتفقد الطاقة ببطء شديد؟ نعم، بالتأكيد. هذا هو افتراضنا.

ما هي الملاحظات الفلكية التي ستكون مطلوبة لإثبات وجودها؟

أفضل طريقة لتأكيد وجود هذه الأشياء ستكون باكتشاف واحدة منها وهي تمر بالقرب من الأرض هنا، يوجد علماء يدرسون كيف يمكن لجهاز للاكتشاف أن يعمل.

اقرأ أيضًا:

هل توجد الثقوب البيضاء في الفضاء؟ وكيف يمكن أن تتشكل؟

ما هي الثقوب البيضاء ؟

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: زين حيدر

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر