وجد الباحثون للتو دليلًا على وجود الإلكترونات المظلمة في المواد الصلبة، وهي إلكترونات لا يمكن رؤيتها باستخدام التحليل الطيفي.

بواسطة تحليل الإلكترونات الموجودة في ثاني سيلينيد البلاديوم، عثر الفريق على حالات تلغي بعضها البعض وظيفيًا، ما يحجب الإلكترونات في تلك الحالات المظلمة عن الأنظار.

يظن العلماء احتمال وجود هذا السلوك في العديد من المواد الأخرى أيضًا، إذ إنه يساعد في تفسير سبب تصرف بعض الموصلات الفائقة بطرق غير متوقعة.

في حال تسليط مصباح يدوي على جدار فارغ، فقد تتفاجأ عندما ترى أن الشعاع يصدر سلسلة من الحلقات أينما سقط. وهذا نتيجة لما يسمى بالتداخل، إذ تصطدم موجات الضوء ببعضها البعض متزامنة بشكل أو بآخر:

  •  إذا تزامنت الموجات ينشأ تداخل بناء، وتتكون إشارة أكثر سطوعًا.
  •  إذا لم تصطف الموجات، فسيكون التداخل هدّامًا وتتكون إشارة أكثر قتامة.
  •  إذا كانت الموجات معاكسة تمامًا، فإن التداخل المدمر يكون في أقصى حالاته، وتنعدم الإشارة.

إن الضوء هو المثال الأسهل، لكنه ليس الشيء الوحيد الذي يتعرض للتداخل، فمن المثير للاهتمام أن الإلكترونات قد تتداخل أيضًا إذا كانت لها طاقات مختلفة تمامًا. قد يؤدي هذا إلى وجود إلكترونات مظلمة، أي إلكترونات في حالة مظلمة لا يمكن رؤيتها بالمنظار الطيفي، وكنا نظن لفترة طويلة أن هذه الإلكترونات السرية غير موجودة في المواد الصلبة.

لا يمكن للإلكترونات أن تبتعد كثيرًا عن بعضها، لذلك كان يُعتقد أن تلك الطاقات المختلفة تمامًا غير ممكنة. لكن مؤخرًا، وجدت مجموعة من العلماء بقيادة باحثين من كوريا الجنوبية، أن هذه الحالات تحدث حتى في المادة المكثفة، ما قد يكون له تأثير كبير على فهمنا لفيزياء الكم. نُشرت مؤخرًا ورقة بحثية حول هذه النتائج.

كتب المؤلفون في ورقتهم البحثية: «قد تكون هذه الحالة الخفية جزءًا مفقودًا من المعلومات التي تعد بالغة الأهمية لفهم الظواهر الكمومية التي ظلت بعيدة المنال. لذلك من المهم بشكل أساسي تحديد وجود حالات مظلمة أخرى غير معروفة حتى الآن في الطبيعة والكشف عن آلياتها الأساسية».

بدأ الباحثون أولًا بالبحث عن هذه الحالات المظلمة في مادة بلورية تسمى ثاني سيلينيد البلاديوم _PdSe2، وبإلقاء نظرة على سلوك الإلكترونات في هذه المادة، وجد الفريق حزمًا كاملةً كانوا يعلمون أنها من المفترض أن تكون موجودة، لكنهم ببساطة لم يتمكنوا من رؤيتها. وفحصوا المادة باستخدام عدة استقطابات للضوء للتأكد من أن الحالات المظلمة التي كانوا يرونها كانت نتيجة للإلكترونات نفسها وليس للضوء المستخدم لفحصها.

بمجرد العثور على نطاقاتهم، استخدم الباحثون نماذج لاستقراء النتائج التي توصلوا إليها في أنظمة أخرى. ومن المثير أنهم تمكنوا من تعميم نتائجهم بسهولة إلى حد ما. تشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن الإلكترونات المظلمة التي عثروا عليها في PdSe2 ليست مجرد صدفة، بل هي علامة على أن الحالات المظلمة من المحتمل أن تكون موجودة في جميع أنحاء الطبيعة.

قال كيون سو كيم -أحد مؤلفي الدراسة- في حديث له إن هذا الاكتشاف لديه القدرة على تفسير سبب تصرف بعض المواد المدهشة مثل الموصلات الفائقة في ظل ظروف غير متوقعة. إذا لم نتمكن حتى من رؤية جزء من سلوكها الكمي، فليس من الغريب أننا لم نتمكن من الرهان عليها من قبل. لكن معرفة ما نبحث عنه يمكن أن يؤدي الآن إلى بعض التفسيرات التي نحتاجها بشدة.

إن الظلام في العلم غالبًا ما يعني الغموض. لكن الألغاز يمكن أن تكون إجابات في حد ذاتها، على الأقل حتى تتعمق أكثر.

اقرأ أيضًا:

علماء يرصدون تدفق الإلكترونات وتشكيلها ما يشبه الدوامات المائية

دراسة تحركات الإلكترونات وسرعتها لتطوير الحوسبة الكمية والكلاسيكية

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: نور حمود

المصدر