التهاب الدرق تحت الحاد: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

التهاب الدرق تحت الحاد subacute thyroiditis. يشير التهاب الدرق Thyroiditis إلى التهاب يصيب الغدة الدرقية thyroid. تقع الغدة الدرقية في الناحية الأمامية للعنق، وتطلق العديد من الهرمونات التى تساعد على تنظيم الأيض، فيتحول الطعام إلى طاقة، وتلعب هذه الهرمونات دورًا مهمًّا في الاستجابة الجسدية والشعورية، مثل الخوف والإثارة والسعادة.

يشمل التهاب الدرق مجموعةً من الاضطرابات التي تسبب التهاب الغدة الدرقية، وتقود أغلب حالات التهاب الدرق عادةً إلى فرط أو قصور في الغدة. أما فرط نشاط الدرق hyperthyroidism فهو اضطراب يزداد فيه نشاط الغدة الدرقية، وتنتج كميات أكبر من الهرمونات، وأما قصور الدرق hypothyroidism فهو حالة انخفاض نشاط الغدة، فلا تنتج ما يكفي من الهرمونات، وقد تسبب كلتا الحالتين تغيرات في الوزن، وقلق، وتوعك.

يُعَد التهاب الدرق تحت الحاد نمطًا نادرًا من التهاب الدرق، ويسبب ألمًا وانزعاجًا في الدرق، وقد يعاني المصابون بهذه الحالة أعراض فرط نشاط الدرق، وتتطور أعراض قصور الدرق لاحقًا، وهي حالة مؤقتة غالبًا، لكنها تسبب مضاعفات دائمة إذا لم يُقدَّم لها العلاج المناسب.

الأسباب وعوامل الخطورة

على عكس الأنواع الأخرى من التهابات الدرق، يُعتقَد أن التهاب الدرق تحت الحاد مرتبط بعدوى فيروسية، فتتورم الغدة الدرقية استجابةً للفيروس، وقد يختل إنتاج الهرمونات، ويسبب هذا التهابًا وظهور العديد من الأعراض.

ينتشر حدوث التهاب الدّرق تحت الحاد عند النساء في عمر 40 إلى 50 سنة مقارنةً بالرجال من ذات الفئة العمرية، وتحدث هذه الحالة عمومًا بعد الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي مثل الإنفلونزا والنكاف.

أعراض التهاب الدرق تحت الحاد

يسبب التهاب الدرق تحت الحاد -على عكس الأنواع الأخرى من التهابات الدرق- ألمًا في الغدة الدرقية، وقد ينتشر هذا الألم أيضًا إلى أجزاء أخرى من العنق أو الفك أو الأذنين، وقد تتورم الغدة الدرقية وتسبب ألمًا عند اللمس. وفقًا للجمعية الأمريكية للدرق، يستمر الألم من شهر إلى 3 أشهر غالبًا.

وتشمل الأعراض الأخرى لالتهاب الدرق تحت الحاد ما يلي:

•  الحمى.
•  التوعك والإعياء.
•  الضعف.
•  بحة الصوت.
•  صعوبة في البلع.

أعراض فرط نشاط الدرق

يتطور لدى أغلب المصابين فرطًا في نشاط الغدة في المراحل الأولى من التهاب الدرق تحت الحاد، وقد تشمل الأعراض في أثناء هذه المرحلة:

•  التهيج.
•  القلق.
•  التململ والضجر.
•  اضطراب التركيز.
•  الإسهال.
•  خسارة الوزن المفاجئة.
•  تسارع أو اضطراب ضربات القلب.
•  ارتفاع حرارة الجسم، ما يؤدي غالبًا إلى تعرق مفرط.
•  ارتعاش.

أعراض قصور الدرق

في أثناء تطور المرض، يتحول فرط نشاط الدرق إلى قصور الدرق في المرحلة التالية، وتشمل الأعراض في هذه المرحلة:

•  التوعك.
•  تساقط الشعر.
•  عدم تحمل البرد.
•  الإمساك.
•  اكتساب الوزن المفاجئ.
•  دورة طمثية غزيرة عند النساء.
•  الاكتئاب.

تستمر الفترة الأولى من التهاب الدرق لأقل من ثلاثة أشهر، أما المرحلة الثانية قد تستمر مدة9 إلى 15 شهرًا إضافيًّا.

أنماط التهاب الدرق تحت الحاد:

توجد أربعة أنواع مختلفة من التهاب الدّرق تَحت الحاد:

•  التهاب الدرق تحت الحاد الحبيبي: وهو النمط الأكثر شيوعًا من التهاب الدرق تحت الحاد، ويسببه فيروس غالبًا.
•  التهاب الدرق التالي للولادة: يحدث في غضون سنة من الوضع، ويزول عادةً بعد 18 شهرًا، ويُعتقد أن سببه داء مناعي ذاتي مستبطن يسبب الالتهاب، وتحدث الأعراض على مرحلتين، إذ تبدأ بأعراض فرط نشاط الدرق، ثم تنتقل إلى أعراض قصور الدرق.
•  التهاب الدرق تحت الحاد اللمفاوي: تحدث هذه الحالة أيضًا في أثناء الفترة التالية للوضع، لكن تتطور أعراض فرط النشاط مبكرًا(عادةً في غضون ثلاثة أشهر من الوضع)، وتستمر أعراض القصور لعدة أشهر تالية.
•  التهاب الدرق الجسي: يتطور عند تضرر جريبات الدرق جراء التلاعب الميكانيكي، مثل الفحص المتكرر للغدة أو إجراء جراحة.

تتبع كل الأنماط الفرعية لالتهاب الدرق تحت الحاد مسارًا متشابهًا من الأعراض، إذ يتطور فرط النشاط أولًا، ثم يتحول إلى القصور، والاختلاف المميز الفاصل بينها هو العامل المسبب.

تشخيص التهاب الدرق تحت الحاد

سيتحسس طبيبك عنقك ويفحصه لملاحظة تضخم الدرق أو التهابه، وسيسأل أيضًا عن الأعراض وتاريخك المرضي الحديث، وقد يتوقع طبيبك أيضًا التهاب الدرق تحت الحاد حال إصابتك بعدوى فيروسية في الجهاز التنفسي العلوي قريبًا.

سيطلب طبيبك فحصًا دمويًّا لتأكيد التهاب الدرق تحت الحاد، ويكشف هذا الفحص عن مستويات بعض الهرمونات في دمك، وبالأخص الهرمون الدرقي الحر T4، والهرمون المحفز للدرق TSH. يكوِّن الهرمونان T4 وTSH معًا حلقة تلقيم داخلي internal feedback loop، إذ يرتفع أحد الهرمونين بانخفاض الآخر، والعكس.

تتنوع نتيجة الفحص الدموي تبعًا لمرحلة المرض، في المراحل الأولى سيكون مستوى الثيروكسين الحر T4 لديك مرتفعًا ومستوى TSH منخفضًا، وفي المراحل المتأخرة يرتفع TSH وينخفض T4، ويشير الاضطراب في مستوى أي من الهرمونين إلى وجود التهاب الدرق تحت الحاد.

كيف يُعالَج التهاب الدرق تحت الحاد؟

سيصف طبيبك أدويةً تساعد على تخفيف الألم والالتهاب في حالة التشخيص بالتهاب الدرق تحت الحاد، وتشمل الأدوية المتاحة ما يلي:

•  مضادات الالتهاب غير الستيرويدية دون وصفة: مثل أسبرين وإيبوبروفين، لتخفيف الالتهاب ومن ثم تخفيف الشعور بالألم، أما الباراسيتامول فهو غير فعال لأنه لا يقلل من أسباب التهاب الدرق.
•  الكورتيكوستيرويدات: تُستخدم عندما لا تكون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية فعالةً في تخفيف التورم، البريدنيزون هو كورتيكوستيرويد شائع الاستخدام لعلاج التهاب الدرق تحت الحاد، وقد يصف لك طبيبك 15 إلى 30 ملغ في اليوم جرعةً مبدئية، ثم تُقلل الجرعة تدريجيًّا على مدار 3-4 أسابيع.
•  حاصرات بيتا Beta-blockers: ويصفها الطبيب إذا ظهر فرط نشاط الدرق في المراحل الأولى، فتخفض هذه الأدوية من ضغط الدم ومعدل نبض القلب، فتعالج بعض الأعراض مثل القلق واضطراب ضربات القلب.

من المهم علاج فرط نشاط الدرق في مراحله الأولى، أما عند تأخر العلاج حتى تطور الحالة إلى المرحلة التالية، فسيتطور قصور الدرق، وقد تحتاج إلى تناول هرمونات مثل الليفوثيروكسين لتعويض نقص الهرمونات.

يكون علاج التهاب الدرق تحت الحاد مؤقتًا عادة، وسيوقف الأطباء أدويتك الموصوفة لعلاج هذا المرض عند شفائه.

الوقاية والتنبؤ:

لا توجد إجراءات وقاية واضحة في حالة التهاب الدرق تحت الحاد، لأن السبب الدقيق غير معروف، ومعاودته غير شائعة، وغالبًا يُشفى التهاب الدرق تحت الحاد ذاتيًّا.

يعتمد التنبؤ على امتداد الضرر في الغدة الدرقية، فقد تُصاب باضطرابات درقية دائمة إذا حدث تضرر كبير في الغدة، وعندها ستحتاج إلى رعاية طبية مستمرة.

ما هي التوقعات المستقبلية للمصابين بالتهاب الدرق تحت الحاد؟

تزول أعراض التهاب الدرق تحت الحاد في غضون 12 إلى 18 شهرًا من الإصابة، وقد تؤدي الحالة أحيانًا إلى استمرار قصور الدرق. وفقًا للجمعية الأمريكية للدرق فإن نحو 5% من المصابين بالتهاب الدرق تحت الحاد يطورون قصور درق دائم، لكن تندر الإصابة باضطرابات صحية دائمة.

اتصل بطبيبك عندما تشتبه في إصابتك بالتهاب الدرق تحت الحاد، فالتشخيص والعلاج المبكر يساعد على منع التطور الدائم لقصور الدرق.

اقرأ أيضًا:

سرطان الدرق أو سرطان الغدة الدرقية – كل ما يجب أن تعرفه

قصور الغدة الدرقية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: محمد ياسر جوهرة

تدقيق: مينا خلف

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر