لاحظ العلماء الاهتزاز الكمي لأول مرة عند درجة حرارة الغرفة العادية -وهي ظاهرة تتطلب عادةً ظروفًا شديدة البرودة ومُعيّرة بعناية– وهذا ما جعلنا نقترب خطوةً أخرى من فهم سلوك ميكانيكا الكم في المواد الشائعة.
وقد تمكن فريق العلماء من اكتشاف فونون، وهو عبارة عن جسيم كمي من الاهتزازات المُولدة من تذبذبات ليزرية عالية التردد في قطعة من الماس. ويصعب جدًا اكتشاف هذه الفونونات وذلك بسبب حساسيتها للحرارة جزئيًا.
ما يجعل مراقبة الفونون في غاية الأهمية وفقًا لقول الباحثين هو أنه يُظهر اهتزازًا يعمل كوحدة مفردة من الطاقة -مثلما وصفتها ميكانيكا الكم- وكذلك كموجة -مثلما وصفتها الفيزياء التقليدية- ويجعل السلوك الكمي «أقرب إلى حياتنا اليومية» في درجة حرارة الغرفة في ظروف الهواء الطلق.
يقول الفيزيائي فيفيشيك سودهير من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): «توجد مفارقة بين تجربتنا اليومية حول ما قد يكون هذا الاهتزاز (موجة) وما يخبرنا به ميكانيكا الكم، أنه يجب أن يكون (جسميًا)، وأن تجربتنا تكسر هذا التوتر بين تجربتنا اليومية وما تخبرنا به الفيزياء لأن تجربتنا تجري في ظروف مادية حقيقية جدًا».
وتضمنت التجربة التي جمعها سودهير وزملاؤه إطلاق ليزر بسرعة 80 مليون ذبذبة في الثانية في محاولة لإثارة الفونونات الموجودة في الماس.
وتعمل الفونونات بترددات عالية في الماس، هذا يعني أنها تعمل على طاقة أعلى من الهواء المحيط – وذلك لتجنب التداخل من الطاقة الحرارية الأعلى، ما يعني أنه لم تعد هناك حاجة إلى إعداد مختبر شديد البرودة وفائق التحديد.
أعرب الباحثون عن أملهم في أن تكون هذه الاندفاعات من الفونونات (وحدات الضوء المفردة) التي تنقلها ذبذبات الليزر كافيةً لتسبب تفاعلًا مع فونون واحد فقط وهذا ما يُنشئ تحولًا في الموجة يمكن أن يضمحل مع مرور الوقت في عملية تُعرف باسم استطارة رامان.
واستُخدمت ذبذبة ليزرية ثانية للتحقق مما حدث بالفعل: هذا الذبذبة عملت على إثارة الاندفاع الأولي للطاقة تاركًا للباحثين فوتونًا جديدًا عالي التردد – وهي علامة تشير إلى أنه أثار فونونًا مفردًا على طول الطريق وبذلك أنتجت الاهتزاز الكمي.
ويصرح سودهير: «ما فعلناه هنا هو طرح السؤال، عن كيفية التخلص من هذه البيئة المعقدة التي أنشأتها حول هذا الكائن، وتحضر هذا التأثير الكمي إلى محيطنا لرؤيته في مواد أكثر شيوعًا، إنه يشبه إضفاء الطابع الديمقراطي على ميكانيكا الكم بطريقة ما».
ويأمل الباحثون في استخدام هذه التقنية نفسها لفحص المواد الشائعة الأخرى وإيجاد اهتزازات كمية فيها. مثلما يمكنها أيضًا أن تغذي البحث في الخصائص فائقة التوصيل الموجودة في بعض المواد.
ومن ناحية أخرى، قد يوجهنا هذا البحث أيضًا نحو المواد التي قد تكون مناسبةً لوصل أجهزة الحاسوب الكمية في المستقبل (المواد التي ستحتاج إلى حمل الفونونات).
ويقول سودهير: «إن ما يعنيه عملنا هو أن لدينا الآن إمكانية الوصول إلى مجموعة أوسع بكثير من الأنظمة للاختيار من بينها».
اقرأ أيضًا:
للمرة الأولى يتمكن العلماء من تطبيق التّشابك الكميّ على مقياسٍ كبير
تأثيرات الكم المغناطيسي في المواد الصلبة
ترجمة: رؤى درخباني
تدقيق: محمد قباني