إن الأشخاص الذين يحتفلون بعيد الشكر ويقومون بتقديم ديك الحبش بطريقة القلي العميق (قلي الطعام في الزيت أو الدسم بكميةٍ كافيةٍ لتغطيته بشكلٍ تام) يساهمون بتغييراتٍ بيئيةٍ يمكن قياس تأثيرها على أكثر من مجرد جداول.
تبعًا لفريقٍ من الباحثين, فإن استخدام القلي العميق يمكن أن يجعل مدننا أكثر غيومًا، البحث المنشور في مجلة “اتصالات الطبيعة” “Nature communications”يوضح بالتفاصيل كيف تقوم الأحماض الدسمة المنطلقة إلى الهواء عند قلي الطعام بتغليف الجسيمات في الغلاف الجويّ مما يجعلها مكوناتٍ أفضل للغطاء الغيمي (السحابي).
تُشكل الدهون الثلاثية والأحماض الدسمة المنطلقة إلى الهواء من عملية القلي مركبًا ذا بنيةٍ جزيئيةٍ كريستالية ثلاثية الأبعاد، وإن لزوجة هذه الأحماض تجعل الجسيمات المغطاة تدوم لمدةٍ أطول وتسافر لمسافاتٍ أبعد وتمتص مقدارًا أكبر من الرطوبة في الهواء على طول مسارها.
هذا الأمر يغذي عملية تشكل السحب والغيوم؛ لأن قطرات الماء الصغيرة في الهواء تستطيع التحول إلى غيومٍ فقط في حال اتصالها مع الدخان والضباب الذي يشكل النواة الداخلية لقطرات الغيمة.
إن تأثير البخار الدسم في الهواء يشابه تأثير جزيئات الصابون في المغسلة، فكما تساعد الأحماض الدسمة في الصابون على تنظيف الصحون, فإنها أيضًا تجعل ماء الغسيل أكثر ضبابية ويقوم بامتصاص مقدارٍ أكبر من الرطوبة من الهواء، جزيئات الدسم الناتجة عن القلي العميق الموجودة في الهواء يمكن أن تعمل بنفس الطريقة.
كلما ازدادت فترة بقاء مثل هذه الجزيئات في الهواء, ازدادت فرص ارتباطها مع بخار الماء وتشكيلها للغيوم.
يقدّر الباحثون أن الجزيئات الدوارة والمتحركة (مثل الغبار والملح) والمغطاة بزيت القلي العميق يمكن أن تطول مدة بقائها في الغلاف الجويّ من ساعتين إلى 24 ساعة.
في المدن الحاوية على محبي الطعام المقلي تتجمع الانبعاثات الدسمة سوية, حيث على سبيل المثال, في لندن هناك ما نسبته 10% من الجسيمات الدقيقة في الهواء والتي تأتي من الأحماض الدسمة المرتبطة بعملية الطبخ.
يقول آدم سكويرز ((Adam squiresوهو بروفيسور مساعد في علم المواد والفيزياء الحيوية لبرنامج “بيزنس إنسايدر” “Business insider”عبر تويتر: “إن الجزيئات الناتجة عن القلي العميق من المرجح أن تمتلك أكثر من تأثير ٍعلى الغيوم مما كنا نعتقد سابقًا”.
ويقول سكويرز: “بما أن البحث أُجري في المختبر فهناك حاجةٌ للمزيد من البحث لمعرفة كيفية تأثير الأحماض الدسمة على الغطاء الغيمي (السحابي) فوق المدن”.
من ناحيةٍ أخرى, إنَّ وجود غطاءٍ غيمي منخفض المستوى يمكن أن يُنتج درجات حرارةٍ أكثر اعتدالًا على الأرض, يحذر سكويرز أنَّ اكتشافه هذا لا يجب أن يكون سببًا يهدد طريق خروجنا من التغير المناخي.
كتب سكويرز على تويتر: “أنا لست عالم مناخ, لكن من المؤكد أنَّ جزءًا مما قلناه سيساهم في زيادة الوعي حول الاحتباس الحراريّ”, مشيرًا بذلك إلى أن الوقود اللازم لتشغيل معدات القلي العميق له تأثيرٌ على الانبعاثات الحرارية.
ولذلك يجبُ ألا نقوم بزيادة كمية الطعام المقلي في وجبات طعامنا معتقدين بذلك أننا نساهم بالحد من الاحتباس الحراريّ، الطعام المقلي والدونات (الكعك المقلي) يمكن أن يكونا لذيذين, لكنهما لا يشكلان وصفةً مناسبة للهندسة الجيولوجية للأرض.
نشر بواسطة “Business insider”
- ترجمة: م. يازد حسامو.
- تدقيق: تسنيم المنجّد.
- تحرير: سهى يازجي.
- المصدر