تحتوي الطبقة الجليدية الغربية في القارة القطبية الجنوبية وحدها على 138 بركانًا، فهل يمكن أن تثور في يوم من الأيام؟ هذا ما سنكتشفه لاحقًا.

تشتهر القارة القطبية الجنوبية بامتدادها اللامتناهي من الجليد والثلوج، لكن ما لا يدركه الكثيرين منهم هو أنه تختبئ عشرات البراكين تحت سطحها المتجمد، فتحت الغطاء الجليدي الضخم في الجهة الغربية للقارة توجد أكبر منطقة بركانية على وجه الأرض، إذ تحتوي على ما يربو على 138 بركانًا، ومن بين تلك البراكين اكتُشف 91 بركانًا لأول مرة في دراسة أُجريت عام 2017 ونُشرت في مجلة جيولوجيكال سوسيتي Geological Society.

إذن، هل يمكن أن يثور أي من براكين أقصى جنوب القارة القطبية الجنوبية؟ يعد هذا السؤال بالنسبة للجيولوجيين سهلًا وصعبًا في نفس الوقت، اعتمادًا على نوع البركان.

من المعروف أن سبب تكون البراكين يرجع إلى وجود مواد ساخنة في باطن الأرض تخرج إلى السطح. ذكر مؤلفو الدراسة أن هذه البراكين تعد حديثة العهد بالنسبة للبراكين الأخرى المنتشرة على سطح الأرض، إلا أن العلماء لم يتمكنوا من تمييز ما إذا كانت نشطة بركانيًا أم لا.

لا يوجد حاليًا سوى بركانين في القارة القطبية الجنوبية يُصنفان نشطين، الأول في جزيرة ديسيبشن Deception Island شمال القارة، وهي جزء من جزر شيتلاند الجنوبية Shetland Islands، والثاني جبل إريبوس Erebus، وهو أعلى قمة في القارة، وتبلغ ارتفاع قمته 3794 مترًا. ويعد البركان الأنشط في أقصى جنوب العالم.

وفقًا للإدارة المخصصة لمراقبة منطقة جزيرة ديسيبشن في القارة القطبية الجنوبية بحثًا عن النشاط البركاني هناك، فإن الجزيرة تعد فوهة بركان نشط اندلع آخر مرة في عام 1970، وهي مصنفة حاليًا على أنها هادئة بركانيًا، مع عدم توقع حدوث ثوران.

أما بالنسبة لجبل إريبوس، فإن الدكتور كونور بيكون Conor Bacon، عالم الأبحاث في المرصد الأرضي لامونت دوهرتي Lamont-Doherty Earth Observatory بجامعة كولومبيا في نيويورك، يقول: «يظهر بركان إريبوس من فوق قاعدة أبحاث ماكموردو McMurdo في جزيرة سكوت Scott Island، وهو يثور بشكل مستمر منذ عام 1972 على الأقل. أحد معالم جبل إريبوس المثيرة للاهتمام هي بحيرة الحمم البركانية الدائمة التي تحتل إحدى فوهات قمته، حيث توجد المواد المنصهرة على السطح. في الواقع هذه ظاهرة شديدة الندرة، لأنها تتطلب تحقيق بعض الشروط الخاصة للغاية لضمان عدم تجمد السطح أبدًا».

وفقًا لمرصد الأرض التابع لناسا، تنبعث من جبل إريبوس أعمدة من الغاز والبخار منذ ذلك التاريخ، وحتى أحيانًا ينفث مقذوفات صخرية، تُعرف تلك الظواهر مجتمعة باسم ثوران سترومبوليان strombolian eruptions.

مع أنه يوجد بركانين نشطين فقط في القارة القطبية الجنوبية، إلا أنها مليئة بالفومارولز fumaroles، وهي متنفسات بركانية تطلق الغازات والأبخرة في الهواء، وإذا كانت الظروف مناسبة، فإن التراكمات الخارجة من هذه الفتحات قد تشكل رواسب تعرف باسم أبراج الجليد ذات المتنفسات البركانية fumarolic ice towers التي يصل ارتفاعها إلى 3 أمتار.

يراقب العلماء براكين القارة القطبية الجنوبية على الدوام باستخدام الأجهزة، لكن التنبؤ بموعد محدد لثوران أحد البراكين قد يكون تحديًا صعبًا. بمعنى آخر، إلى جانب البركانين النشطين والمتنفسات البركانية المختلفة، من الصعب معرفة متى قد يثور أي من البراكين الأخرى في القارة.

يضيف بيكون: «لا يملك كل من جبل إريبوس وجزيرة ديسبشن وحدهما سوى عدد قليل من أدوات المراقبة الدائمة. تتكون هذه الشبكات في المقام الأول من أجهزة قياس الزلازل للكشف عن النشاط الزلزالي المرتبط بالاضطرابات البركانية. سيوزع الباحثون من وقت لآخر، شبكات من الأدوات أكثر تنوعًا لإجراء دراسات محددة، ولكن هذا يأتي بطبيعة الحال مع عدد كبير من التحديات اللوجستية بالمقارنة مع العديد من البراكين التي يسهل الوصول إليها في أماكن أخرى من العالم، وبالإضافة إلى تلك التحديات، يوجد تحدٍ آخر ينتظر العلماء، فيجب أن تكون المنشآت الدائمة متينة بما يكفي لتتحمل الظروف القاسية والليالي القطبية الطويلة في القارة القطبية الجنوبية».

اقرأ أيضًا:

أين توجد معظم البراكين على سطح كوكبنا؟

ماذا تفعل البراكين في أنتاركتيكا؟

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر