قد تعاني النساء خطر مواجهة أعراض الاكتئاب في فترة ما قبل انقطاع الطمث من حياتهن أكثر مقارنةً بالسنوات التي تلي وتسبق انقطاع الطمث، وفقًا لدراسة جديدة نشرت في صحيفة Journal of Affective Disorders.

راجع الباحثون دراسات سابقة من نوع ميتا لتقدير خطر إصابة النساء بالاكتئاب ومواجهتهن أعراضه خلال مراحل انقطاع الطمث المختلفة. تضمّن التحليل سبع أوراق بحثية وما مجموعه 11965 مشاركًا، واتصفت الدراسات أيضًا بكونها:

  •  مراجعة من قبل الأقران.
  •  دراسات مستقبلية تقدمية.
  •  شاركت فيها نساء فوق عمر 18 سنة في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، وقبلها، وبعدها.
  •  قُدرت الفروقات بين المراحل المختلفة للطمث.
  •  استند فريق البحث إلى المعايير النموذجية لأعراض الاكتئاب.
  •  استعان الباحثون في جميع الدراسات بالتاريخ الطبي للنساء المشاركات كطريقة للتحكم بالقياس، وذلك لمقارنة مراحل ما قبل وبعد انقطاع الطمث بالصحة النفسية للنساء خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث.

الحاجة لاختبارات تشخيص الاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث:

أشار الباحثون إلى أن خطر الإصابة بالاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث يسلط الضوء على ضرورة إجراء اختبارات تشخيصية، ودعم هذه الفئة من النساء أكثر.
قالت الطبيبة سيلو غنيكو، وهي اختصاصية في الأمراض النسائية والتوليد في مركز معهد أورلاندو الصحي للنساء لاختصاص التوليد والنسائية في فلوريدا، ولم تشارك في الدراسة: «يصادف الأطباء في عملهم دائمًا مريضات يمررن بفترة انقطاع الطمث. يركز الأطباء غالبًا على أعراض السخونة المفاجئة، وانخفاض الرغبة الجنسية، والتقلبات المزاجية المترافقة مع انقطاع الطمث. أشجع على ذلك وبصفتي طبيبةً على إجراء اختبارات للكشف عن إصابة النساء بالاكتئاب خلال هذه المرحلة».

أضافت غنيكو في مقابلة لها مع صحيفة Medical News Today: «لا يتركز تفكيري بشكل أساسي في تأثير الاكتئاب على المريضات، مع أني أنصحهن وأعالجهن كثيرًا خلال هذه الفترة. لا يتلقى أطباء النسائية والتوليد التدريب الكافي لعلاج المريضات في مرحلة انقطاع الطمث أو لعلاجن بالهرمونات البديلة. تسلط هذه الدراسة الضوء على أمور مهمة يجب إدراجها في الممارسة السريرية، إذ يعد الاكتئاب أحد أهم الأمور التي يجب إدراكها، وذلك لتأثيراتها المتعددة والمختلفة على حياة المرضى».

انقطاع الطمث والاكتئاب:

أشار الباحثون إلى أنهم لم يجدوا أي زيادة ملحوظة في نسب الاكتئاب لدى النساء خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث مقارنة بفترة ما بعد انقطاع الطمث.

قالت أيمي سبيكتور، وهي بروفيسورة في علم فيزيولوجيا التقدم بالعمر في جامعة لندن والمؤلفة الرئيسية في هذه الدراسة، في مقابلة لها مع صحيفة Medical News Today: «تسلط هذه الدراسة الضوء على كون حادثة انقطاع الطمث فترة تحول هامة تضعف فيها المرأة، ما يزيد من خطر مواجهتها للاكتئاب. يجب التنويه أيضًا إلى أن العديد من النساء يتخطين مرحلة ما قبل انقطاع الطمث دون مشكلات، وقد تعود الإصابة بالاكتئاب حينها إلى عوامل تختلف عن انقطاع الطمث».

توصلت دراسات أخرى إلى النتائج ذاتها، إذ أظهرت على سبيل المثال دراسة أجريت عام 2023 أن النساء اللواتي يعانين من أعراض وعائية حركية مثل السخونة المفاجئة والتعرق الليلي، معرضات لخطر مواجهة الاكتئاب أكثر من غيرهن.

وضح مؤلفو الدراسة قائلين: «يعد الاكتئاب والقلق شائعين أكثر خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث وما بعدها، وتزيد أيضًا الأعراض الوعائية الحركية ووجود تاريخ طبي للإصابة بالاكتئاب، خطر مواجهة أعراض الاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث. قد تزيد أيضًا العوامل النفسية والعقلية من المخاطر السابقة».

قال الطبيب مايكل كريشمان، اختصاصي في أمراض النسائية والتوليد والمدير الطبي لقسم الخدمات الصحية للمرأة في مركز MemorialCare Saddleback الطبي في كاليفورنيا، ولم يشارك في الدراسة: «يُعتقد أن هذه الفترة تترافق لدى النساء مع الضعف والوهن، ما يزيد من معدلات الإصابة بالاكتئاب. تُعد بعض النساء أيضًا أكثر حساسية للتبدلات الهرمونية. لا يظهر الاكتئاب بصورة واحدة، وقد تؤدي أيضًا التبدلات الهرمونية دورًا أساسيًا فيه، لكن غالبًا ما توجد أيضًا عوامل بيولوجية ونفسية أخرى تؤثر فيه».

أكمل كريشمان في مقابلة له مع صحيفة Medical News Today: «يجب تمكين النساء ودعمهن للتحدث عن هذا الموضوع، وليس لإخفاء الأعراض والتخفيف منها. لا تحتاج النساء إلى تلقي علاج لتخطي فترة ما قبل انقطاع الطمث، لكن يجب أن يعلمن بوجود أساليب علاجية آمنة ومفيدة إذا أثرت هذه الأعراض على حياتهن اليومية وسببت لهن القلق. يمثل العلاج الهرموني أفضل طريقة للعلاج إذا كان سبب الاكتئاب هرمونيًا، وتعد مضادات الاكتئاب والعلاجات المعرفية السلوكية أمثل الخيارات العلاجية إذا كان الاكتئاب يعود إلى عوامل بيولوجية ونفسية».

أضاف كريشمان قائلًا: «يلزم على الأطباء توخي الحذر من الإفراط في العلاج الطبي، إذ يجب عليهم الاستماع مليًا والتأكد من إيجاد العلاج الأنسب لكل امرأة».

النساء والاكتئاب:

قالت غنيكو في ذلك: «لا يعد شيوع الاكتئاب في هذه المرحلة أمرًا مفاجئًا، إذ تمر النساء بمجموعة من التبدلات العاطفية والجسدية خلال فترة انقطاع الطمث. تؤثر الأعراض الجسدية غالبًا على جودة الحياة ونوعيتها، ما يؤدي بدوره إلى الإصابة بالقلق والاكتئاب. قد تؤدي قلة النوم والسخونة المفاجئة والتعب إلى الاكتئاب، ولا يركز الاختصاصيون على هذه الأعراض بما فيه الكفاية. يجب على الأطباء الانتباه إلى أعراض المريضات وكيفية تعاملهن مع التغيرات هذه في أثناء فترة ما قبل انقطاع الطمث».

أشار الباحثون إلى أن النساء يعانين أعراض الاكتئاب أكثر من الرجال بمرتين، التي غالبًا ما تظهر خلال منتصف العمر. ترتبط أيضًا أعراض الاكتئاب بفترة ما قبل انقطاع الطمث، وفقًا لعدد من الدراسات السابقة، ويقل خطر ظهورها لدى النساء في فترة ما بعد انقطاع الطمث.

تُعد 10% من النساء عرضةً لمواجهة أعراض الاكتئاب، وفقًا للجمعية الأمريكية للقلق والاكتئاب.

تتضمن أعراض الاكتئاب خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث كلًا مما يلي، وفقًا للمعهد الوطني للصحة النفسية:

  •  ليس ضروريًا أن يترافق الحزن لدى المرأة بحدوث شيء أو بأمر فعلته.
  •  القلق والانفعال.
  •  مشاعر من فقدان الشغف أو انعدام القيمة أو العجز.
  •  فقدان الاهتمام والشغف في الأنشطة والهوايات.
  •  التعب أو فقدان الطاقة أو الشعور بالبطء مقارنة بالناس.
  •  صعوبات في التركيز أو التذكر أو اتخاذ القرارات.
  •  تغيرات في النوم والشهية.
  •  آلام جسدية ليس لها سبب جسدي واضح.
  •  يراود المرء أفكار عن الموت أو الانتحار أو محاولات الانتحار.
  •  قد تؤثر أعراض الاكتئاب على قدرة المرء على إتمام نشاطاته اليومية، وتجعل الاستمتاع بالحياة أمرًا صعبًا.

غالبًا ما تتلقى النساء اللواتي يتناولن العلاج التقليدي الأولي مثل مضادات الاكتئاب، نتائج بسيطة وضعيفة، وفقًا لمراجعة أجريت لبحث نشر عام 2022. وجد الباحثون في تلك الدراسة أن الأساليب العلاجية الهرمونية وعلاجات الإستروجين قد تؤدي دورًا إيجابيًا في علاج الاكتئاب المرافق لانقطاع الطمث.

وضح سبيكتور لصحيفة Medical News Today قائلًا: «قد يقصد الأطباء كثيرًا في عياداتهم نساء بين أعمار 40 و60 عامًا تظهر عليهن أعراض الاكتئاب. يُعد أخذ فترة ما قبل انقطاع الطمث بعين الاعتبار في تقدير الحالة أمرًا ضروريًا، ما يساعد على فهم تأثيرها على الحالة النفسية للمرأة. قد يكون لانقطاع الطمث تأثير مباشر مثل التغيرات الهرمونية، أو غير مباشر مثل قلة النوم والإجهاد في العمل بسبب عوامل معرفية معينة. يفيد فهم تأثير فترة ما قبل انقطاع الطمث في إيجاد الأسلوب العلاجي الأمثل، فالعلاجات الهرمونية والعلاج المعرفي السلوكي لها تأثير أفضل من الأدوية المضادة للاكتئاب، ما يشجع على استخدامهما بدائل للأدوية».

اقرأ أيضًا:

كيف تتغير الرغبة الجنسية بعد انقطاع الطمث وانخفاض هرمون الأستروجين؟

كيف يؤثر انقطاع الطمث في بشرتك وشعرك؟ إليك الحل لتلك المشكلات

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: نور حمود

المصدر