التهاب الفقرات التصلبي أو التهاب الفقار اللاصق، يعتبر صورة من صور التهاب المفاصل الذي يصيب العمود الفقري في الأساس، والمفصل الحرقفي العجزي، وكذلك أسفل الظهر. هو مرض التهابي، تشكل أعراضه ألمًا وتيبسًا وفقدانًا للحركة والمرونة. يتضمن هذا المرض تآكلًا ونخرًا في بنية العظم، وزيادة تكوين العظم في العمود الفقري بالوقت ذاته، ما يؤدي إلى التحام العظام ببعضها، ويؤدي ذلك في الحالات المتقدمة إلى تشوه عظام العمود الفقري.
يحدث التهاب الفقرات التصلبي بكثرة بين الذكور في أعمار المراهقة والعشرينيات أيضًا، ولكن أي إنسان معرض للإصابة به، وبأي عمر على كل حال. تجدر الإشارة إلى أن المرض يكون أخف في حالة إصابة الإناث، ما يجعل تشخيصه أصعب. بإمكان العلاج الدوائي وكذلك العلاج الطبيعي إزالة الاعراض.
حقائق عن مرض التهاب الفقرات التصلبي:
• التهاب الفقرات التصلبي نوع من أنواع التهاب المفاصل.
• غالبًا يصيب الجزء الأسفل من العمود الفقري عند التقائه مع الحوض (المفصل الحرقفي العجزي).
• التهاب الفقرات التصلبي يمكن أن يكون صعب التشخيص، ولكن على أي حال له نمط مميز من أعراض الألم، وكذلك تغيرات واضحة يمكن ملاحظتها عن طريق الأشعة السينية والرنين المغناطيسي.
• لا يوجد علاج لإنهاء المرض تمامًا، ولكن يمكن للأدوية أن تفيد في تخفيف الألم واحتواء الالتهاب، أيضًا العلاج الطبيعي يمكنه أن يخفف ويمنع بعضًا من تأثيرات المرض.
الأعراض:
تتمثل الأعراض الثلاثة الرئيسة للمرض في الآتي:
• ألم
• تصلب
• فقدان الحركة والمرونة في المفصل
الألم هو العرض الأساس، خاصةً أسفل الظهر والأرداف في المراحل المبكرة من المرض.
على كل حال: لا ينحصر الالتهاب والألم في منطقة العجز وحسب؛ فقد يصبح العرض جهازي، ما يعني أنه قد يشمل مناطق أخرى من الجسم عمومًا، وتشمل هذه المناطق:
• مفاصل أخرى
• الرقبة
• في الساق: أعلى القصبة
• خلف كعب القدم، في وتر أخيل
• أسفل كعب القدم
يمكن أن يسبب التهاب الفقرات التصلبي ما يسمى بـ الالتحام العظمي، وزيادة مفرطة في نمو العظام في المفاصل. بدوره هذا يسبب صعوبةً في القيام بالمهام اليومية المعتادة. في بعض الحالات يمكن للمرض أن يقلل حركة القفص الصدري الذي بدوره يسبب صعوبةً في التنفس.
المصابون بالمرض قد يختبرون أيضًا الإجهاد، بصورة الشعور بنقص الطاقة والتعب. يمكن أن يصيب التهاب الفقرات التصلبي العينين، تحديدًا القزحية وأجزاء أخرى من العين. هذا الالتهاب يعبر عنه بالتهاب القزحية أو التهاب العنبية؛ حسب موضع الالتهاب بالعين. يسبب هذا الالتهاب احمرارًا وألمًا في العين، وقد يسبب ضعفًا في الرؤية إذا تُرك دون علاج. هنالك أيضًا أعراض جهازية أخرى، والتي تشكل تغيرات عصبية، وقلبية، ووعائية.
العلاج:
لا يوجد علاج نهائي لمرض التهاب الفقرات التصلبي، كما أن التلف الحاصل لا يمكن ترميمه. ولكن على كل حال، هناك بعض الخيارات قد تساعد في تخفيف الأعراض وكذلك في التحكم بتقدم المرض. وتشمل الآتي:
• العلاج الطبيعي والتمارين.
• نصائح إرشادية.
• أدوية.
• جراحة؛ في حالات النادرة.
سيكون الشخص بحاجة لزيارة أخصائي، يعرف بأخصائي الروماتيزم- rheumatologist. كما قد يحتاج المريض لعدد من الزيارات عندما يتقدم المرض بشكل بطيء. تكمن أهمية المتابعة الطبية في مساعدة تتبع تطور المرض وكذلك متابعة العلاج.
