استطاع علماء الفيزياء النظرية في اليابان وهولندا بعد طول انتظار إثبات النظرية التي تنص على وجود رابط بين التشابك الكمي والفيزياء التي تقوم عليها المحركات البخارية، إضافةً إلى تأثيره على الزمن وسيره باتجاه واحد فقط.

ستحكم هذه الخاصية العالمية -إذا كانت موجودة بالفعل وفق اقتراحهم- جميع التحولات بين الأنظمة المتشابكة، وتمنح الفيزيائيين طريقةً لقياس التشابك الكمي ومقارنته بما يتجاوز حساب الكيوبتات، ومعرفة الحدود المفروضة في التعامل مع الأزواج المتشابكة.

يعد التشابك الكمي -وهو ميل الكموم العائم في الأشياء المختلفة لتتوافق رياضيًا- جزءًا أساسيًا من الحوسبة الكمومية إلى جانب التراكب.

عندما تتشابك الجسيمات أو الذرات أو الجزيئات، فإن معرفة شيء ما عن أحدها يخبرنا شيئًا عن الآخر.

كان الفيزيائيون مهتمين في المقام الأول بكيفية ربط جزيئين في حالة متشابكة وعدم إزعاجهما في سعيهم لتحقيق أحلام الحوسبة تلك، حتى لا يتفككا وينقلا المعلومات على نحو مضمون عبر مسافات كبيرة.

لم يفكروا مليًا فيما إذا كان من الممكن تحويل الجسيمات المتشابكة من حالة كمومية إلى أخرى ومدى صعوبة ذلك، وما عدد الترتيبات المحتملة الموجودة، وإذا كانت عملية التشابك الكمي هذه قابلة للعكس في نهاية المطاف.

تصف القابلية العكسية في الديناميكا الحرارية العمليات المثالية التي يمكن التراجع عنها بطريقة تترك النظام -الكون- دون تغيير.

يُذكر مثلًا تحويل الماء إلى بخار مع الحرارة يؤدي إلى دفع المكبس، في حين قد يعيد المكبس الذي يدفع البخار إلى الحالة السائلة الساخنة.

إذا كان من الممكن حقًا إبطال حالة التشابك الكمي حتى لو نظريًا، فقد يعني ذلك أن أوجه التشابه الأخرى مع الديناميكا الحرارية قد تشير إلى حقيقة أعمق في ميكانيكا الكم.

يقول عالم فيزياء الكم بارتوش ريجولا من مركز RIKEN للحوسبة الكمومية في اليابان الذي تعاون مع لودوفيكو لامي من جامعة أمستردام في الدراسة: «يثبت عملنا الأخير قابلية الانعكاس في نظرية التشابك الكمي».

ويضيف ريجولا: «ليس لهذا الاكتشاف تطبيقات فورية ومباشرة في أسس نظرية الكم فقط، بل سيساعد أيضًا في فهم القيود النهائية على قدرتنا على التعامل بكفاءة مع التشابك في التجارب العملية».

لا يمكن حدوث العمليات العكسية في الواقع، بفضل القانون الثاني للديناميكا الحرارية الذي يتلخص في مفهوم يعرف باسم الإنتروبيا، وينص على أن أي حالة جديدة في نظام مغلق من المحتمل ألا تمتلك الطاقة اللازمة لعكس اتجاهها بالكامل بعد التغيير.

تتطلب عملية عكس المكبس مثلًا سحب طاقة من مكان آخر.

بما أن الكون نظام مغلق ولا يمكنه الحصول على الطاقة من أي مكان آخر، فإن إنتروبيا الكون ستزداد إلى الأبد.

قد يكون لتحديد التوازي في التشابك آثار عميقة في فهم التحولات الكمومية، نظرًا إلى العلاقة القوية بين الإنتروبيا وقابلية الانعكاس في الديناميكا الحرارية.

كان على ريجولا ولامي إثبات أن تحولات التشابك يمكن بالفعل جعلها قابلةً للعكس، تمامًا مثلما يمكن تحويل الشغل والحرارة في الديناميكا الحرارية لإنشاء إنتروبيا للتشابك.

يعد الاقتراح الذي ينص على وجود نوع ما من الإنتروبيا للتشابك تحولًا مفاجئًا من ريجولا ولامي، وقد نشرا العام الماضي دراسة في مجلة Nature Physics فحواها: «لا يوجد قانون ثانٍ للتلاعب بالتشابك على الإطلاق».

خلص الثنائي إلى أنه نظرًا إلى أن الجسيمات المتشابكة ستؤدي دائمًا إلى فقدان بعض هذا التشابك -الذي لا يمكن استعادته بالكامل- سيكون من المستحيل تحويل حالة كمومية أو مورد إلى حالة أخرى وعكس تلك العملية.

تظهر تجاربهم الحديثة -مستخدمين تحويلات التشابك الاحتمالية التي تعمل فقط لبعض الوقت لكنها توفر المزيد من القوة- إطارًا عكسيًا للتشابك يمكن تطبيقه على أرض الواقع.

يعترف ريجولا مع ذلك بأن توضيح كيفية عمل تحولات الجسيمات المتشابكة عمليًا -وليس مجرد إظهار أنها ممكنة إحصائيًا- يتضمن معالجة المشكلات الرياضية التي تجنبت كل محاولات حلها حتى الآن.

يعد عمل الباحثين خروجًا عن المحاولات السابقة لتوصيف بعض التحولات الكمية، لأنه يأخذ في الاعتبار فقط التحولات التي يمكن تحقيقها مع بعض الاحتمالات مهما كانت هذه الاحتمالات صغيرة جدًا.

قد لا تكون هذه الاحتمالات كافية لإثبات وجود تحولات قابلة للتكرار، والعكس للحالات المتشابكة في الممارسة العملية نتيجة لذلك.

يقول ريجولا: «يظل فهم المتطلبات الدقيقة لقابلية التراجع مشكلة مفتوحة ورائعة».

اقرأ أيضًا:

توصل العلماء إلى طريقة لإنشاء تشابك كمي مستقر

التشابك الكمي، أغرب غرائب نظرية الكم: جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر