يوجد ادعاء أن الماء والالكترونيات عادة لا يجتمعان، ولكن اتضح أن بعض الماء قد يفيد البطاريات، والبطاريات المائية الجديدة أرخص، وقابلة لإعادة التدوير، ولا تنفجر.
طور العلماء بطارية مائية قابلة لإعادة التدوير باستبدال الإلكتروليتات الكيميائية الخطرة (الكهارل او الشوارد) المستخدمة في البطاريات التجارية بالمياه، وبذلك حل استخدام التكنولوجيا الناشئة مشكلات أساسية، وقد تكون بديلاً أكثر أمانًا وصديقة للبيئة.
أطلق رسميًا اسم «بطاريات أيونات المعادن المائية» على البطاريات المائية، ويدخل في تركيبها معادن مثل المغنيسيوم أو الزنك، وهي أرخص في التجميع وأقل سُمية من المواد المستخدمة حاليًا في أنواع البطاريات الأخرى.
تُخزّن البطاريات الطاقة، بصفة عامة، بواسطة خلق تدفق من الإلكترونات التي تنتقل من الطرف الموجب للبطارية (الكاثود أو المهبط) إلى الطرف السالب (الأنود أو المصعد)، ثم تعطي الطاقة عندما تتدفق الإلكترونات في الاتجاه المعاكس. وينقل السائل الموجود في البطارية الإلكترونات ذهابًا وإيابًا بين الطرفين.
يتكون السائل الإلكتروليتي في البطارية المائية من الماء مع قليل من الأملاح بدلاً من حمض الكبريتيك أو ملح الليثيوم على سبيل المثال.
توصل الفريق الذي يقف وراء هذا التقدم الأخير إلى طريقة حاسمة لمنع عمل دائرة قِصر للبطاريات المائية. يحدث هذا القصر عندما تتشكل زوائد معدنية مدببة صغيرة تسمى التشعبات dendrites على الأنود المعدني داخل البطارية، وتخترق حجرات البطارية. وكان نمو تلك التشعبات العقبة الرئيسية أمام استخدام بطاريات أيونات المعادن المائية.
لمنع ذلك، غلّف الباحثون أنود الزنك في البطارية بمعدن البزموت، الذي يتأكسد ليشكل الصدأ، ويؤدي هذا إلى إنشاء طبقة واقية تمنع تشكل التشعبات.
أظهرت تجارب الباحثين أن هذه الميزة تساعد النموذج الأولي للبطاريات المائية على الاستمرار لفترة أطول، والاحتفاظ بأكثر من 85% من سعتها بعد 500 دورة.
يقول تياني ما Tianyi Ma المؤلف الرئيسي للبحث والعالم الكيميائي في معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا RMIT في ملبورن بأستراليا: «مع مزيد من البحث والتطوير، قد توفر البطارية المائية بديلاً آمنًا لبطاريات أيونات الليثيوم في غضون عقد من الزمن أو نحو ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أنه من غير المرجح أن تحل التكنولوجيا الجديدة محل بطاريات أيونات الليثيوم في المستقبل القريب».
توجد بطاريات الليثيوم أيون في كل شيء بدءًا من أجهزة الكمبيوتر المحمول والهواتف وحتى الدراجات الكهربائية والسيارات، وقد ترتفع درجة حرارتها وتشتعل فيها النيران في بعض الحالات الاستثنائية وغير العادية بسبب احتوائها على الليثيوم -وهو معدن نشط إلى حد كبير- المغمور في إلكتروليت عضوي.
يحاول الباحثون منذ فترة طويلة ابتكار بطاريات تستخدم مواد مختلفة ولكنها تعطي نفس الأداء ولها نفس العمر الافتراضي، بسبب هذه المخاوف المتعلقة بالسلامة.
وفقًا لرويس كورميلوف Royce Kurmelovs من صحيفة ذا غارديان The Guardian، فقد طور الفريق حتى الآن نماذج أولية لبطارية تعتمد على الماء بحجم العملة المعدنية مثل تلك المستخدمة في الساعات، بالإضافة إلى بطاريات أسطوانية مشابهة للبطاريات التقليدية أحجام AA أو AAA. يعمل الفريق على تحسين كثافة الطاقة في بطارياتهم المائية لكي تُقارن ببطاريات الليثيوم أيون المدمجة الموجودة داخل أجهزة الجيب صغيرة الحجم.
لبطارية الرصاص الحمضية كثافة طاقة منخفضة، وتُستخدم لبدء تشغيل محركات السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، وتُستخدم أيضًا على نطاق واسع في تخزين طاقة شبكات الكهرباء. لكن نظرًا لاحتوائها على الرصاص والأحماض الخطرة، فلا يمكن إلقاؤها في البيئة ويجب إعادة تدويرها في منشآت متخصصة.
تولى أولوية قصوى أيضًا لإعادة تدوير بطاريات أيون الليثيوم أو إعادة استخدامها نظرًا للزيادات المتوقعة في الطلب على البطاريات والمعادن المستخدمة في تصنيعها، إذ يعمل العالم على كهربة أنظمة الطاقة لديه للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ومكافحة تغير المناخ.
طبق الباحثون اختراعهم عمليًا بربط بطاريتهم بلوح شمسي، ومصباح يعمل بالطاقة الشمسية بقدرة 45 واط، وبعد شحن البطارية خلال النهار ظل المصباح مضاءً لمدة 12 ساعة. كان ذلك عرضًا بسيطًا لإمكانية استخدام البطاريات المائية لتخزين الطاقة المتجددة، الأمر الذي من شأنه أن يشجع المزيد من الأبحاث.
اقرأ أيضًا:
اختراع بطارية جديدة تعمل على الماء.. فهل نتخلى عن بطاريات الليثيوم؟
بطاريات المستقبل: بطارية أيونات الأكسجين التي قد تكون بديلة لبطارية أيونات الليثيوم
ترجمة: عمرو أحمد
تدقيق: علي بلوه