هناك أسلوبان أو طريقان مستخدمان بشكل سائد للتحكم في مرض التهاب الفقرات التصلبي، وهما:
• أدوية تعمل على تقليل الألم والالتهاب.
• العلاج الطبيعي والتمارين؛ للحفاظ على مرونة الحركة وكذلك وضع هيكل الجسم الطبيعي.
أما الجراحة فيُـلجأ إليها في حالات نادرة، والحالات المتقدمة تحديدًا، وذلك لتصليح التشوه التركيبي مثل: انحناء العمود الفقري. كما يُلجأ للجراحة أيضًا لتبديل مفصل الفخذ مثلًا أو أي مفصل آخر.
العلاج الدوائي:
تعتبر مضادات الالتهاب اللا ستيرويدية هي الأدوية الأساسية لتخفيف وطأة الألم وكذلك الالتهابات. أمثلة من هذه الأدوية: نابروكسين، ديكلوفيناك. كما يمكن العلاج بأدوية أخرى مثل اسيتامينوفين والكودايين لو تبين أن مضادات الالتهاب اللا ستيرويدية غير مناسبة أو كافية.
بعض مضادات الالتهاب اللا ستيرويدية تضعف صحة العظم؛ إذ تقلل من تكوين نسيج عظمي جديد. كما أن مضادات الالتهاب اللا ستيرويدية غير محبذة بعد العمليات الجراحية للمرضى الذين يعانون من مشاكل التحام العظم.
تتضمن الخيارات الدوائية الأخرى الآتي:
• اللا ستيرويدات (حقن موضعي)
• مجموعة الأدوية المعدلة للمرض، والمضادة للروماتيزم، والمعروفة اختصارا بـ DMARD، مثل السلفاسلازين، والميثوتريكسيت.
• مضادات عامل نخر الورم tumor necrosis factor (TNF) antagonists-، مثل أداليموماب، وسيتروليزوماب، وإيتانيرسبت، وجوليموماب، وأنلفيكسيماب،
• بعض الأدوية الحيوية مثل: سيكيوكينوماب.
تجدر الإشارة إلى أن دواء TNF فعال، ولكنَّ ثمنه غالٍ، كما يمكنه أن يسبب أعراضًا جانبيةً.
يمكن لمرض التهاب الفقرات التصلبي أن يصيب أي جزء من الجسم، كما قد يضطر المصاب لزيارة عدد من المتخصصين المختلفين، مثل متخصص العلاج الطبيعي، وأخصائي العيون، وأخصائي الجهاز الهضمي.
التمارين الرياضية:
يمكن للعلاج الطبيعي والتمارين المساعدة في منع بعض الأعراض.
كما سيقوم أخصائي العلاج الطبيعي بإعداد برنامج من شأنه مساعدة المريض في الحفاظ على وضعية الجسم بشكل جيد وكذلك المحافظة على الحركة الطبيعية ومرونتها.
قد يتضمن الآتي:
• التمارين اليومية.
• تدريب متخصص.
• تمارين العلاج الطبيعي.
على أن الإشارة للعلاج الطبيعي هنا يقصد بها تمارين التقوية والتمارين المتعلقة بنطاق الحركة.
سنشرح هنا نوعين من التمارين المقترحة من جمعية المملكة المتحدة الخيرية، وكذلك من بحث حول التهاب المفاصل:
1. قف بطريقة تجعل من ظهرك مقابلًا لحائط ما وكذلك كعبك أيضًا، قم بدفع رأسك ليلمس الحائط، ولا تمل رأسك للخلف. احتفظ بجسمك على هذه الوضعية لمدة خمس ثوانٍ، استرح قليلًا، ثم كرر هذا عشر مرات.
2. قف وباعد بين رجليك، ضع يديك على الوركين. مِل جسمك لأحد الجانبين، واحتفظ بهذه الوضعية لمدة خمس ثوانٍ، ثم استرح قليلًا، كرر نفس الوضعية للجانب الآخر من الجسم. كرر هذا التناوب خمس مرات. توجد طرق مختلفة لأداء التمارين، مثل اللياقة البدنية المائية. الطبيب المختص هو من يحدد البرنامج التدريبي المناسب.
