يتعرض العالم لجائحة كوفيد-19 التي خلَّفت حتى الآن ملايين الإصابات وآلاف الوفيات، وأحدثت ضررًا اقتصاديًا هائلًا في جميع دول العالم تقريبًا. ومن المعروف اليوم أن السعال والحمى من الأعراض المبكرة للإصابة بكوفيد-19، لكن أظهرت دراسة جديدة أن أكثر من نصف مصابي فيروس كورونا في المستشفيات عانوا أعراضًا واضطرابات عصبية.
وفقًا للقائمين على الدراسة، فقد تظهر أعراض عصبية مثل الصداع والدوار والسكتات الدماغية والوهن العام وانخفاض اليقظة وغيرها على المصابين قبل ظهور الأعراض الشائعة لكوفيد-19، وقد تشمل الأعراض أيضًا فقدان حاستي الشم والتذوق والاختلاجات وآلام العضلات وصعوبات في التركيز والانتباه.
يقول الدكتور إيغور كورالنيك أستاذ الأمراض العصبية في كلية الطب بجامعة نورث ويسترن فاينبرغ في شيكاغو: «من المهم أن يعرف الأطباء والناس هذا، لأن الإصابة بفيروس كورونا المستجد قد تؤدي إلى ظهور أعراض عصبية في البداية قبل ظهور الأعراض التنفسية أو الحمى أو السعال».
درس فريق كورالنيك جميع مرضى كوفيد-19 الذين أُدخلوا مستشفى جامعة نورث ويسترن، لتسجيل نسب إصابتهم بالأعراض العصبية وكيفية استجابتهم للعلاج، وصرح كورالنيك: «من المهم فهم طبيعة هذه الأعراض العصبية ومدى تواترها للوصول إلى العلاج المناسب. قد يؤثر الفيروس على الجهاز العصبي بأكمله أو قد يصيب الرئتين أو الكلى أو القلب، وتؤدي استجابة الجهاز المناعي الشديدة ضد الفيروس أحيانًا إلى حدوث التهاب قد يُسبب ضررًا للدماغ والأعصاب».
من المنطقي أن يتأثر الجهاز العصبي بفيروس كورونا المستجد، لأن الضرر الذي يُلحقه الفيروس بالرئتين والقلب مثلًا قد يحرم الدماغ من الحصول على حاجته من الأكسجين.
ينوي الباحثون متابعة المرضى بعد تعافيهم وخروجهم من المستشفى لمعرفة تأثير الفيروس في الجهاز العصبي على المدى الطويل.
تقول دراسة أخرى إن 65% من المصابين بكوفيد-19 يعانون الهلوسة، وهي أحد التأثيرات المُخيفة التي تصيب المريض عادةً بعد خروجه من وحدة العناية المركزة، وقد يعاني مرضى كوفيد-19 الذين يخضعون للعلاج في المستشفيات القلق ونوبات الهلع أيضًا.
لاحظ الأطباء أن عددًا من مرضى كوفيد-19 الذين أُدخِلوا وحدة العناية المركزة عانوا ما يُعرف باسم (متلازمة ما بعد وحدة العناية المركزة)، وتشمل أعراضها الوهن العام والاضطرابات المعرفية والمزاج السيء، تختلف هذه المتلازمة عن اضطرابات ما بعد الصدمة الأخرى، إذ لا تسبب إصابة المريض بالاكتئاب الشديد أو القلق المرضي، لكنها تسبب استنزاف المتعافين وإرهاقهم وعائلاتهم شهورًا أو سنوات.
قد يؤدي أي مرض مُهدِّد للحياة -يؤدي إلى دخول وحدة العناية المركزة- إلى مضاعفات معرفية واضطرابات نفسية، مثل الهذيان أو متلازمة ما بعد وحدة العناية المركزة، بسبب نقص الأكسجين والأدوية المهدئة ووجود المريض في بيئة غريبة عنه.
يرى الباحثون أن مثل هذه الاضطرابات ستصبح أكثر شيوعًا في المستقبل القريب بسبب جائحة كوفيد-19 التي يشهدها العالم اليوم، خصوصًا مع التأثيرات المرتبطة بهذه الجائحة، مثل ما تسببه من ضرر عصبي ودماغي، واحتياج بعض المرضى إلى أجهزة التنفس الاصطناعي فترات طويلة، وتناول جرعات كبيرة من الأدوية المهدئة، وأهم من هذا أن المريض ينعزل وقتًا طويلًا بعيدًا عن أهله وأحبته في أثناء العلاج.
يقول الدكتور كريغ واينرت أستاذ أمراض الرئة وطب الطوارئ في جامعة مينيسوتا: «ما يحدث اليوم أمر غير مسبوق، ألا يكون المرء مُحاطًا بأفراد عائلته في أثناء تعافيه من مرض خطير».
اقرأ أيضًا:
كيف نتحدث إلى الأطفال عن فيروس كورونا؟
هل يقي التدخين من الإصابة بفيروس كورونا المستجد؟
إعداد: د. محمد الأبرص
تدقيق: وئام سليمان
مراجعة: أكرم محيي الدين