يُعد الإقلاع عن التدخين، مع أنه أمر صعبٌ في كثير من الأحيان، أحدَ أهم الأشياء التي يفعلها المدخنون لتحسين صحتهم.
قارنت مراجعة كبيرة فعاليةَ عدة طرق في المساعدة على الإقلاع عن التدخين، وبرزت ثلاث طرق استطاعت التفوق وضوحًا في قدرتها على العون في رحلة الإقلاع عن التدخين.
أثبتت أدوية الفارينيكلين والسيتيزين، وكذلك سجائر النيكوتين الإلكترونية، أنها الأكثر فاعلية بين الطرق التي استعرضها فريق بريطاني سابقًا.
تضمنت المراجعة مشاركة 157179 مدخنًا في تحليل 319 تجربة مضبوطة عشوائية RCTs تكللت بالنجاح في الإقلاع عن التدخين لمدة ستة أشهر على الأقل.
يقول جيمي هارتمان بويس، اختصاصي الصحة العامة من جامعة أكسفورد: «إن أفضل شيء يقدمه شخص مُدخّن لصحته هو الإقلاع عن التدخين».
ما يزال التدخين المسبب الرئيسي للأمراض التي يمكن الوقاية منها وللوفيات في جميع أنحاء العالم، ومع أن الكثير من الناس يريدون الإقلاع عنه، فإنه أمرٌ لا يبدو سهلًا.
المادة الرئيسية المسببة للإدمان في السجائر هي النيكوتين، وتعد أحدى أكثر المواد استخدامًا، وثالث أكثر المواد المسببة للإدمان، إذ أظهرت البيانات أن نحو 6 من كل 100 شخص فقط، لديهم فرصة للإقلاع عن التدخين بنجاح ومن دون مساعدة.
تطلق مستقبلات النيكوتين في الدماغ عند ارتباطه بها مادة الدوبامين، فيعمل دواء الفارينيكلين والسيتيزين على الارتباط بتلك المستقبلات تنافسيًا، ومنه منع ارتباط النيكوتين.
لم يكن هناك فرق كبير في فعالية (سيتيزين) والمعروف باسمه التجاري (تابيكس)، و(الفارينيكلين) المعروف باسمي (شانتيكس وشامبيكس)، وسجائر النيكوتين الإلكترونية.
وفقًا للنتائج، فإن نحو 14% من المدخنين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين بمساعدة هذه الطرق، سوف ينجحون في ذلك ولمدة ستة أشهر أو أكثر.
لقد كانت الاستراتيجية الأكثر فعالية هي الجمع بين نوعين من طرق العلاج ببدائل النيكوتين NRT، مثل لصاقات النيكوتين أو العلكة.
يقول نيكولا ليندسون، الطبيب في جامعة أكسفورد: «إن استخدام نوع واحد من أنواع بدائل النيكوتين مثل اللصاقات أو العلكة وحدها، ساهم أيضًا في زيادة عدد المقلعين عن التدخين، لكن العدد كان أقل من مستخدمي نوعين منها، إذ نجح نحو 12 من كل 100 شخص يستخدمون نوعين من العلاج ببدائل النيكوتين، في الإقلاع عن التدخين، مقارنةً بنحو 9 من كل 100 شخص كانوا يستخدمون علاجًا واحدًا فقط».
أظهرت التحليلات أن تقليل النيكوتين تدريجيًا أكثر فاعلية من الإقلاع المفاجئ عن التدخين.
بالإضافة إلى أن بدء العلاج ببدائل النيكوتين قبل اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين أو بعده، لا يبدو أنه يؤثر على فاعلية العلاج.
يوجد دواء آخر يسمى (بوبروبيون)، والمعروف باسمه التجاري (ويلبوترين)، الذي أظهر فاعلية لدى 9٪ من المقلعين عن التدخين.
وجدت البيانات المتعلقة بالسلامة أن البوبروبيون قد يسبب زيادة طفيفة جدًا في حدوث الأضرار الجانبية مقارنة بعدم استخدام أي دواء.
عمومًا، كانت جميع العلاجات التي دُرست آمنة، مع القليل فقط من الآثار الجانبية مع أن الباحثين لم يلاحظوا بيانات عن الآثار الجانبية في جميع تجارب التحكم المعشاة RCTs التي حللوها.
تقول العالمة كيتلين نوتلي من جامعة إيست أنجليا البريطانية: «إن جمع جميع التجارب المتاحة لمقارنة فاعلية أدوية الإقلاع عن التدخين مهمٌ حقًا، ويساعد في تقييم مدى قدرة كل طريقة على مساعدة الأشخاص في الإقلاع عن التدخين بسهولة».
أظهر هذا التحليل أن السجائر الإلكترونية والفارينيكلين والسيتيزين كلها وسائل فعالة للإقلاع عن التدخين، إذ تمكّن ضعف عدد الأشخاص من الإقلاع عن التدخين باستخدام إحدى هذه الوسائل، مقارنة بالظروف الضابطة.
لا يعتقد المؤلفون أن المزيد من الأدلة سوف تغير هذه النتائج الواضحة، مع أن الحصول على المزيد من البيانات حول الآثار الجانبية وأفضل مجموعات الأدوية والدعم السلوكي، ستكون مفيدة.
مثل غالبية الأبحاث، أجريت معظم الدراسات في البلدان ذات الدخل المرتفع، لذلك فإن الأدلة من البلدان منخفضة الدخل بقيت قليلة، ويأمل فريق الباحثين أن تبحث الدراسات المستقبلية في كيفية تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الإقلاع عن التدخين.
في الختام، ووفقًا للطبيب ليندسون، يبدو من الصعب جدًا الإقلاع عن التدخين، لكن هناك العديد من المنتجات المتاحة للمساعدة في ذلك، على الرغم من أن فاعليتها النسبية بقيت غير مؤكدة لفترة طويلة.
سوف تتعمق الأبحاث أكثر في عالم الإقلاع عن التدخين، لتزويد الأشخاص المدخنين والأطباء إضافة إلى واضعي السياسات الصحية، بمعلوماتٍ موثوقة لاتخاذ قرارات مستنيرة حول أفضل طرق الإقلاع عن التدخين.
اقرأ أيضًا:
لماذا نستصعب الإقلاع عن التدخين؟ اسألوا هذه الديدان
ماذا يحدث لجسدك خلال 40 يوما من التوقف عن التدخين ؟
ترجمة: تيماء القلعاني
تدقيق: نور حمود