في مرحلة صياغة دستور الولايات المتحدة وتصديقه، ناقش المؤسسون المؤهلات التي يجب استيفاؤها لتولي المناصب العليا داخل الدولة. زعم بعض المفوضين أنه ينبغي لأعضاء الكونجرس ألا يكونوا مديونين أو من الأجانب المولودين في الخارج، في حين أصر آخرون على أن جميع المسؤولين الفيدراليين يجب أن يكونوا من مالكي الأراضي. بالمقابل اعتقدت أقلية أنه لا ينبغي وضع أي مؤهلات أو قيود على من يشغل منصبًا فيدراليًا، وأن الناخبين أنفسهم يجب أن يقرروا الأفضل.

في النهاية، اختار واضعو الدستور تضمين ثلاثة مؤهلات فقط لمنصب رئيس الولايات المتحدة. تحددها المادة الثانية، القسم 1، بند 5:

«يُشترط للترشح لمنصب الرئيس أن يكون الشخص مواطنًا بالميلاد، أي أن يكون في الأصل من مواطني الولايات المتحدة وقت إقرار هذا الدستور، وأن يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين على الأقل، وأن يكون مقيمًا في الولايات المتحدة مدة أربعة عشر عامًا على الأقل».

بخلاف الأرستقراطيات الأوروبية، حيث كان الحكم مقتصرًا على طبقة الأثرياء وملاك الأراضي، لم يفرض الدستور الأميركي أي متطلبات مالية أو شروط دينية على من يترشح للمنصب.

قال ديريك مولر، أستاذ قانون الانتخابات في كلية الحقوق بجامعة نوتردام: «في جلسات التصديق، تساءل بعض الأشخاص: «هل يعني ذلك أنه يمكن لأي شخص فقير، أو غير مسيحي، أو لا يملك أي أرض أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة؟». كان من الغريب إلى حد ما أن نتصور إمكانية أن يخدم أي شخص في المناصب العامة. كانت الفكرة أن هذه هي الحدود الدُنيا، ويُتوقع من الناخبين أن يقرروا الأصلح لتولي المنصب».

المؤهلات الأساسية: السن والجنسية والإقامة

وفقًا للدستور، توجد ثلاثة مؤهلات أساسية كي يتولى الشخص منصب الرئيس:

  •  العمر: يجب أن يبلغ الشخص على الأقل خمسة وثلاثين عامًا.
  •  الجنسية: يجب أن يكون الشخص «مواطنًا مولودًا في الولايات المتحدة»، ما يعني أنه وُلد إما على الأراضي الأمريكية، أو ولد لأبوين أمريكيين بالخارج. لا يمكن للرئيس أن يصبح مواطنًا أمريكيًا من خلال عملية التجنُّس.
  •  الإقامة: يجب أن يكون الشخص قد عاش في الولايات المتحدة مدة أربعة عشر عامًا على الأقل.

في أثناء انعقاد المؤتمر الدستوري عام 1787، ناقش المؤسسون الحد الأدنى لسن المسؤولين الفيدراليين، اقترح جورج ماسون أن يكون الحد الأدنى لسن أعضاء مجلس النواب 25 عامًا، في حين رأى جيمس ويلسون أنه لا ينبغي فرض أي قيود على السن مطلقًا. نُقل عن ويلسون قوله: «حال توفر المؤهلات المطلوبة، سيمثل بند السن عائقًا أمام الشباب».

في النهاية استقر المؤسسون على ثلاثة أعمار مختلفة حدًا أدنى للترشح: 25 عامًا لمجلس النواب، و30 عامًا لمجلس الشيوخ، و35 عامًا للرئيس ونائب الرئيس. يجب أن يبلغ الرئيس يوم التنصيب الحد الأدنى للسن. إذ يمكن انتخاب شخص يبلغ من العمر 34 عامًا في منصب الرئيس في نوفمبر، على أن يبلغ 35 عامًا قبل 20 يناير كي يتولى المنصب.

