قرر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم الشهري المخصص لتحديد السياسات يوم 20 سبتمبر 2023، وهي المرة الثانية فحسب التي يقررون فيها فعل ذلك منذ شرعوا في حملة زيادة نسبة الفائدة قبل سنة ونصف.
لكن ما لفت انتباه الاقتصاديين لم يكن ما فعلوه وإنما ما لمحوا إليه: أشار المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي أنهم لا يتوقعون أن تكون نسب الفائدة بنهاية 2023 أعلى مما توقعوه في يونيو، أي عندما أصدروا توقعاتهم لآخر مرة.
منذ أن بدأت دورة الترفيع في نسب الفائدة، سجل المراقبون قلقهم من إمكانية أن تؤدي هذه النسب المرتفعة إلى انكماش في اقتصاد الولايات المتحدة. وتكهّن بعضهم حتى بأن الركود قد بدأ بالفعل. على أية حال، فإن الاقتصاد أظهر أنه أكثر قدرة من المتوقع على تحمل الصدمات، والآن يتساءل العديد من الاقتصاديين: هل أن الهبوط السهل -أي الإبطاء في رفع نسبة الفائدة بطريقة تُجنب الاقتصادَ الانهيار- الذي بدى في السابق مستحيلا، أصبح اليوم حقيقة؟
يعتقد الدكتور براين بلانك من جامعة ولاية ميسيسيبي أن من المبكر البدء في الاحتفال، فما تزال نسبة التضخم تقارب ضعفي الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي الذي أقره بنسبة 2%، ويُتوقع أن تصل إلى نحو 4%. زيادة على ذلك، فإن الاقتصاد ما يزال ينمو بسرعة كبيرة، إذ تُظهر التنبؤات بالإجماع أن الناتج الداخلي الخام سوف يرتفع بنحو 3%. وتشير بعض البيانات السابقة أن ذلك قد يكون تقديرًا منخفضًا.
أي تغيرات ستطرأ على نسب الفائدة قريبا؟
يحاول مراقبو الاحتياطي الفيدرالي تأويل كل كلمة تصدر من البنك المركزي لتحديد وجود زيادة قادمة في هذه السنة أو التي تليها، أو أن دورة الزيادة انتهت حقًا. لفهم هذا القرار أكثر، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الصورة بكاملها.
مع أن اقتصاد الولايات المتحدة قد تجنب حتمًا الانكماش لفترةٍ أطول مما توقعه الكثيرون، فإن المعركة ضد التضخم ما تزال طويلة. في الحقيقة، لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يبدو فيها أن الاقتصاد لن يمرّ بهبوطٍ سلس. على مدى الأشهر القادمة، لا يرجّح أن ينهار الاقتصاد على نفسه دون اندلاع حدثٍ قادح.
على أي حال، قد لا تستمر نسبة التضخم في الانخفاض بنفس السرعة خلال السنة القادمة، ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي قد يواصل رفع نسب الفائدة أكثر مما يتوقع البعض. إن استمر ارتفاع أسعار النفط في زيادة تكاليف النقل، قد ترتفع أسعار السلع الأخرى كذلك، ما يعني زيادة نسب الفائدة لفترة أطول بسبب التضخم.
هل هذه هي النهاية!
يبدو أن مدير الاحتياطي الفيدرالي جيروم بويل أشار إلى أن اللجنة تقترب من إنهاء دورة الزيادة في نسب الفائدة، ورغم ذلك فإن 10% من الاقتصاديين فقط يتوقعون أن ينتهي الأمر على هذا الحال، مع أن الاقتصاديين ليسوا دائما الأفضل في التوقعات.
إلى حد كبير، يُرَجّح أن السبب هو وضوح بويل في تصريحاته بأن قرارات الاحتياطي الفيدرالي أساسها المؤشرات الاقتصادية، التي تظل مبشرةً إلى حد اللحظة.
فبينما يراقب الجميع الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، عليهم كذلك الالتفات إلى الظروف الاقتصادية بصورة أشمل. إن حالفنا الحظ، ستظل المؤشرات المسجلة قوية بما يكفي لتجنب انكماش اقتصادي، لكن لن تكون قوية إلى درجة عودة التضخم إلى الارتفاع.
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة؟
لماذا قد تنتهي حرب الاحتياطي الفيدرالي مع التضخم؟
المترجم: زياد نصر
تدقيق: رغد أبو الراغب