يعدّ التسمم بالإشعاع حالة نادرة للغاية تنشأ عندما يتعرض الشخص لجرعات عالية جدًا منه. والإشعاع طاقة تسافر في الفضاء بسرعة الضوء. إذا احتّكت بكائن حي، قد تتسبّب بتلف الحمض النووي.
يحدث التسمم بالإشعاع فقط عند التعرض لكميات مرتفعة للغاية منه في فترة زمنية قصيرة، مثل حدوث انفجار نووي أو عند التعامل المباشر مع مواد إشعاعية.
كمية الإشعاع التي يتعرض لها الشخص عند استخدام الأشعة السينية، وعلاجات السرطان، وغيرها من الإجراءات الطبية غير كافية تقريبًا لتسبب التسمم الإشعاعي.
التسمم بالإشعاع:
يعد التسمم بالإشعاع مصطلحًا يُستخدم على نحو شائع للإشارة إلى متلازمة الإشعاع الحادة، وهي حالة مرضية تحدث بعد التعرض لمستويات سامة من الإشعاع.
يعرّف المجلس الوطني للحماية من الإشعاع والقياسات متلازمة الإشعاع الحادة باعتبارها مصطلحًا واسعًا يصف علامات وأعراض الضرر الشديد لأنظمة الأعضاء الخاصة بالشخص بعد تعرض كبير للإشعاع.
تزيد احتمالية التسمم بالإشعاع وشدته عندما تكون جرعات الإشعاع عالية.
يقيس العلماء كمية الإشعاع التي يمتصها الشخص باستخدام وحدتين تسميان ‘جراي’ و ‘راد’. قد تسبب جرعة الإشعاع التي تزيد عن 0.7 جراي أو 70 راد التسمم بالإشعاع.
قد تبدأ الأعراض الخفيفة للتسمم بالإشعاع عند معدلات امتصاص منخفضة تصل إلى 0.3 جراي أو 30 راد. لكن، نسبيًا، هذا مستوى عالٍ جدًا من التعرض. على سبيل المقارنة، إنّ 0.75 جراي يعادل تقريبًا إجراء 18,000 صورة أشعة تشخيصية للصدر في الوقت نفسه.
عمومًا، لا يحدث التسمم بالإشعاع إلا إذا:
- وصل الإشعاع إلى الأعضاء الداخلية.
- تعرضت نسبة كبيرة من الجسم للإشعاع.
- وصلت الجرعة في فترة قصيرة، عادة في غضون دقائق.
أعراض التسمم بالإشعاع:
يتطور التسمم بالإشعاع عبر 4 مراحل:
- المرحلة التمهيدية: قد تظهر أعراض مثل القيء والغثيان والإسهال في دقائق إلى أيام بعد التعرض.
- المرحلة الكامنة: تتلاشى الأعراض خلال المرحلة الكامنة، عادة ما يشعر الشخص بالصحة لساعات إلى أسابيع.
- مرحلة ظهور المرض: تظهر الأعراض مرة أخرى في مرحلة ظهور المرض. تعتمد الأعراض على الجهاز العضوي الذي تضرر.
- التعافي أو الموت: قد تستمر عملية التعافي لدى الشخص بين عدة أسابيع حتى سنتين. يموت معظم الأشخاص إذا لم يتعافوا خلال عدة أشهر.
الأعراض المبكرة:
تتطور أعراض التسمم بالإشعاع غالبًا بعد وقت قصير من التعرض، قد تشمل:
- الغثيان والقيء.
- الصداع.
- الدوخة.
- الضعف.
- التعب.
- النزيف.
- فقدان الشعر.
- الانتفاخ.
- الحكة.
- احمرار الجلد.
- مشكلات أخرى في الجلد.
متلازمات التسمم بالإشعاع:
توجد 3 متلازمات نموذجية مرتبطة بالتسمم بالإشعاع. تعدّ المتلازمة مجموعة من العلامات والأعراض التي تحدث معًا.
تتضمن المتلازمات الثلاث التي تظهر في أثناء مرحلة ظهور المرض:
- متلازمة نخاع العظم: تدمر هذه المتلازمة الخلايا في نخاع العظم. غالبًا ما يحدث ذلك بعد التعرض لمستويات إشعاع تتراوح بين 0.7 إلى 10 جراي، لكن قد تبدأ أعراض خفيفة عند 0.3 جراي.
- متلازمة الجهاز الهضمي (GI): تحدث متلازمة الجهاز الهضمي عادة عند جرعات الإشعاع التي تزيد عن 10 جراي، لكن قد تظهر بعض الأعراض عند 6 جراي. تتميز هذه المتلازمة بتدمير الجهاز الهضمي، والجفاف، وعدم توازن الكهارل. من غير المرجح أن يبقى الشخص على قيد الحياة بعد إصابته بهذه المتلازمة.
- متلازمة الجهاز القلبي الوعائي والعصبي المركزي: تحدث هذه المتلازمة عادة عند جرعات الإشعاع التي تزيد عن 50 جراي، لكن قد تحدث في بعض الأحيان عند جرعات تصل إلى 20 جراي. تحدث الوفاة خلال 3 أيام، غالبًا بسبب تدمّر الجهاز الدوري الدموي.
أسباب التسمم بالإشعاع:
يعدّ التسمم بالإشعاع نادرًا. يحدث عادة بعد:
- حوادث شديدة مثل انفجارات نووية.
- التعامل المباشر مع مواد إشعاعية عالية.
- استهلاك طعام أو ماء ملوث بالإشعاع النووي.
يعدّ انفجار تشيرنوبيل في الاتحاد السوفيتي عام 1986 والقنابل الذرية التي أُلقيت في هيروشيما وناغازاكي عام 1945 مثالين على حوادث أدت إلى تعرض الإنسان لكميات فتاكة من الإشعاع.
تزداد فرص التعرض للتسمم بالإشعاع كلما كان الشخص أقرب إلى انفجار نووي.
لا تعرض الأشعة السينية والأجهزة الطبية الشخص لكميات كافية من الإشعاع لتسبب التسمم بالإشعاع. لكن التعرض المتكرر قد يزيد خطر الإصابة بالسرطان على نحو طفيف على مدى الحياة.
التطهير والوقاية:
قد يقلّل التطهير السريع بعد حدوث فعل نووي التعرض للإشعاع.
قد يزيل خلع الملابس وغسل الجسد بالماء والصابون معظم التلوث الإشعاعي. قد تقلل إزالة الملابس الملوثة وحدها التعرض بنسبة 80٪.
في حالة هجوم إرهابي، توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بالتالي:
- خلع الملابس عند باب المنزل أو في المرآب إذا كان ذلك ممكنًا قبل الدخول إلى المنزل.
- تجنب ملامسة الوجه غير الضرورية، وتجنب مضغ العلكة أو التدخين حتى بعد التطهير.
- الاستحمام بالماء الدافئ والصابون.
- مسح الأنف برفق، ومسح الجفون، وتنظيف الأذنين.
- ارتداء ملابس نظيفة.
- شطف حوض الاستحمام أو الدش.
- الاستماع إلى وسائل الإعلام للحصول على تعليمات من السلطات الصحية العامة في المنطقة.
ما يجب فعله في حالة حدوث حالة طوارئ إشعاعية:
في حالة الطوارئ الإشعاعية، قد تُقلّل المخاطر باتخاذ الخطوات التالية:
- الدخول إلى مبنى وإغلاق وقفل النوافذ والأبواب.
- الانتقال إلى منتصف المبنى أو إلى الطابق السفلي، بعيدًا عن الأبواب والنوافذ.
- إدخال الحيوانات الأليفة إلى المنزل في حال تواجدها.
- البقاء داخل المبنى مع إغلاق النوافذ والأبواب.
- الاستحمام أو تنظيف الأجزاء المعرضة من الجسد بقطعة قماش مبللة.
- شرب مياه معبأة وتناول طعام موجود في حاويات محكمة الإغلاق.
- الاستماع إلى الأخبار عبر قنوات الطوارئ لفهم ما يحدث.
تأثيرات التسمم بالإشعاع طويلة الأمد:
قد يزيد التعرض لمستويات عالية من الإشعاع من مخاطر الإصابة بمشاكل طويلة الأمد مثل السرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية في المستقبل.
أظهرت بعض الأبحاث أن سرطان الدم اللوكيميا قد يحدث في غضون سنتين من التعرض للإشعاع، لكن الأورام السرطانية عادةً لا تحدث إلا بعد مرور ما لا يقل عن 10 سنوات من التعرض.
دُرست مجموعة من الناجين من حادثتي هيروشيما وناغازاكي تتألف من 94000 شخص لسنوات عديدة لفهم تأثيرات تعرضهم للإشعاع. من بين جميع الناجين الذين أصيبوا باللوكيميا في تلك المجموعة، كان اللوكيميا يُعزى إلى تعرضهم للإشعاع في نحو ثلثهم.
كانت معدلات سرطان الغدة الدرقية لدى الأطفال والمراهقين الذين يعيشون في منطقة انفجار تشيرنوبيل نحو 100 مرة أعلى من المتوقع.
تزداد مخاطر الإصابة بالسرطان مع زيادة التعرض للإشعاع. يُعتقد أن الجرعات من 0.005 إلى 0.1 جراي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 2%. لكن يزيد الخطر بنسبة أكثر من 60% عندما تتجاوز الجرعات 2 جراي.
أسئلة متكررة:
فيما يلي بعض الأسئلة المكررة التي يطرحها الناس حول آثار التسمم بالإشعاع.
هل يعالج اليود التسمم بالإشعاع؟
لا يساعد اليود في علاج التسمم بالإشعاع، لكنه قد يمنع الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع، الأمر الذي قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. أكثر من 6,000 طفل تطور لديهم سرطان الغدة الدرقية بعد انفجار تشيرنوبيل.
يُفضل تقديم مكملات اليود بوتاسيوم لجميع الأطفال والإناث اللواتي تعرضن لمستويات عالية من الإشعاع.
هل يمكن أن تسبب علاجات السرطان التسمم بالإشعاع؟
إنّ كمية الإشعاع المستخدمة في علاجات السرطان غير كافية لتسبب التسمم بالإشعاع. لكنها قد تسبب لاحقاً آثارًا جانبية. على سبيل المثال، قد يؤدي الإشعاع إلى تأثيرات فكرية على الدماغ قد لا تظهر لأكثر من 6 أشهر بعد العلاج.
هل يمكن البقاء على قيد الحياة بعد التسمم بالإشعاع؟
من الممكن البقاء على قيد الحياة بعد التسمم بالإشعاع. تقل فرص البقاء على قيد الحياة مع زيادة جرعات الإشعاع.
هل توفي الناس بسبب التسمم بالإشعاع في تشيرنوبيل؟
وفقًا لجمعية الطاقة النووية العالمية، توفي اثنان من عمال محطة تشيرنوبيل مباشرة بسبب الانفجار، وتوفي 28 شخصًا آخرون في غضون بضعة أسابيع بسبب التعرض لكميات عالية جدًا من الإشعاع.
اقرأ أيضًا:
وقاية الأطفال من التسمم الغذائي في عمر ما فوق السنة
ترجمة: عقيل الحسن
تدقيق: فاطمة جابر