أيد المؤسسون عمومًا الشرط المتعلق بالجنسية، إذ لم يحدث تضارب آنذاك حول ما يعنيه شرط أن يكون الشخص «مواطنًا بالميلاد». إذ كان التعبير اللغوي شائعًا في القانون البريطاني في القرن الثامن عشر، الذي اعترف بجميع الأطفال المولودين لوالدين بريطانيين بوصفهم «رعايا بالميلاد»، حتى وإن وُلدوا خارج الإمبراطورية البريطانية.

حرص المؤسسون على إضافة عبارة «وقت اعتماد الدستور»، للتنازل عن شرط «الميلاد» للمندوبين البارزين مثل روبرت موريس وجيمس ويلسون، اللذين وُلدا لأبوين بريطانيين خارج المستعمرات الأمريكية «إنجلترا وأسكتلندا تواليًا».

الرئيس هو المسؤول الفيدرالي الوحيد الذي يتعين عليه العيش في الولايات المتحدة عددًا محددًا من السنوات. في حالة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، يُشترط فقط أن يكونوا مقيمين في الولايات التي يمثلونها. لبيان منطق المؤسسين في ذلك، ذكر قاضي المحكمة العليا جوزيف ستوري أن الإقامة مدة 14 عامًا تضمن: «توفير الفرصة للناخبين للتعرف على شخصية المرشح ومميزاته، وأن يكون المرشح نفسه قد شارك في واجباته، واستشعر مصالحه، وأدرك مبادئه، وأدرك الميول الخاصة بكل مواطن ضمن الجمهورية».

المعاقبة والإدانة

تنص الفقرة الرابعة من المادة الثانية في الدستور على أنه يمكن «عزل الرئيس ونائب الرئيس، وأي من المسؤولين الرسميين من مناصبهم إذا أُدينوا -من قبل الكونجرس- بالخيانة أو الرشوة، أو غيرها من الجرائم الكبرى».

لم يُعزَل سوى ثلاثة رؤساء أمريكيين: أندرو جونسون، وبيل كلينتون، ودونالد ترامب (مرتين)، ولكن لم تجرِ إدانة أي منهم أو إقالته. لكن حال إدانتهم، فهل يمكنهم الترشح مرة أخرى للرئاسة وتولي فترة أخرى؟

الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي: «لا»، وفقًا للبند السابع من الفقرة الثالثة: «في حالات الاتهام البرلماني، لا يتعدى الحكم حد الإقالة من المنصب، والاستبعاد من تولي أي منصب يستلزم الشرف أو الثقة أو اكتساب الربح في الولايات المتحدة».

مع ذلك، يناقش علماء الدستور نطاق بند الإقالة من المهام. بالنسبة إلى واضعي الدستور، لا تنطبق عبارة «أي منصب في الولايات المتحدة» على أي منصب في الولاية، لذلك يمكن للرئيس الذي جرت إقالته وإدانته أن يشغل منصبًا في أي ولاية، وفقًا لـ سيث باريت تيلمان، أستاذ القانون الأمريكي في كلية القانون بجامعة ماينوث.

يعتقد بعض الدارسين، مثل تيلمان، أن بند عدم الأهلية ينطبق على المناصب المُعيَّنة، لا المُنتخَبة. وفقًا لهذا التفسير -الذي يعترف تيلمان بأنه أقلية- تمكن إعادة انتخاب رئيس مُقال من منصبه. في النهاية، سيكون الأمر متروكًا للمحكمة العليا للبت في المسألة.

سببان إضافيان لعدم الأهلية: تحديد المدة والتمرد

يقول مولر: «يذكر الدستور حالتين أخريين قد تحجبان أهلية الأشخاص من الترشح للرئاسة، وكلاهما موجود في التعديلات الدستورية».

