وجد فريق من الباحثين ضمن كلية الصحة العامة في جامعة نبراسكا الطبية أنّ توفر مجموعة من البروبايوتِك المفيدة ضمن أجسام الرضع قد قلّلت خطورة الإصابة بإنتان الدم بنسبة 40% في الهند، وذلك بتكلفة دولار واحد للرضيع. وقد نشرت نتائج هذا البحث في آب ضمن مجلة الطبيعة، (انقر هنا).
قاد الفريق البحثي العالمي السابق (بيناكي بانيغراهي-Pinaki Panigrahi) وزملاؤه في كلية الصحة العامة -وهو أستاذ بروفيسور بعلم الأوبئة وطب الأطفال من مركز الصحة العالمية والتنمية-.
وقد تُوِّج البحث الذي استمر لمدة خمسة عشر عامًا بنتائج هامة جدًا ومن المرجح أنّها ستغير من واقع صحّة الأطفال الرضع حول العالم.
وقد طوّر الدكتور بانيغراهي صيغة لمزيج طلائع جرثومي صنعي يؤخذ عبر الفم، حيث احتوى مزيج البروبايوتِك هذا على سلالة من الجراثيم تنتمي للعصيات اللبنية (العصيات اللبنية بلانتاروم-Lactobacillus plantarum ATCC-202195) ممزوجة مع عديد سكر الفواكه.
البروبايوتِك عبارة عن مزيج من الخلايا الجرثومية والخمائرية الحية وهي مفيدة للصحة خاصة للجهاز الهضمي.
البروبايوتِك الصنعية هي مزيج من البروبايوتِك مع متممات من عديد سكر الفواكه الذي يعزز نمو هذه الجراثيم ويضمن الاستعمار الجرثومي بهذه السلالات المفيدة.
عديد سكر الفواكه، والذي يوجد طبيعيًا في حليب الأم وبعض النباتات مثل البصل والهندباء البرية والثوم والهليون والموز والخرشوف وغيرها، يعتبر غذاءً لهذه السلالات الجرثومية المفيدة تلك.
تعفن الدم هو من المضاعفات الخطيرة والمهددة للحياة للإنتانات الجرثومية، وهو مسؤول عن موت حوالي مليون طفل رضيع كل سنة حول العالم، معظم الحالات تحدث في البلدان النامية. وهو يحدث عندما يتوقف الجهاز المناعي عن محاربة الجراثيم المسببة للإنتان ويبدأ بمحاربة خلاياه الخاصة. وقد يؤدي إلى عطب في الأنسجة، وبالتالي فشل في الأعضاء وحتى الموت!
تشير الإحصائيات إلى أنّ 40% من الأطفال المصابين بإنتان الدم في البلدان النامية يموتون بسببه. وتبلغ تكلفة علاج مرضى إنتان الدم بما فيهم الرضع والأطفال والراشدين حوالي 24 مليار دولار أميركي سنويًا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
يقول الدكتور بانيغراهي: «تعتبر هذه الدراسة من أضخم الدراسات السريرية التي تتبّعت أثر البروبايوتِك على الأطفال حديثي الولادة، وقد مولها المعهد الوطني للصحة»
فقد تضمنت الدراسة 4500 طفل حديث الولادة من 149 قرية مختلفة ضمن مقاطعة أوديشا الهندية، وقد تمّ تتبعهم خلال أول ستين يوم لهم، الفترة الحرجة التي يكون حديثوا الولادة أكثر عرضةً للإصابة بالتعفن والموت بسببه.
أعطى منفذوا الدراسة لحديثي الولادة مزيج البروبايوتِك خلال السبعة أيام الأولى.
وقد أظهرت الدراسة العشوائية مزدوجة التعمية، والمضبوطة بشاهد بلاسيبو أن الإصابة بالتعفن والموت الناتج عنه عند حديثي الولادة خلال الشهرين الأوليين من عمرهم قد انخفضت بنسبة أربعين بالمئة، تقريبًا ضعف الانخفاض المتوقع وهو عشرون بالمئة.
بالإضافة إلى ذلك فإن هذه المعالجة الوقائية قد خففت من نسب الإصابة بإنتانات السبل التنفسية.
وقد توقفت دراسة الدكتور بانيغراهي في وقت مبكر نتيجة الفعالية الشديدة التي أثبتتها.
يقول الدكتور بانيغراهي: «سيكون لدينا لقاح ضد تعفن الدم فموي ورخيص جدًا».
ركّز عدد قليل من الدراسات على استخدام البروبايوتِك كوقاية للإصابة بتعفن الدم عند حديثي الولادة. مع أنهم يمتلكون جهاز مناعي غير ناضج وبيئة معوية أقل تعقيدًا من تلك التي يمتلكها البالغون مما يسمح للبروبايوتِك بالنمو.
ويتابع الدكتور بانيغراهي: «لقد شعرنا بالقلق عندما أوقف مجلس أمن المعلومات والرقابة دراستنا قبل إنهائها، لقد وصلنا إلى نصف العينات التي كنا نطمح لإجراء الدراسة عليها.
يتم إيقاف الدراسات عادة عندما يكون هناك شيء خاطئ فيها، لكننا كنا شديدي الحماس عندما علمنا أن سبب الإيقاف هو أن الدراسة أثبتت فعالية افتراضاتنا في وقت مبكر. وقد تفاجأنا مرة أخرى عندما وصلت تحاليل النتائج كاملة وعندما علمنا أن نسب إنتانات الجهاز التنفسي قد قلت أيضًا، وهي نتيجة غير متوقعة».
الخطوة التالية:
تقاس صحة البلدان بنسب وفيات حديثي الولادة ضمنها، ولدى الهند واحدة من أعلى المعدلات عالميًا. فمن بين المليون حالة وفاة لدى المواليد الجدد عبر العالم، لدى الهند وحدها 700,000 حالة وفاة منهم، وفقًا لتقرير اليونيسف.
من بين كل 1000 طفل مولود حديث في الهند، أربعون حالة وفاة. بينما تبلغ معدلات الوفيات في سيريلانكا ونيبال وبنغلادش 9 و29 و33 على التوالي، وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية. والدكتور بانيغراهي يريد لهذه النسب أن تنخفض، والدراسة التي أجراها ونتائجها هي الخطوة الأولى.
يقول الدكتور بانيغراهي: « يجب أن تعاد هذه الدراسة في أماكن أخرى من العالم ووفقًا لظروف مختلفة، لقد حافظنا على ضوابط صارمة عند تطبيق البروبايوتِك الصنعي، ونفذنا متابعة صارمة لن تكون متاحة في الحياة الحقيقية، كما يتوجب علينا أن نعرف السبب وراء انخفاض نسب إنتانات الجهاز التنفسي، وكيف أثرت البروبايوتِك على الرئتين؟».
وقال الدكتور بانيغراهي: «إن الجهاز المعوي هو أكبر جهاز مناعي في الجسم. فلو قمنا بعزله وفرد الظهارة والزغابات المعوية فإنها ستغطي مساحة ملعب تنس، بالإضافة إلى أنها محملة بالخلايا اللمفاوية.
فلو أردنا تحفيز الجهاز المناعي، غلينا الذهاب للأمعاء».
عن المرض:
تعفن الدم، ويعرف أيضًا بإنتان الدم، وهو مشكلة صحية كبيرة أكثر شيوعًا من النوبات القلبية وهو مسؤول عن نسب وفيات أعلى من أي سرطان.
وفي أقل الدول النامية تطورًا، هو المسبب الأول للوفيات.
وفي دول العالم الثالث، تمثل وفيات الرضع بسبب تعفن الدم أربعون بالمئة من إجمالي وفيات الرضع الكلية، وأكثر من مئة ألف امرأة تعاني من هذا المرض أثناء الحمل أو الولادة كل عام.
في الأطفال والبالغين تحدث هذه الحالة عندما يكون الجهاز المناعي يعمل على حماية الجسم ومحاربة الإنتان، لكنه ينتج عنه تأذي لخلايا الجسم وأنسجته بدلًا من الجراثيم المسببة للإنتان. هذه الاستجابة الفوضوية، المصممة لحمايتنا، تسفر عن انتشار واسع للإنتان في الجسم، تسرب بالأوعية الدموية وتخثر غير طبيعي للدم مما يؤدي إلى تلف بأعضاء مختلفة بالجسم.
وفي الحالات الشديدة يحدث انخفاض شديد بضغط الدم وفشل بالعديد من الأعضاء وقد يموت الشخص فجأة نتيجة الصدمة الإنتانية.
- ترجم : حلا مخللاتي
- تدقيق: أسمى شعبان
- تحرير: أميمة الدريدي
- المصدر