يثير ثقب الأوزون الممتد في القارة القطبية الجنوبية مخاوف جديدة بشأن تكاثر البطاريق والفقمات. ففي السنوات الـ25 الماضية، بدأ ثقب الأوزون الذي وجد فوق القارة القطبية الجنوبية بالتقلص كل ربيع، لكنه خلال الأربع سنوات الأخيرة، امتد أيضًا فترة أطول من المعتاد.

كشف بحث جديد أنه بدلًا من الإغلاق المتوقع خلال شهر نوفمبر، بقي مفتوحًا حتى ديسمبر، وهذا في بداية الصيف التي تعد فترة حاسمة لنمو النباتات الجديدة في السواحل القطبية الجنوبية، وذروة موسم التكاثر للبطاريق والفقمات أيضًا. وهذا ما يثير القلق، فعندما يتشكل ثقب الأوزون يتسرب المزيد من الأشعة فوق البنفسجية خلال الغلاف الجوي، وبينما تمتلك البطاريق والفقمات غطاء واقيًا، فإن صغارها قد تكون أكثر عرضة للخطر.

لماذا الأوزون مهم؟

يحدث معظم الضرر الناتج عن فقدان الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية، فعندما يتشكل الثقب، يتضاعف مؤشر الأشعة فوق البنفسجية ويصل إلى مستويات قصوى. وقد نتوقع رؤية أيام بمؤشر الأشعة فوق البنفسجية تتجاوز 14 في الصيف في أستراليا أو كاليفورنيا، ولكن ليس في المناطق القطبية!

ولحسن الحظ تكون معظم الأنواع في حالة خمول ومحمية تحت الثلج في اليابسة عندما ينفتح ثقب الأوزون في بداية الربيع (من سبتمبر إلى نوفمبر). وتكون الحياة البحرية محمية بغطاء الجليد البحري، وغابات الطحالب في القارة القطبية تحت الثلج. لقد ساعدت هذه الأغطية الجليدية الواقية على حماية معظم الحياة في القارة القطبية الجنوبية من الانخفاض في الأوزون حتى الآن.

ثقوب الأوزون ذات العمر الطويل الغير عادية

سلسلة من الأحداث غير العادية بين عامي 2020 و 2023 أدت إلى استمرار ثقب الأوزون حتى ديسمبر، كالحرائق الهائلة في أستراليا عام 2019-2020، والثوران البركاني الضخم تحت الماء قبالة تونغا، وثلاث سنوات متتالية من ظاهرة النينيا.

قد تحقن البراكين وحرائق الغابات الرماد والدخان في طبقة الستراتوسفير، والتفاعلات الكيميائية التي تحدث على سطح هذه الجزيئات الصغيرة قد تدمر الأوزون.

تزامنت ثقوب الأوزون ذات المدى الأطول مع فقدان كبير للجليد البحري، ما يعني أن كثيرًا من الحيوانات والنباتات كانت لديها أماكن أقل للاختباء.

ما الذي يفعله الإشعاع فوق البنفسجي القوي بالنظم البيئية؟

إذا استمرت الثقوب في الأوزون فترة أطول، ستتعرض الحيوانات التي تتكاثر في الصيف حول سواحل القارة القطبية الجنوبية إلى مستويات عالية من الإشعاع فوق البنفسجي المنعكس، لأن مزيدًا من الإشعاع الفوق بنفسجي سيصل والجليد والثلج عاكسان قويان للضوء ما يعكس هذه الأشعة نحو الغلاف.

يزيد التعرض العالي للأشعة فوق البنفسجية من خطر الإصابة بسرطان الجلد والجلوكوما عند البشر، فليس لدينا فراء أو ريش. أما البطاريق والفقمات تمتلك حماية للبشرة لكن عيونهم غير محمية.