عام 1951، وضع التعديل الثاني والعشرون للدستور حدًا أقصى لمدة الرئاسة بولايتين. كان جميع الرؤساء الأمريكيين بدءًا من جورج واشنطن يتنحون بعد ولايتين، إذا أُعيد انتخابهم. كسر فرانكلين د. روزفلت هذا التقليد، إذ أُعيد انتخابه لفترتين تاريخيتين، الثالثة والرابعة عامي 1940 و1944، حين كانت أمريكا منخرطة في الحرب العالمية الثانية.

سن المشرعون التعديل الثاني والعشرين لمنع الرؤساء المستقبليين من محاولة تحطيم رقم فرانكلين روزفلت البالغ 12 عامًا في منصب الرئيس. لهذا السبب، فإن الرؤساء السابقين الذين خدموا فترتين كاملتين غير مؤهلين لتولي المنصب مرة أخرى. لكن من الملاحظ أن هذا التعديل لا يمنع صراحةً أي رئيس سابق خدم لفترتين من تولي ولاية ثالثة من طريق منصب نائب الرئيس.

كان الاستبعاد الوحيد من الرئاسة في الدستور عام 1868، عقب الحرب الأهلية، إذ سعى المشرعون لمنع الضباط الكونفدراليين السابقين من شغل مقاعد في الكونجرس الأمريكي والهيئات التشريعية للولايات. تنص المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر على ما يلي:
«لا يجوز لأي شخص أن يصبح شيخًا أو نائبًا في الكونغرس، أو نائبًا للرئيس أو أن يشغل أي منصب، مدنيًا كان أو عسكريًا، تابعًا للولايات المتحدة أو تابعًا لأي ولاية، إذا سبق له أن أقسم اليمين عضوًا في الكونغرس أو موظفًا لدى الولايات المتحدة عضوًا في مجلس تشريعي لأي ولاية أو موظفًا تنفيذيًا أو عدليًا في أي ولاية، واشترك بعد ذلك في أي تمرد أو عصيان ضدها، أو قدم عونًا ومساعدة لأعدائها. لكن يمكن للكونغرس، بأكثرية ثلثي الأصوات في كل من المجلسين أن يزيل هذا المانع».

نجح المشرعون في استخدام هذه المادة في ستينيات القرن التاسع عشر لمنع الكونفدراليين السابقين من عرقلة تشريعات إعادة الإعمار. بحلول عام 1872، تعرض الرئيس يوليسيس جرانت لضغوط بهدف رفع الحظر المفروض على الكونفدراليين السابقين. وهو ما حدث بالفعل، بواسطة قانون العفو العام عام 1872.

الإدانة الجنائية والحكم بالسجن ليس سببًا للاستبعاد

فيما يتعلق بالأهلية لتولي أعلى منصب في البلاد، فإن الوثيقة التأسيسية لا تذكر قضية الإدانات الجنائية، إذ لا يوجد شيء يمنع الشخص المُدان بارتكاب جرائم جنائية متعددة أو تهم جنائية أخرى أن يصبح رئيسًا. قال مولر: «لا ينص الدستور على أي من هذه الأمور. من المؤكد أن الناخبين يأخذون ذلك بعين الاعتبار، لكن هذه مسألة أخرى تختلف عن القول بأنك ممنوع من تولي المنصب».

عمليًا، لا يوجد شيء في الدستور أو تعديلاته ينص على أنه لا يمكن للرئيس أداء واجباته من داخل السجن. في الانتخابات الرئاسية عام 1920، أدار المرشح الاشتراكي يوجين ديبس حملته من داخل سجن فيدرالي في جورجيا، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن مدة 10 سنوات بتهمة التحريض على الفتنة. ترشح ديبس فيما بعد بوصفه «السجين رقم 9653» وحصل على نسبة 3.5% من الأصوات.

اقرأ أيضًا:

كيف تتم عملية الانتخاب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ؟

دراسة تستخدم الفيزياء لتفسير نتائج الانتخابات الديموقراطية

ترجمة: ماريان رأفت الملاح

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر