الموسمية Seasonality هي سمة لسلسلة زمنية تمر فيها البيانات بتغيرات منتظمة قابلة للتوقع وتتكرر سنويًّا. يُطلق مصطلح التغير الموسمي seasonal على تقلب أو نمط قابل للتوقع، يحدث أو يتكرر في أثناء مدة زمنية محددة، هي سنة واحدة.
تختلف التأثيرات الموسمية Seasonal عن التأثيرات الدورية cyclical في أن التأثيرات الموسمية تُلاحَظ ضمن سنة تقويمية واحدة one calendar year، في حين تمتد التأثيرات الدورية -مثل ازدهار المبيعات الناجم عن انخفاض البطالة- فترات زمنية قد تزيد أو تقل عن سنة.
فهم الموسمية
يشير مصطلح الموسمية إلى تقلبات متكررة في أنشطة تجارية معينة، ودورات تحدث بانتظام على أساس موسم معين. وقد يعني الموسم فصلًا موسميًّا مثل الشتاء أو الصيف، أو موسمًا تجاريًّا مثل العطلات.
تستطيع الشركات -إذا كانت على دراية جيدة بموسمية أعمالها- توقع المخزون والكوادر والقرارات، وتوقيتها بما يلائم التغيرات الموسمية المتوقَعة لأنشطتها، ما يساعد على تقليل التكاليف ورفع العائدات.
ينبغي عند تحليل الأسهم أخذ آثار التغيرات الموسمية في الحسبان، لما تنطوي عليه من تداعيات على الأرباح ومحفظة المستثمر. فقد تحقق الشركات مبيعات كبرى في مواسم الذروة، لكنها تتعرض لخسائر في غيرها.
وإن لم يُؤخذ هذا في الحسبان، سيشتري المستثمر الأوراق المالية أو يبيعها بناءً على النشاط الحالي لتلك الأوراق، دون الانتباه إلى التغيرات الموسمية التي ستحدث لاحقًا، وتُعَد جزءًا طبيعيًّا من دورة الأعمال.
من المهم أيضًا أخذ التغيرات الموسمية في الاعتبار عند متابعة البيانات الاقتصادية، إذ قد يتأثر النمو الاقتصادي بمختلف العوامل الموسمية مثل الطقس والعطلات.
يستطيع المتخصصون في الاقتصاد الحصول على صورة أفضل عن حركة الاقتصاد إذا عدّلوا تحليلاتهم وفق تلك العوامل، مثلًا يتألف ثلثا الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي من الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما يمثل مقياسًا موسميًّا، وبذلك يزيد النمو الاقتصادي مع زيادة إنفاق المستهلكين.
وبالعكس، حين يقلل المستهلكون إنفاقهم، ينكمش الاقتصاد. وإذا لم تُؤخذ هذه التغيرات الموسمية في الحسبان، لن يحصل المتخصصون في الاقتصاد على صورة واضحة وصحيحة عن حركة الاقتصاد.
تؤثر الموسمية في الصناعات، وتُسمى الصناعات الموسمية، وهي الصناعات التي تحقق أكثر أرباحها في أوقات مُحدَّدة، مُتوقَعة من السنة التقويمية.
أمثلة للموسمية
نلاحظ الموسمية في العديد من المواقف المختلفة، إذ تتعلق بالتحولات المنتظمة في أوقات مختلفة من العام.
فمثلا إذا كنت تعيش في مناخ بارد شتاءً ودافئ صيفًا، سترتفع بالتأكيد تكلفة التدفئة شتاءً، ويصبح من المتوقَع تكرار تأثير التغيرات الموسمية على تكلفة التدفئة في الوقت ذاته كل عام.
وعلى نحو مشابه، تحقق شركات صناعة منتجات الوقاية من الشمس والعناية بالبشرة ارتفاعًا في مبيعاتها صيفًا، نتيجة زيادة الطلب على هذه المنتجات، في حين تنخفض مبيعات هذه المنتجات شتاءً.
أيضًا تتأثر مبيعات التجزئة retail salesبالتغيرات الموسمية، وتُستخدم في قياس الإنفاق والطلب ضمن تقارير شهرية تصدر عن مكتب الإحصاء الأمريكي. وتتغير البيانات في أوقات معينة من العام، لا سيما خلال موسم التسوق في العطلات، وتحديدًا في الربع الأخير من السنة بين شهري أكتوبر وديسمبر، ويحقق العديد من تجار التجزئة أرباحًا كبيرة نتيجة زيادة المبيعات في هذا الموسم.
حالات خاصة: التغيرات الموسمية والعمالة المؤقتة
تلجأ كبرى شركات البيع بالتجزئة، مثل العملاق أمازون، إلى توظيف عمال مؤقتين نتيجة ارتفاع طلب المستهلكين في موسم العطلات، ففي سنة 2008، أعلنت الشركة حاجتها لتوظيف نحو 100 ألف موظف استجابةً للنشاط المتوقع في متاجرها.
واتخذت شركات أخرى قرارات مشابهة في نفس التوقيت، وذلك بناءً على تحليل المواسم السابقة، واستخدام المعلومات الناتجة عن هذا التحليل في التنبؤ بمستوى مبيعات الموسم القادم. وعند انتهاء الموسم، تستغني الشركات عن أكثر الموظفين المؤقتين لانتهاء الاحتياج إليهم، بسبب انخفاض نشاط الشركات.
تعديل البيانات وفقًا للتغيرات الموسمية
تتأثر معظم البيانات بالوقت من السنة، وتعديل البيانات وفقًا للتغيرات الموسمية يعني إمكانية إجراء مقارنات أدق بين فترات زمنية مختلفة. ويجري بناء على ذلك تسوية التقلبات الدورية في الإحصاءات، أو في حركات العرض والطلب المرتبطة بتغير المواسم. يمكن إزالة التباينات الموسمية في البيانات باستخدام أداة تسمى المعدل السنوي المصحح موسميًّا Seasonally Adjusted Annual Rate (SAAR).
مثلًا، تُباع المنازل صيفًا بمعدل أسرع وبأسعار أعلى مقارنةً بالشتاء، فإذا قارن شخص ما أسعار مبيعات العقارات صيفًا بمتوسط أسعار العام السابق، فسيأخذ انطباعًا خاطئًا عن ارتفاع الأسعار. أما إذا عدّل البيانات الأولية بناءً على الموسم، فسيدرك أن ارتفاع الأسعار كان مؤقتًا لارتباطه بموسم معين.
اقرأ أيضًا:
مجموعة العشرين G-20: ما سياساتها وإلى ماذا تهدف؟
الأزمة المالية العالمية في خريف 2008: أزمة الرهن العقاري وانهيار البنوك
ترجمة: حليم عبد الأمير
تدقيق: محمد نجيب العباسي
مراجعة: أكرم محيي الدين