هل تُحدث الضرر؟ لسنا متأكدين، فالدراسات والتقارير قليلة جدًا حول ما تفعله الإشعاعات فوق البنفسجية بالحيوانات في القارة القطبية الجنوبية، ومعظمها في حدائق الحيوان حيث يدرس الباحثون ما يحدث عندما تبقى الحيوانات تحت الضوء الاصطناعي.

ومع ذلك يشكل هذا مصدر قلق، فقد يكون المزيد من الإشعاع فوق البنفسجي في بداية الصيف ضارًا بالحيوانات الصغيرة خصوصًا، مثل فراخ البطاريق وصغار الفقمات التي تفقس أو تولد في أواخر الربيع.

مع ظهور النباتات من تحت الثلج في أواخر الربيع (مثل العشب القطبي الأنتاركتي، ونبات الوسادة، والكثير من الطحالب)، ستتعرض لأقصى مستويات الإشعاع فوق البنفسجي.

الطحالب القطبية في الواقع تنتج واقيًا شمسيًا خاصًا بها لحماية نفسها من الإشعاع فوق البنفسجي، ولكن هذا يأتي على حساب النمو. وتعيش تريليونات الطحالب الدقيقة تحت الجليد البحري، وتنتج هذه الطحالب الدقيقة العائمة مركبات واقية من الشمس أيضًا تسمى الأحماض الأمينية الميكروسبورينية.

وماذا عن المخلوقات البحرية؟ ستغوص الكريل أعمق إذا كان الإشعاع فوق البنفسجي مرتفعًا جدًا، ومع إن بيوض الأسماك تحتوي عادة على الميلانين (نفس المركب الواقي عند البشر)، فليست جميع مراحل حياة الأسماك محمية بنفس القدر.

خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت أربع سنوات انخفاضا في مدى تغطية الجليد البحري، وهو نتيجة مباشرة لتغير المناخ. وانخفاض مستوى الجليد البحري يعني أن مزيدًا من الضوء فوق البنفسجي قد يخترق المحيط، ما يجعل بقاء الفيتوبلانكتون القطبي والكريل على قيد الحياة أصعب، وهذه المخلوقات الصغيرة تشكل قاعدة الشبكة الغذائية التي يعتمد عليها كثير من الكائنات الأخرى، فإذا واجهت هذه صعوبة في البقاء على قيد الحياة، فسينعكس الجوع على سلسلة الغذاء. والمياه في القارة القطبية الجنوبية تصبح أكثر دفئًا وحموضة أيضًا بسبب تغير المناخ.

نظرة غير مؤكدة للمستقبل في القارة القطبية

يجب أن نحتفل بنجاح حظر الكلوروفلوروكربونات بوصفه مثالًا نادرًا على حل مشكلة بيئية، ولكن قد يكون ذلك مبكرًا، فربما يؤدي تغير المناخ إلى تأخير استعادة طبقة الأوزون، بجعل الحرائق الكثيفة أكثر شيوعًا وشدة مثلًا.

قد يتأثر الأوزون أيضًا بمقترحات الهندسة الجيولوجية مثل رش الكبريتات في الغلاف الجوي ليعكس الضوء الشمسي، بالإضافة إلى زيادة أعداد إطلاق الصواريخ.

إذا استمر الاتجاه الأخير، واستمر ثقب الأوزون في البقاء حتى فصل الصيف، من المتوقع رؤية المزيد من الأضرار التي تلحق بالنباتات والحيوانات مع تفاقم التهديدات الأخرى.

لا نعرف ما إذا كان ثقب الأوزون ذو مدى أطول سيستمر، ولكننا نعرف أن تغير المناخ يجعل الغلاف الجوي يتصرف بطرق غير مسبوقة. للحفاظ على استمرارية استعادة الأوزون على المسار الصحيح، نحتاج إلى اتخاذ إجراءات فورية للحد من الكربون الذي نبعثه إلى الغلاف الجوي.

اقرأ أيضًا:

ماذا يقصد عند الحديث عن ثقب الأوزون؟

ما هي طبقة الأوزون ؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: علي بلوة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر