أول أكسيد الكربون أو ما يدعى بالقاتل الصامت، هو غاز لا طعم له ولا رائحة ولا صوت، وليس باستطاعة الناس ولا الحيوانات معرفة فيما إذا كانوا يستنشقونه، ومن الممكن أن يكون هذا قاتلًا. إن أول أكسيد الكربون Carbon monoxide CO هو عبارة عن منتج جانبي لعملية الاحتراق، وبالتالي فإن بعض الأثاث المنزلي كموقد الغاز والأفران (المدافئ) النفطية والمولدات المتنقلة و شواية الفحم وغيرها تعرض الناس لخطر هذا الغاز الذي يتسبب ببما يدعى التسمم بأول أكسيد الكربون.
وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة the Centers for Disease Control and Prevention (CDC)، يموت أكثر من 400 أمريكي كل عام بسبب التسمم الناتج عن أول أكسيد الكربون والذي لم يتشكل بسبب حرائق ما. وهناك أكثر من 20000 زيارة لغرفة الطوارئ بسبب هذا التعرض وأكثر من 4000 حالة تطلبت عناية طبية فائقة. لذلك ومن الضروري أن يكون لكل مسكن جهاز إنذار لأول أكسيد الكربون.
التأثيرات
الهيموغلوبين هو جزيء في خلايا الدم الحمراء ينقل الأكسجين من الرئتين إلى الأنسجة في جميع أنحاء الجسم، ثم يرجع بأول أكسيد الكربون من الأنسجة. يرتبط أول أكسيد الكربون بالهيموغلوبين أسهل ب 200 مرة من الأكسجين، لذلك إذا كان أول أكسيد الكربون موجودًا فلن يتمكن الأكسجين من إيجاد مساحة كافية للدخول إلى الهيموغلوبين وذلك لأن المساحة مشغولة بـال CO.
نتيجة لذلك سيتم تجويع أجزاء من الجسم من الأكسجين ومن ثم ستموت تلك الأجزاء المصابة. يحتاج الجسم البشري إلى الأكسجين لكن لا فائدة له من أول أكسيد الكربون. وإذا استنشقنا أول أكسيد الكربون فهو لا يوفر أي فائدة لنا لكنه يحرم الدم من الأكسجين.
توفي نجم التنس فيتاس غيرولايتيس Vitas Gerulaitis بسبب التسمم بأول أكسيد الكربون في عام 1994. فقد كان كوخه في لونغ آيلاند بنيويورك ممتلئًا بأول أكسيد الكربون بسبب خطأ في سخان حمام السباحة. قد يلاحظ الشخص الذي يتعرض لأول أكسيد الكربون وجود خطب ما، لكنه قد لا يعرف من أين تأتي هذه الأعراض.
أعراض التسمم بأول أكسيد الكربون
قد يشعر الشخص كما لو كان مصابًا بالأنفلونزا لكن دون ارتفاع في الحرارة. وإذا كان لدى عدة أشخاص في نفس المبنى نفس الأعراض فقد يكونون متعرضين للتسمم بأول أكسيد الكربون.
في حال حدوث ذلك يجب إغلاق جميع أجهزة الطهي والتدفئة وفتح جميع النوافذ وإخطار سلطات سلامة الغاز المحلية. كلما طالت مدة تعرض الفرد لأول أكسيد الكربون، زادت حدة الأعراض.
في غضون ساعات قليلة من التعرض لأول مرة قد يواجه الشخص ما يلي:
- فقدان التوازن.
- مشاكل بالرؤية.
- مشاكل بالذاكرة.
- وفي نهاية المطاف فقدان للوعي.
وإذا كانت الأعراض خفيفة فهناك فرصة كبيرة للشفاء التام. وقد تحدث أعراض أخرى في وقت لاحق حتى بعد أشهر من استنشاق غاز أول أكسيد الكربون وهذه الأعراض تشمل:
- الارتباك والتشوش.
- مشاكل بالذاكرة.
- صعوبات تنسيقية.
التسمم الخطير بغاز أول أكسيد الكربون يمكن أن يسبب مشاكل طويلة الأمد، بما في ذلك تضرر القلب. يميل الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية أو مشاكل تنفسية إلى التعرض بسرعة أكبر للتسمم بغاز أول أكسيد الكربون. كما أن النساء الحوامل والرضع والأطفال الصغار أكثر عرضة أيضًا.
والحيوانات الأليفة أيضًا سوف تتفاعل بسرعة مع التسمم ب CO. فإذا مرض حيوان أليف من العائلة فجأة أو مات بشكل غير متوقع ولا يمكن ربط الوفاة بأي شيء آخر مثل العمر أو ظرف حالي ما، فيجب على المالكين محاولة اعتبار التسمم بأول أكسيد الكربون كأحد الأسباب المحتملة.
أسباب التسمم بأول أكسيد الكربون
قد تكون الأجهزة المنزلية مثل مواقد الغاز والغلايات وأنظمة التدفئة المركزية وسخانات المياه وأجهزة الطهي والنيران المفتوحة (المكشوفة) التي تستخدم الغاز والنفط والفحم والخشب؛ مصادر ممكنة لغاز أول أكسيد الكربون ويحدث ذلك عندما لا يحترق الوقود بالكامل. يمكن أن يؤدي تشغيل محرك السيارة في مكان مغلق إلى التسمم بأول أكسيد الكربون.
إذا كانت الأجهزة المنزلية تتم صيانتها بشكل جيد ودوري وتستخدم بأمان فينبغي عليها أن تنتج كميات ضئيلة (يمكن إهمالها) من غاز أول أكسيد الكربون. إلا أن استخدام الأجهزة القديمة وعدم صيانتها بشكل متكرر يؤدي إلى خطر أكبر لانبعاثات أول أكسيد الكربون.
فيما يلي بعض الأسباب الأخرى لانبعاثات غاز أول أكسيد الكربون وتراكمه:
- يؤدي تدخين السجائر إلى ارتفاع مستويات أول أكسيد الكربون في الدم.
- يمكن أن يؤدي ترك سيارة في مرآب مغلق مع تشغيل محركها إلى إنتاج كميات مميتة من أول أكسيد الكربون خلال 10 دقائق فقط.
- حرق الفحم ينتج غاز أول أكسيد الكربون.
- المداخن والمواقد المسدودة يمكن أن تمنع أول أكسيد الكربون من الهروب والنفاذ خارجًا.
- يمكن أن تسبب أبخرة بعض مزيلات الطلاء وسوائل التنظيف التسمم بأول أكسيد الكربون.
يجب التعامل مع المنتجات المحتوية على كلوريد الميثيلين (ديكلورو ميثان) بحذر لأن كلوريد الميثيلين يتحول إلى أول أكسيد الكربون عندما يتم تنفسه.
التشخيص
من المهم أن تكون على بينة من العلامات المحتملة للتسمم بأول أكسيد الكربون، وتشمل:
- نسبة كبيرة من الناس في نفس البيئة قد أظهروا نفس الأعراض.
- تتحسن الأعراض عندما يكون الشخص بعيدًا عن تلك البيئة، وتعود للظهور عند عودته.
- الأعراض الموسمية والتي قد تنجم عن نظام التدفئة المركزية الذي يستخدم فقط في أوقات معينة من السنة.
قد يطلب الطبيب إجراء فحص للدم للكشف عن مستويات غير عادية من كربوكسي الهيموغلوبين carboxyhemoglobin وربما تخطيط القلب الكهربائي (ECG) الذي يقيّم مدى جودة ضخ القلب للدم حول الجسم.
العلاج
الخطوة الأولى هي الابتعاد عن المصدر المحتمل لغاز أول أكسيد الكربون وتقييم الأعراض. إذا كانت الأعراض حادة فقد ينقل الشخص إلى المستشفى.
يشمل العلاج بالمستشفى إعطاء غاز بنسبة 100٪ من الأكسجين والذي يتم توفيره من خلال قناع (كمامة تنفسية) لتسريع إنتاج الأوكسي هيموغلوبين الذي سيحل محل الكربوكسي هيموغلوبين.
إذا اشتبه الطبيب في تلف بالأعصاب أو إذا كان التعرض لأول أكسيد الكربون واسع النطاق، فقد يقدّم علاج بالأكسجين عالي الضغط hyperbaric oxygen therapy HBOT. هذا العلاج يغمر الدم بالأكسجين النقي للتعويض عن نقص الأكسجين الناجم عن التسمم بغاز أول أكسيد الكربون.
قد يعطى HBOT للمرضى الذين تقلصت أو انعدمت لديهم كمية الأكسجين تمامًا، أو للمرضى في غيبوبة، أو للأشخاص الذين لديهم تاريخ من فقدان الوعي، وأولئك الذين لديهم قراءة ECG غير معتادة أو نشاط مخي منخفض، وكما يُعطى للنساء الحوامل.
المضاعفات
يمكن لمضاعفات التسمم بأول أكسيد الكربون أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. كما يمكن أن يحدث تلف في الدماغ، وقد يتسبب في تدهور تدريجي للذاكرة والتركيز. ونادرًا جدًا قد يتم ربط التسمم بأعراض مرض باركنسون وهذه تشمل الصلابة والحركات البطيئة والهز.
يمكن أن يحدث تلف في القلب بما في ذلك مرض الشريان التاجي خاصة إذا تعرض الشخص للغاز لفترة طويلة. ويمكن أن يحدث سلس البول عند النساء المصابات بتسمم حاد من غاز أول أكسيد الكربون.
الوقاية من التسمم بأول أكسيد الكربون
من المهم أن تكون على دراية بأخطار التسمم بأول أكسيد الكربون، ولمنع تسرب غاز أول أكسيد الكربون يمكن أن يساعدك ما يلي:
- الاحتفاظ بالأجهزة في حالة عملية جيدة واستخدمها بأمان وصيانتها بانتظام بواسطة عامل مختص مؤهل ومسجل.
- عدم استخدام نطاقات غازية (مدافئ غازية مكشوفة النيران) أو الأفران للتدفئة.
- التأكد من أن جميع الغرف جيدة التهوية وأن فتحات التهوية غير مسدودة. والحذر بشكل خاص في البيئات المعزولة جيدًا.
- كسح المداخن وفوهات المواقد بانتظام من خلال عملية مسح مؤهلة تمامًا ولو لمرة واحدة على الأقل سنويًا.
- الحذر عند استخدام الأدوات والمعدات التي تعمل بالغاز داخل الغرف.
- ارتداء قناع عند استخدام المنتجات التي تحتوي على كلوريد الميثيلين.
- عدم ترك أي محرك يعمل بالبنزين يعمل في مرآب وعلى سبيل المثال الدراجات النارية أو السيارات أو ماكينات جز العشب.
- عدم استخدام الفحم للشواء في الأماكن المغلقة.
- عدم استخدام مولد على بعد 20 قدمًا (6 أمتار) من النافذة أو الباب أو فتحة التهوية.
- صيانة أنابيب العادم في السيارات كل عام.
- فتح الأبواب والنوافذ إذا كان صندوق السيارة مفتوحًا وكان المحرك يعمل.
ينصح مركز السيطرة على الأمراض (CDC) كل منزل بتثبيت جهاز إنذار لغاز أول أكسيد الكربون. بعض أجهزة الكشف لديها قراءات رقمية. بينما تعطي أجهزة أخرى صوتًا عالي النبرة عندما تتجاوز مستويات أول أكسيد الكربون حدًا معينًا.
وفقًا للجنة الولايات المتحدة لسلامة المنتجات الاستهلاكية فإن التعرض الطويل الأمد لما يتراوح بين 1 و 70 جزءًا من المليون من أول أكسيد الكربون لن يسبب عادة أي ضرر، ولكن قد يصاب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب بألم في الصدر.
قد تتسبب المستويات التي تزيد عن 70 جزءًا في المليون في حدوث أعراض ملحوظة، وإذا تجاوزت 150 إلى 200 جزء في المليون، فقد تتسبب باختلال وفقدان الوعي والموت. يمكن وضع جهاز إنذار في كل منطقة نوم في المنزل. كما يجب فحص أجهزة الإنذار بانتظام.
اقرأ أيضًا:
ما هو التسمم بالرصاص ؟ وكيف يحصل ؟
التسمم بالرصاص: أسبابه وأعراضه ومضاعفاته وتدبيره
التسمم بالباراسيتامول (الأسيتامينوفين) : الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ما هي أفضل الأطعمة للتناول بعد حالات التسمم الغذائي؟
ترجمة: فراس خزام
تدقيق: فارس سلطة