أثر الاستخدام المفرط لمسكنات ألم الأسنان. نُقِلت امرأة في الخامسة والعشرين من عمرها إلى غرفة الطوارئ بعد أن أصابها غثيان وتحول لون جلدها إلى الأزرق الفاتح، ليندهش الأطباء بعدها بأن لون دمها قد تحول إلى كحلي غامق. نُشِرت دراسة في مجلة نيو إنغلاند الطبية تتناول الحالة الطبية الغريبة التي حدثت في مستشفى ميريام في رود آيلند.
فسر الأطباء المعالجون للحالة اللون الغريب بأنه ناجم عن الاستخدام المفرط لمسكنات ألم الأسنان. فقبل ذهابها للنوم استعملت المرأة المذكورة في الدراسة كميةً كبيرةً من مسكن موضعي لآلام الأسنان يحتوي على بنزوكايين وهو مسكن موضعي (دواء مخدر). استيقظت المرأة شاعرةً بالتعب والإرهاق وقُصور في التنفس وتغيّر في لون الجلد، فتصرفت بحكمة وذهبت للمستشفى.
لاحظ الأطباء أن معدل تنفسها هو 22 نَفَسًا في الدقيقة (معدل طبيعي نسبيًا)، لكنّ معدل التشبع الأكسجيني قليل جدًا بنسبة 88%، إذ إن معدل التشبع الأكسجيني الطبيعي يجب أن يكون بين 97 و100%. زُوِّدت المرأة بالأكسجين، ولكن هذا فشل في حل المشكلة وانخفض معدل تشبع الأكسجين إلى 67%.
شُخِّصت المرأة بميتهيموغلوبينية الدم المكتسبة، وهي حالة طبية تُنتَج فيها كمية غير طبيعية من الميتيهيموغلوبين (الهيموغلوبين المتبدل). يُصنّع الميتيهيموغلوبين عندما يتغير شكل الحديد الموجود في الهيموغلوبين (اليحمور).
الهيموغلوبين أو اليحمور هو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء والمسؤول عن حمل وتوزيع الأكسجين في الجسم. يمنع هذا التغير في شكل الهيموغلوبين الأكسجين من الارتباط به، وبالتالي يفشل وصول الأكسجين إلى الأنسجة.
بعكس الاعتقاد الشائع، فلون الدم غير المؤكسج ليس أزرق فاتحًا كالدم في الأوردة. لون الدم المؤكسج أحمر فاتح نتيجةً لوجود الهيموغلوبين المحمل بالأكسجين. وعندما يتخلص الهيموغلوبين من الأوكسجين، يتغير شكل الهيموغلوبين ويصبح لونه أغمق، ما يجعل لون الدم غير المؤكسج أحمر غامقًا.
في حالة تلك السيدة لم يكن لون الدم أحمر غامقًا وحسب، بل كان غامقًا بشدة يكاد يكون أسود مع لون خفيف من الكحلي.
بالرغم من أنه ليس واضحًا لماذا سبب الدواء المسكن ميتهيموغلوبينية الدم لدى المرأة، إلا أن ردة فعل كهذه ليست غير مسموع بها.
تنصح إدارة الغذاء والدواء الأميركية على موقعها على الإنترنت مستهلكي البنزوكايين لعلاج آلام الفم بزيارة الطبيب فورًا تحسبًا لأعراض وإشارات ميتهيموغلوبينية الدم. في الولايات المتحدة الأميركية، عولِج حوالي 319 شخصًا من ميتهيموغلوبينية الدم المرتبطة باستهلاك البنزوكايين، ومات ثلاثة أشخاص.
لحُسن الحظ، تحسّنت تلك المرأة بعد يومها الخطير في الطوارئ. عُولِجت بالاستخدام الوريدي للميثيلين الأزرق، وهو العلاج الفوري لميتهيموغلوبينية الدم. تحسن تنفس المرأة فورًا، وانخفض اللون غير الطبيعي في جلدها.
مقالات ذات صلة:
التسمم بأول أكسيد الكربون: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: زهراء حدرج
تدقيق: جعفر الجزيري
