الأورام الليفية الرحمية هي أورام حميدة تنشأ في الرحم، وتتشكّل من الألياف العضلية الملساء نفسها التي يتألّف منها جدار عضلة الرحم، لكنّها أكثف منها بكثير، وتكون عادةً مدوّرة.
أسباب الأورام الليفية الرحمية ودرجة شيوعها
لا يُعرف تمامًا سبب نشوء هذه الأورام لدى النساء، لكنّها قد تكون نتيجة شذوذاتٍ وراثيةٍ، أو تعديلات في إنتاج عوامل النمو (البروتينات التي يصنعها الجسم وتحدّد معدّل تكاثر الخلايا ومدى تكاثرها)، أو تشوّهات في النظام الوعائي (الأوعية الدموية)، أو خلل في استجابة الأنسجة للأذيّة.
القصة العائلية عامل أساسي، فقد لوحظ نموّ الأورام الليفية الرحمية لدى العديد من نساء العائلة نفسها، ويلعب العرق أيضًا دورًا في الإصابة، إذ يبلغ معدّل نشوء التليّفات لدى النساء من جذور أفريقية ضعفي إلى ثلاثة أضعاف ما هو عليه لدى النساء من عروق أخرى.
لم يتبيّن حدوث أورام ليفية لدى الفتيات قبل سنّ البلوغ، لكن قد تنشأ الأورام الليفية لدى الفتيات في سنّ المراهقة في حالات نادرة.
وقد لاحظ الباحثون وجود عدّة عوامل تزيد خطر حدوث الأورام الليفية، منها ظهور أوّل طمث قبل سنّ العاشرة، واستهلاك الكحول (البيرة بشكل خاصّ)، الالتهابات، وارتفاع الضغط الشرياني.
يميل هرمون الأستروجين لتحفيز نموّ الأورام الليفية في حالات عديدة، ويتضخّم ثلث الأورام الليفية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ثمّ يتراجع حجمها بعد الولادة.
تميل الأورام الليفية عمومًا إلى الانكماش بعد انقطاع الطمث، لكنّ العلاج الهرموني بعد سنّ اليأس قد يسبّب ظهور الأعراض.
وهذه الأورام شائعة إلى حدّ ما، وتحدث لدى 70 إلى 80 بالمئة من النساء فوق سنّ الخمسين.
لا تسبّب الأورام الليفية الرحمية في أغلب الأحيان أيّة أعراض أو مشاكل، ولا تشعر المرأة المصابة بوجودها عادةً.
أعراض الأورام الليفية الرحمية
لا تبدي أغلب النساء المصابات بأورام ليفية رحمية أيّة أعراض.
إلّا أنّ اشيع أعراضها هو النزف الرحمي غير المعتاد. وإذا كانت الأورام الليفية الرحمية قريبةً من البطانة، أو تداخلت مع التروية الدموية للبطانة، فقد تسبّب دوراتٍ طمثيةً كثيفة ومؤلمة، طويلة المدّة، وتظهر بقع دموية ما بين الطموث.
وقد تؤدّي النزوف الطمثية الشديدة لدى النساء إلى فقر الدم بعوز الحديد. وتسبّب الأورام الليفية الرحمية المتنكّسة ألمًا موضّعًا شديدًا.
تختلف أعراض الأورام الليفية بحسب حجمها، وموقعها في الرحم، ودرجة قربها من الأعضاء الأخرى الموجودة في الحوض.
تسبّب الأورام الليفية الضخمة:
- الانضغاط.
- ألم في الحوض.
- ضغط على المثانة مع تبوّل متكرّر، وعسرة تبوّل أحيانًا.
- ضغط على المستقيم مع ألم أو صعوبة بالتغوّط.
لا تتداخل الأورام الليفية الرحمية مع الإباضة، لكنّ بعض الدراسات تشير إلى تأثيرها على الخصوبة، ما يؤدّي إلى نتائج سلبية للحمل.
وخاصّة الأورام الليفية تحت المخاطية التي تشوّه جوف الرحم الداخلي، فهي ترتبط بشدّة مع انخفاض الخصوبة.
تكون الأورام الليفية الرحمية في بعض الأحيان سببًا للإجهاضات المتكرّرة، وإذا لم تستأصل حينها قد لا تتمكّن المرأة من المحافظة على استمرارية الحمل.
خطورة الأورام الليفية الرحمية في حال عدم علاجها
يمكن غالبًا تجاهل الأورام الليفية الرحمية التي لا تسبّب مشاكل، وتركها دون معالجة.
ورغم أنّه في بعض الحالات لا تسبّب الأورام الليفية أيّة مشاكل، إلّا أنّها تستلزم الاستئصال أو مراقبتها عن كثب على الأقلّ.
فالنموّ السريع للورم الليفي يوجب مراقبته عن كثب، إذ إنّ الشكل السرطاني النادر (الساركوما العضلية الملساء) لهذه الأورام يتميّز بالنموّ السريع للورم، ولا يمكن تمييزه عن الورم الليفي الحميد باستخدام الأمواج فوق الصوتية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي، أو الاستقصاءات الأخرى.
ولحسن الحظّ فإنّ هذا النوع من الأورام يحدث في أقلّ من 1% من حالات الأورام الليفية الرحمية.
هناك خطر آخر إذا تُركت هذه الأورام دون معالجة، وهو النموّ الكبير للورم الذي يؤدّي إلى ظهور أعراض ملحوظة ويتطلّب الاستئصال.
فعندما ينمو الورم الليفي إلى حجم كبير يصبح العمل الجراحي اللازم لإزالته أكثرا خطرًا وصعوبةً.
تشخيص الأورام الليفية الرحمية الحميدة
تُشخّص الأورام الليفية الحميدة عادًة بفحص الحوض، وتُشخّص في أغلب الأحيان باستخدام الأمواج فوق الصوتية.
ومن الصعب تحديد ما إذا كانت الكتلة الحوضية ليفيةً بفحص الحوض وحده، لكنّ الأمواج فوق الصوتية مفيدة جدًا في تمييزها عن أمراض الحوض الأخرى كالأورام المبيضية.
يمكن أن يسهم التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي أيضًا في تشخيص الأورام الليفية، ولكنّ الأمواج فوق الصوتية هي التقنية الأبسط، والأرخص ثمنًا، والأفضل في تصوير الحوض.
علاج الأورام الليفية الرحمية الحميدة
هناك خيارات عدّة لعلاج الأورام الليفية الرحمية الحميدة، منها الجراحة (استئصال الورم الليفي، استئصال الرحم، التجميد، التصوير بالأمواج فوق الصوتية عالية الكثافة المركزة والموجّهة بوساطة الرنين المغناطيسي (MRgFUS)، وتصميم الشريان الرحمي).
ويتضمّن العلاج الدوائي بعض الأدوية كالميفبريستون، دانازول، رالوكسيفين، مضاهيات GNRH، ومركّبات دوائية منخفضة الجرعة من حبوب منع الحمل الفموية.
ترجمة: رغد القطلبي
تدقيق: سيلڤا خزعل