إن سرطان القولون والمستقيم من الأورام الشائعة جدًا، خاصةً لدى كبار السن، ويُعد النظام الغذائي أحد عوامل الخطر المهمة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، أيضًا فإن انتقاء الخيارات الغذائية للمرضى أمر حيوي في أثناء العلاج وبعده. في هذا الخصوص، نقدم نظرةً عامةً على الأنظمة الغذائية الأفضل، والأخرى التي يحسن تجنبها.

ما النظام الغذائي الجيد للوقاية من سرطان القولون والمستقيم وللمساعدة على علاج السرطان؟

يؤثر سرطان القولون والمستقيم في المستقيم أو القولون أو كليهما، ما يُسمى الأمعاء الغليظة.

من المرجح أن يظهر هذا النوع من السرطان لدى الأفراد الأكبر سنًا، لكن ترتبط العديد من عوامل الخطر الأخرى بظهوره، مثل العوامل الوراثية ونمط الحياة.

من العوامل الأخيرة، فإن النظام الغذائي أحد عوامل الخطر الأكثر ذكرًا، ويشير تحديدًا إلى العادات الغذائية السيئة، التي تؤدي إلى السمنة غالبًا.

يقدم هذا المقال نظرةً على الأطعمة والمواد المغذية التي يُعتقد أنها تزيد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وأنواع النظام الغذائي التي تُعد مفيدةً في الوقاية منه، والأخرى التي من المرجح أن تحافظ على مرونة الجسم في أثناء علاج هذا النوع من السرطان وبعده.

الوقاية: ما يجب تجنبه:

أشارت العديد من الدراسات إلى ارتباط النظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. تعرّف منظمة الصحة العالمية «اللحوم الحمراء» بأنها جميع لحوم عضلات الثدييات، متضمنةً لحوم البقر والعجل والخنزير والضأن والخيول والماعز. وقد أصبح من المعروف أن تناول الكثير من اللحوم الحمراء يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

تشير مراجعة منهجية للأدلة الداعمة لهذا الارتباط إلى أن استهلاك اللحوم الحمراء ربما يرتبط مباشرةً بحدوث سرطان القولون والمستقيم، إذ إن النظام الغذائي المحتوي على نسبة عالية من اللحوم يميل إلى أن يكون منخفضًا في الخضر والفاكهة والألياف.

أظهرت دراسة أن الأفراد الذين يتناولون اللحوم الحمراء إلى جانب البيض والجبن والأطعمة الدهنية الأخرى، إضافةً إلى النشويات المُكررة، خطر الإصابة بسرطان المستقيم أو القولون لديهم أعلى بضعفين تقريبًا مقارنةً بمن يفضلون النظام الغذائي النباتي.

كشفت الأبحاث الحديثة أيضًا أن الزيادة اليومية بمقدار 100 غرام من جميع اللحوم أو اللحوم الحمراء ترتبط بزيادة كبيرة في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 12-17%.

عام 2015، نشرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تقريرًا أشار إلى أن كل 50 غرامًا من اللحوم المصنعة، مثل لحم الخنزير المقدد أو السلامي، التي تُؤكل يوميًا على نطاق واسع، تزيد خطر إصابة الشخص بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18%.

دفعت هذه الأدلة منظمة الصحة العالمية إلى تصنيف اللحوم المصنعة على أنها مادة مسرطنة للإنسان.

تصدرت الأضرار الناجمة عن الأنظمة الغذائية غير الصحية عناوين الأخبار مرة أخرى في أوائل عام 2018، عندما ذكرت دراسة منشورة في المجلة الطبية البريطانية أن الأطعمة فائقة المعالجة قد تزيد خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان.

ماذا نأكل إذن؟

إذا كان تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة يساهم في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، فماذا يجب أن يتناول الشخص لحماية جسمه من هذه النتيجة؟

لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ينبغي اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على الفاكهة والخضر بكميات جيدة. وفقًا لـجمعية السرطان الأمريكية، قد يساعد اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والألياف في تقليل المخاطر، وتدعم العديد من الدراسات الحديثة هذه النصيحة.

وجدت دراسة من جامعة لوما ليندا في كاليفورنيا أن الأنظمة الغذائية ذات النمط النباتي ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، درس الباحثون أربعة أنواع من النظام الغذائي النباتي، وهي:

  •  نباتي: دون أي منتجات حيواني.
  •  نباتي يقتات البيض واللبن: يشمل منتجات الألبان والبيض لكن دون لحوم.
  •  نباتي يقتات السمك: وهو نظام يشمل الأسماك لكن دون لحوم.
  •  شبه نباتي: قد يشمل اللحوم والأسماك نادرًا.

اعتُبرت جميع هذه الأنظمة الغذائية النباتية الأربعة أقل عرضةً للتسبب في الإصابة بالسرطان مقارنةً بالأنظمة الغذائية غير النباتية.

تشير دراسة إلى أنه كلما كانت الوجبة غنيةً بالألوان، كان ذلك أفضل، وأنه يجب على الأفراد التركيز على دمج الفواكه والخضراوات متعددة الألوان في وجباتهم الغذائية.

تحديدًا، أشارت تجاربهم على نموذج الخنزير -الذي يُعد النموذج الأقرب للإنسان من حيث الاستقلاب- إلى أن البطاطس الأرجوانية قد تحمي من سرطان القولون.

قد يكون ذلك بسبب احتواء هذه الخضراوات الجذرية على مركبات تقلل مستويات بعض البروتينات المسببة للالتهابات في الجسم، ومن المعروف أن الالتهاب يسهم في خطر الإصابة بسرطان القولون.

حديثًا، عزل الباحثون أيضًا عددًا من العناصر النموذجية للأنظمة الغذائية من نمط البحر المتوسط، التي قد تسهم في منع ظهور سرطان القولون والمستقيم.

الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الفواكه والخضراوات والمكسرات والحبوب الكاملة والأسماك والدواجن، بدلًا من اللحوم الحمراء، ويشربون القليل من الكحول والمشروبات الغازية، لديهم خطر منخفض للإصابة بهذه الحالة.

ماذا نأكل في أثناء العلاج وبعده؟

وفقًا للمبادئ التوجيهية الصادرة عن معهد دانا فاربر للسرطان في بوسطن، يُفضَل عند الأشخاص الخاضعين لعلاج سرطان القولون والمستقيم، تناول وجبات من الفواكه والخضراوات متعددة الألوان، وتناول مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات لدعم جهاز المناعة لديهم. وقد ذُكر أيضًا مساهمة النظام الغذائي الغني بالمكسرات في تحسين نتائج علاج السرطان.

يُعد تناول وجبات صغيرة متكررة طريقة أخرى يقترحها المتخصصون في معهد دانا فاربر، التي قد يجدها من يتبع هذا العلاج طريقة فعالةً. كذلك ينصح الباحثون المرضى بالمحافظة على رطوبة الجسم وتجنب الكحول والكافيين، موضحين أن بعض أنواع الأدوية قد تتعارض مع هذه المشروبات.

لكن أشارت كذلك دراسة سابقة أجراها باحثون في المعهد، إلى أن من يخضعون للعلاج من سرطان القولون والمستقيم، ينخفض لديهم خطر تكرار الإصابة بالسرطان إلى النصف تقريبًا إذا شربوا أربعة فناجين من القهوة، أو 460 ملليغرام من الكافيين يوميًا. إذ وجدوا أن شاربي القهوة لديهم خطر أقل لعودة السرطان، وبقاء على قيد الحياة وفرصة للشفاء أكبر بكثير.

تشير الأبحاث المنشورة إلى أن اتباع نظام غذائي غني بمصادر الألياف قد يحسن معدلات البقاء على قيد الحياة لمرضى المرحلة الأولى من سرطان القولون والمستقيم. وأشار الباحثون إلى أن تناول الحبوب الكاملة مرتبط أيضًا بنتيجة علاجية أفضل.

تشير دراسة أخرى من العام الماضي إلى أن تناول 57 غرامًا تقريبًا من المكسرات -مثل الكاجو والبندق والجوز والفستق- يقلل خطر تكرار الإصابة بسرطان القولون بعد المرحلة الثالثة من علاج السرطان. كما أن استهلاك ثمار الجوز قلل خطر الوفاة بعد العلاج بنسبة 53%.

أما عن خطر الإصابة بالسرطان ثانيةً بعد العلاج، فإن الحد منه ممكن، باتخاذ نفس خيارات النظام الغذائي الصحي المُوصى بها للوقاية من السرطان. يشمل ذلك الحفاظ على وزن صحي، والتركيز على الأطعمة النباتية في الوجبات اليومية، وتجنب تناول الكحول.

وجد الدكتور فيكتور مورينو من جامعة برشلونة في إسبانيا وزملاؤه أن عوامل نمط الحياة أهم من عوامل الخطر الجينية فيما يخص تطور سرطان القولون والمستقيم، خاصةً أنها قابلة للتعديل.

باختصار فإن تجديد الخيارات الصحية الشخصية، قد يقدم فائدة عظمى في دعم النتائج الإيجابية لدى المرضى.

اقرأ أيضًا:

تغييرات صغيرة في النظام الغذائي قد تقلل من ضغط الدم والنوبات القلبية

هل يساهم النظام الغذائي في تجنب الضعف الجنسي؟

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر