لا يقتصر التصوير بالأشعة السينية على الاستخدامات والكشوف الطبية التشخيصية فقط، إذ يستطيع هذا الإشعاع ذو الطاقة الكبيرة الوصول إلى ما هو أعمق وأدق من عظم مكسور.
مؤخرًا، نجح العلماء بتوظيف هذه الأشعة في العالم الجزيئي، وتحديدًا في دراسة تفاعلات كيميائية حيوية في وقتها الحقيقي. ورغم كل هذا، ما يزال الباحثون يسعون لدراسة ذرة مفردة بواسطة التصوير بالأشعة السينية.
استنادًا إلى طرقهم البحثية، تمكن العلماء من التعرّف على ذرة واحدة وتمييزها بفضل التصوير بالأشعة السينية، ليس هذا فقط، إذ تمكنوا من التمييز بين نمطي الذرات المشاهدة، وهما نمطان متمايزان تمامًا، إضافةً إلى دراسة السلوك الكيميائي التي تظهره هذه الذرات.
يعلق ساو واي هلا على هذه القضية وهو المشرف الرئيس والبروفيسور لدى جامعة أوهايو ومختبر أرغون الوطني قائلًا: «عادة ما تُصوَّرُ الذراتُ باستخدام المجاهر التحقيقية الدقيقة، لكننا لانستطيع معرفة ماهيتها إلا بواسطة التصوير بالأشعة السينية.
استنادًا إلى التصوير بالأشعة السينية، يمكن تفحص الذرات بعناية وتحديد نمطها، إضافة إلى تحديد تفاعلاتها الكيميائية مع غيرها من الذرات، في الزمن الحقيقي وبدقّة عالية».
ويضيف: «إدراكنا لتلك الخاصية يمكّننا من تتبعٍ أقصى للتفاعلات الكيميائية المختلفة لذرة واحدة من كثب، وسيكون لذلك حتمًا تأثيرات عظيمة على العلوم الطبية والبيئية، وقد نجد علاجًا ذا تأثير هائل على البشرية. إنه اكتشاف قد يغير وجه العالم».
لا بد من ذكر الذرات المستخدمة في هذه التجربة الفريدة، إذ تمكن العلماء من تطبيقها على ذرة حديد وذرة تريبيوم -أحد أندر المعادن الموجودة على سطح الأرض- بإدخال كل من الذرتين إلى المضيف الجزيئي المناسب. وبعدها استُكمِلت عمليةُ التصوير بالأشعة السينية بواسطة جهاز مخصص مزوّد بطرف معدني حاد، موظّف لأغراض خاصة، تتعلق بتجميع الإلكترونات المثارة بالأشعة السينية، وبالقياسات التي جمعت بواسطة هذا الطرف، سيستطيع الفريق البحثي أن يعرف ما إذا كانت الذرة ذرة حديد أم تريبيوم.
يضيف البروفيسور هلا قائلًا: «لقد تمعنّا في الحالات الكيميائية لكل من الذرتين بدقة. وما نستطيع استنتاجه -بعد المقارنة بين الحالة الكيميائية لكل منهما داخل مضيفه الجزيئي- هو عدم تغيّر الحالة الكيميائية لذرة معدن التريبيوم، الأمر الذي لا تشاطرها به ذرة الحديد التي أبدت تفاعلًا واضحًا وقويًا مع ما يحيطها».
قورنت المشاهدات المسجلة مع القواعد النظرية. وهذه المقارنة مكنت الباحثين من فهم تركيب العينة ودراسة خصائصها الفيزيائية والكيميائية الذي من شأنه تحسين الأداء وتطبيق مجموعة متنوعة من المواد الشائعة وغير الشائعة أيضًا.
ختامًا، يقول البروفيسور تولوبي مايكل أجايي، وهو أول شخص ناقش هذه القضية في أطروحته لنيل درجة الدكتوراه: «هذا إنجاز جديد فتح آفاقًا جديدة في مجالات العلوم النانوية والأشعة السينية. علاوة على ذلك، فإن استخدام التصوير بالأشعة السينية لفحص الخصائص المميزة للذرات من شأنه إحداث ثورة تقنية وبحثية في مجالات الحوسبة الكمية أو حتى تتبع العناصر في البحوث البيئية والطبية بهدف استخلاص أدوية جديدة، وكذلك فتح الطرق البحثية في علوم وهندسة المواد المتقدمة».
اقرأ أيضًا:
ما هو التصوير باستخدام الأشعة السينية؟
الباحثون رصدوا أقوى إنبعاث لأشعة غاما في التاريخ
ترجمة: علي الذياب
تدقيق: نور حمود