وجد العلماء ثقبًا أسود عملاقًا يحدث له ما يشبه الفواق كل 8.5 يوم، ويبدو أن ثقبًا أسود أصغر يواصل النبض عبر قرص التجميع وقد يكون هو السبب.
اكتشف علماء الفلك أول حالة معروفة لما يشبه فواق ثقب أسود من وحش كوني بعيد. وتشير التجشؤات الكونية إلى أن الأقراص الدوامة من المادة والغاز التي تحيط بالثقوب السوداء لربما تُشكل موطنًا لأجسام كونية أكبر مما اعتُقد سابقًا.
فذلك الثقب الأسود الهائل -الذي يزن ما يعادل نحو 50 مليون شمس في قلب مجرته على بعد 800 مليون سنة ضوئية من الأرض- يُخرج دفعات غازية إلى الفضاء بمعدل مرة كل 8.5 يومًا، إذ تأتي هذه التجشؤات من قرص تراكمي للثقب نفسه، الذي هو حلقة من الغاز شديد السخونة يدور حول الجسم.
وتشير دراسة جديدة نُشرت في 27 مارس في مجلة Science Advances إلى أن هذه المادة يتجشؤها بسبب ثقب أسود أصغر ثان ينطلق للداخل والخارج في مدار مائل ويثير الغاز.
قال ديرج باشام، مؤلف الدراسة الرئيسي، وعالم أبحاث في معهد كافلي للفيزياء الفلكية وأبحاث الفضاء في ماساتشوستس، لموقع Live Science: «كانت هذه التجشؤات مفاجأة تامة، فلقد ظللنا مستغربين لأشهر حتى جاء العلماء النظريون في جمهورية التشيك وقدموا تفسيرًا لثقب أسود ثانوي، ويبدو أنه يفسر جميع خصائص هذا النظام».
تشير النتائج إلى أن أقراص التراكم تلك التي تدور حول الثقوب السوداء قد تكون موطنًا لمجموعة مذهلة من الأجسام الكونية، بما في ذلك الثقوب السوداء الأخرى والنجوم.
قال باشام في بيان: «اعتقدنا أننا نعرف الكثير عن الثقوب السوداء، لكن هذا يشير إلى أن وحود الكثير من الأشياء الأخرى التي بإمكانهم تعريفنا بها».
وأضاف لموقع Live Science: «إن كان نموذجنا للجسم الكوكبي الذي يضرب قرص التراكم مرارًا وتكرارًا والمُتفاعل معه صحيحًا، فيمكن لهذه الفواقات أن تكشف الكثير عن مجموعة كاملة من هذه الثنائيات الشديدة».
يشتبه الباحثون في أن الجاذبية الهائلة للثقب الأسود الهائل ستبتلع يومًا ما الثقب الأصغر في عملية دمج، وربما خلال أكثر من 10000 سنة في المستقبل؛ وأدلى باشام أيضًا لـ Live Science : «ذلك نظرًا لكون الثقب الأسود يزن ماديًا بما يقل عن الثقب الرئيسي الأسود، فإن فترة الاندماج اللازمة تُعد طويلة».
لاحظ العلماء بالبداية الثقب الأسود الهائل في شهر ديسمبر من عام 2020؛ حين رصدت التلسكوبات التابعة لمحطة All sky automated survey انفجار مستعر أعظم ووميضًا مطولًا من الضوء خارجًا عن قرصه المتراكم. وعرض المسح وميضًا، يسمى الآن ASASSN-20qc، بعد جعل جزء صغير من السماء أكثر سطوعًا بمقدار 1000 مرة. واستمر الوميض مدة أربعة أشهر ومن المحتمل أن يكون ناتجًا عن تمزيق الثقب الأسود الهائل لنجم قريب.
وبتتبع عمليات الرصد خارج محطة الفضاء الدولية ISS عبر تلسكوبات أشعة X؛ تمكن العلماء من الوصول لفهرسة لتلك الانخفاضات الدورية الدقيقة في بيانات الأشعة السينية من الكائن المتغذّي، على غرار الطريقة التي يحجب بها الكوكب ذو النجم الذي يحجب ضوءه فترة وجيزة. كانت تلك فواق الثقب الأسود.
حدد الباحثون بعد مناقشة العملية مع الزملاء منهم؛ أن الثقب الأسود كان يتجشأ في كل مرة يخترق فيها الثقب الأسود الثانوي المداري قرص التنامي التراكمي، ما يدفع المزيد من المادة أكثر من المعتاد.
الثقب الأسود الثانوي هو أصغر ثقبي هذا النظام الكوني، لكنه ليس ضئيلًا على الإطلاق، ويقدر العلماء كتلته بنحو 100 إلى 10000 من كتلة شمسنا، وهو وزن يُصنف متوسطًا. والفارق الكبير بين كتلتي الثقبين الأسودين الذي يُقدّر بـ 5000، هو ما يجعل الزوج الجديد من بين أكثر الثنائيات ذات الكتلة الهائلة المُكتشفة حتى الآن.
قال باشام في بيانه: «هذا كائن مختلف، إنه لا يتناسب مع أي شيء نعرفه عن هذه الأنظمة».
في الأشهر القادمة، سيواصل الباحثون مراقبتهم لهذا النظام بدراستهم أيضًا لعدة أنظمة أخرى تُبدي امتلاكها لمثل هذه المشكلات،
قال باشام: «إذا كانت هذه الثنائيات السوداء تمثل أيضًا اختلافات كتلة هائلة كحالة الثنائي الجديد، فإن تلسكوب وكالة الفضاء الأوروبية الذي شُغل للتو، المسمى بـ Laser Interferometer Space Antenna LISA يجب أن يكون قادرًا على اكتشافها، ونتوقع أن نكون مشغولين في السنوات القادمة لنمذجة هذه الازدحامات الكونية الجديدة».
اقرأ أيضًا:
رسم أكبر خريطة على الإطلاق للثقوب السوداء الفائقة وتحتوي على 1.3 مليون ثقب أسود
الكشف عن أكثر من 900,000 مجرة ونجم وثقب أسود في أضخم خريطة رُصدت بالأشعة السينية للكون
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: حسام التهامي