وجد علماء النفس فرقًا مذهلًا في الذكاء، بعد فحص التوائم التي نشأت منفصلة عن بعضها في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. توفر دراسة جديدة عن التوائم أحادية الزيجوت التي نشأت منفصلة في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة نظرةً ثاقبة فريدة عن كيفية تأثير العوامل الوراثية والثقافية والبيئية في التطور البشري.
قالت الباحثة نانسي سيغال، مديرة مركز دراسات التوائم في جامعة كاليفورنيا فولرتون: «لقد درست توائم متطابقة نشأت منفصلة لسنوات عديدة، إنهم يشكلون تجربة بسيطة وأنيقة لحل لغز التأثيرات الجينية والبيئية في السمات البشرية، إنها حالة فريدة من نوعها حين ينشأ التوأمان في بلدين مختلفين».
وُلدت التوأمان محل الدراسة عام 1974 في مدينة سيول في كوريا الجنوبية. فُقدت واحدة منهما بعمر عامين بعد زيارة السوق مع جدتها. نُقلت لاحقًا إلى مستشفى على بعد 100 كيلومتر من بيت أسرتها، وشُخصت بالحصبة. رغم محاولة عائلتها العثور عليها، فقد وُضعت في نظام التبني وانتهى بها الأمر وقد تبناها زوجان مقيمان في الولايات المتحدة.
اكتشفت لاحقًا أن لها أختًا توأمًا بعد أن قدمت عينة من الحمض النووي عام 2018 ضمن برنامج كوريا الجنوبية للم شمل الأسرة. أكمل التوأمان تقييمات البيئة الأسرية، والذكاء العام، والقدرة على التفكير المنطقي، وسمات الشخصية، والتوجه الجماعي والفردي، واحترام الذات، والصحة العقلية، والرضا الوظيفي، وتاريخ الحياة الطبية، ومقابلات منظمة حول تاريخ حياتهما العام.
كتب الباحثون: «كانت أوجه التشابه واضحة في الشخصية، واحترام الذات، والصحة العقلية، والرضا الوظيفي، والتاريخ الطبي، لكن على النقيض من الأبحاث السابقة، أظهرت درجات الذكاء العام والتفكير المنطقي للتوأمان بعض الاختلافات الملحوظة».
تبين سابقًا أن معدل الذكاء يمكن توريثه بنسبة تصل إلى 80%، إذ يسجل التوائم عادةً النتائج ذاتها تقريبًا في الاختبارات المعرفية، مع ذلك وجد الباحثون اختلافات مذهلة في القدرات المعرفية، إذ أحرزت التوأم التي نشأت في كوريا الجنوبية درجات أعلى بكثير في اختبارات الذكاء المتعلقة بالتفكير الإدراكي وسرعة المعالجة، بفارق 16 نقطة في معدل الذكاء. يشير ذلك إلى ضرورة إعادة التفكير في مقدار ذكائنا الذي يرجع إلى جيناتنا ومقداره الراجع إلى البيئة التي نشأنا فيها.
مع أن اختلاف الدرجات واضح، فإن السبب وراءه ليس كذلك. لاحظ الباحثون أن التوأم الأمريكية عانت 3 إصابات بالدماغ في سن البلوغ، ما جعلها تشعر بأنها «شخص مختلف»، مع ذلك من المستحيل التيقن من كون هذا قد أثر في نتائج الاختبارات المعرفية.
يجب أيضًا أن يُؤخذ في الحسبان أن منازل الأسرة التي نشأ فيها التوأمان لم تكن متشابهة على الإطلاق، وتقع في أجزاء مختلفة تمامًا من العالم. البيئات العائلية ذاتها كانت مختلفة جدًا أيضًا. نشأت التوأم التي بقيت في كوريا الجنوبية في جو عائلي أكثر دعمًا وتماسكًا، في حين ذكرت التوأم التي تبناها الزوجان الأمريكيان بيئة أكثر صرامة ومستوى أعلى من النزاعات الأسرية.
تماشيًا مع بيئتهن الثقافية، كان لدى التوأم التي نشأت في الولايات المتحدة توجه أكثر فردية، في حين كان للتوأم التي نشأت في كوريا الجنوبية توجه أكثر جماعية. مع ذلك فإن بعض السمات السلوكية ظلت دون تغير رغم نشأة الأطفال في بيئات مختلفة. إذ حصلت الفتاتان على درجات عالية في مقياس الضمير ودرجات منخفضة في مقياس العصابية، وأظهرن مستوى متماثلًا من الرضا عن الوظيفة رغم اختلافها. كان لدى التوأمان أيضًا ملفات تعريف متشابهة للصحة العقلية، ودرجات متطابقة في مقياس احترام الذات.
قالت سيغال: «للجينات تأثير أكثر انتشارًا في التطور مما كنا نعتقد، مع ذلك فإن التأثيرات البيئية مهمة، أظهرت التوأمان اختلافًا ثقافيًا في بعض النواحي. نحتاج إلى تحديد المزيد من هذه الحالات إذا كانت موجودة، وما زلنا لا نفهم جميع الآليات المتضمنة للجينات على المستوى الجزيئي، والسلوكيات اليومية». من المهم عدم استخلاص الكثير من الاستنتاجات الثابتة من دراسة زوجين من التوائم، لكن النتائج توفر معلومات رائعة.
قرأ أيضًا:
ناسا ترسل أحد التوأمين المتطابقين إلى الفضاء والنتيجة؟ لم يعودا متطابقين!
إذا تزوج توأمان متطابقان من توأمين متطابقين، فكيف ستكون النتيجة وراثيًا؟
ترجمة: هيا منصور
تدقيق: أكرم محيي الدين