التشخيص:
يسأل الطبيب عن الأعراض، ويُجري الفحوصات السريرية؛ ويقرر الاختبارات اللازمة؛ فإذا وُجد ألم التهابي في الظهر مع مظاهر مؤكدة، فإن هذا يشير إلى مرض التهاب الفقرات التصلبي.
تتضمن هذه المظاهر:
• ألم من النوع الذي لا يقل بعد الراحة.
• ألم يسبب اضطرابات النوم.
• ألم في الظهر يبدأ تدريجيًّا في عمر ما قبل الأربعين، وغير متعلق بحادثة أو إصاب.
• أعراض مستمرة لأكثر من ثلاثة أشهر.
• تيبس أو تصلب العمود الفقري في فترة الصباح، ثم يقل بالحركة والتمارين.
الاختبارات التصويرية قد تؤكد التشخيص بالمرض، ولكن قد لا يمكن ملاحظة التغييرات بشكل سريع، والذي بدوره قد يؤخر الوصول للتشخيص.
اختبارات الدم
لا يوجد اختبار دم واحد يمكنه تشخيص مرض التهاب الفقرات التصلبي، ولكن التحاليل تساعد في تأكيد التشخيص واستبعاد بعض الأسباب الأخرى المحتملة. تضمن تحاليل الالتهابات ما يلي:
• سرعة الترسيب بالدم ESR.
• بروتين سي- التفاعلي CRP.
• صورة دم كاملة.
• اختبار جيني (HLA B27).
في حالة الاشتباه بوجود سبب آخر بالتهاب المفاصل الروماتيزمي: تساعد اختبارات عامل الروماتيزم RF، وأضداد النوى ANA، وكذلك المضادة للبروتينات السترولية CCP.
تحاليل تصويرية:
تتضمن الآتي:
• الأشعة السينية، يمكنها أن تكشف كلًا من التغييرات المبكرة والمتقدمة في العمود الفقري وكذلك في الحوض.
• الرنين المغناطيسي، على سبيل المثال في حالة المفصل الحرقفي العجزي فإنه يمكن لأشعة الرنين المغناطيسي أن تظهر العلامات المبكرة للمرض.
العوامل المسببة:
على الرغم من أن السبب الرئيسي للمرض ما يزال غير واضح، فإن الأعراض ناجمة عن التهاب في الجزء السفلي من العمود الفقري. في حالة نمو نسيج عظمي جديد، يسبب الالتهاب تدميرًا للنسيج والتحامًا بين العظام. ينتج هذا الالتحام من الالتهابات التي تصيب الأنسجة التي توصل العظام ببعضها.
لكن ما يزال غير معلوم على أي حال لماذا تحدث حالة الالتهاب المزمن للمرضى المصابين بالتهاب الفقرات التصلبي. ينتقل المرض عادةً بين العائلات، ومن المعلوم أيضًا أنه ينتج عن عامل جيني.
المآلات:
تظل مآلات المرض صعبة التكهن، ذلك أنه يتنوع بين الأفراد المصابين به، كما أن تقدم المرض غير ثابت. هناك العديد من العوامل المهمة للاستقراء، وتشمل مستويات القدرة الوظيفية، وحركة العمود الفقري، ومدى تضرر المفاصل، وغير ذلك.
قد يعاني بعض المرضى فقدانًا وظيفيًّا شديدًا، وبعضهم بالكاد يلحظ تلك الأعراض، كما أن 1% يختبرون تراجعًا في المرض حين يتوقف تقدم الأعراض. قد يعاني القليل من المصابين بالمرض مضاعفات تهدد حياتهم، وتصيب القلب، أو الرئتين، أو الأمعاء.
كما أن المصابين الذكور في مرحلة مبكرة من العمر، هم الأكثر عرضةً للأضرار العنيفة، وفقدان القدرة على الحركة، بيد أن الإناث المصابات قد أظهرن أعراضًا للمرض أخف وطأةً من الذكور. وقد ارتبط التدخين بمآلات سيئة للمرض.
اقرأ أيضًا:
ما هي أسباب آلام الظهر؟ وما هي سبل علاجها؟
أمراض المناعة الذاتية: تعريفها، أنواعها، تشخيصها، علاجها
ما هو التهاب الهلل (التهاب النسيج الخلوي)؟
التَصلُّب المتعدد: كيف يُمكن لكثرة استخدام الملح أن تؤدي لحدوث الالتهابات؟!
ترجمة: حمزة عبيد
تدقيق: محمد الصفتي