الورم الدماغي Brain tumor -والذي يُعرف بالورم داخل القحف Intracranial-: عبارة عن كتلة غير طبيعية من النسيج الذي تنمو فيه الخلايا وتتضاعف بشكل خارج عن السيطرة، وعلى ما يبدو لا تردعها الآليات التي تتحكم بالخلايا الطبيعية. وقد وُثق ما يزيد عن 150 نوعًا مختلفًا من الأورام الدماغية ، ولكن تُدرج المجموعتان الأساسيتان من أورام الدماغ تحت مصطلح الابتدائية Primary والنقيلية Metastatic.
أسباب الأورام الدماغية
يُعتقد أن الأورام الدماغية تنشأ عندما تتخرب جينات معينة على الصبغيات وتتوقف عن العمل بالشكل الصحيح. تَضبط هذه الجينات عادةً معدل انقسام الخلايا (إن كانت هذه الخلايا تنقسم أساسًا)، وترمم الجينات المسؤولة عن إصلاح عيوب الجينات الأخرى، وترمم كذلك الجينات التي تسبب الموت الخلوي إن كان الضرر غير قابل للترميم.
وفي بعض الحالات، قد يولد الفرد مع عيوب جزئية في واحد أو أكثر من هذه الجينات، كما يمكن للعوامل البيئية أن تقود إلى مزيد من الأضرار، وفي حالات أخرى، قد يكون الأذى البيئي للجينات هو السبب الوحيد. من غير المعروف لمَ يطور بعض الأشخاص في (بيئة معينة) أورامًا دماغية بينما لا يتطور ذلك عند أقرانهم.
حالما تبدأ الخلية بالانقسام بسرعة، وتتخرب الآليات الداخلية لمراقبة نموها، تتطور هذه الخلية في نهاية المطاف إلى ورم، وقد يلعب خط آخر للدفاع دور الجهاز المناعي للجسم، فيكشف الخلايا غير الطبيعية ويقتلها، وقد تُنتج الأورام مواد تمنع الجهاز المناعي من التعرف على الخلايا الورمية غير الطبيعية، وتتفوق في النهاية على جميع الآليات الداخلية والخارجية التي تمنع نموها.
يحتاج الورم النامي بسرعة إلى مزيد من الأكسجين والمواد الغذائية، بشكل أكبر من الذي يمكن أن يؤمنها محتوى الدم الموضعي للنسج الطبيعية، لذا قد تُنتج الأورام مواد تُدعى: عوامل الأوعية الدموية angiogenesis factors والتي تعزز نمو الأوعية.
تزيد الأوعية الجديدة التي تنمو مخزونَ الورم من المواد المغذية، وفي النهاية يصبح الورم معتمدًا على هذه الأوعية الجديدة. علی أي حال ما تزال الأبحاث قيد الدراسة في هذا الجانب، ولكن تُعتبر الأبحاث واسعة النطاق ضرورةً لتسخير هذه المعرفة في طرق المعالجة المحتملة.
أعراض الأورام الدماغية
قد تتفاوت الأعراض بالاعتماد على مكان الورم الدماغي، ولكن قد تظهر أعراض مع أنواع مختلفة من الأورام الدماغية مثل:
- الصداع: قد يكون أكثر حدةً في الصباح أو عند استيقاظ المريض في الليل.
- النوبات والتشنجات.
- صعوبات التفكير والتكلم والتعبير.
- تغيرات الشخصية.
- ضعف أو شلل في أحد جانبي الجسم أو كليهما.
- اختلال التوازن أو الدوار.
- تغيرات الرؤية.
- تغيرات السمع.
- خدر الوجه أو التنميل.
- الغثيان أو الإقياء وصعوبة البلع.
- الارتياب والارتباك.
التشخيص
يمكن لآليات معقدة من التصوير أن ترصد الأورام الدماغية. تتضمن أدوات التشخيص الرسم السطحي المحوسب CT أو CAT Scan والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI، ويمكن لمقاطع أخرى من التصوير بالرنين المغناطيسي أن تساعد الجراح في التخطيط لاستئصال الورم اعتمادًا على موقع مسار الأعصاب الدماغية الطبيعية، ويُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي أثناء العمل الجراحي لتوجيه إجراء الخزعات واستئصال الورم.
ويُستخدم الرنين المغناطيسي الطيفي MRS لفحص البنية الكيميائية للورم وتحديد طبيعة الآفة التي تظهر في التصوير بالرنين المغناطيسي، كما يمكن أن يساعد الرسم السطحي بالانبعاث البوزيتروني PET scan في الكشف عن الأورام الدماغية الناكسة (المتكررة).
تكون الخزعات أحيانًا الطريق الوحيد لإجراء التشخيص المؤكد للأورام الدماغية، إذ يأخذ طبيب الجراحة العصبية الخزعة، ويعطي أخصائي التشريح المرضي التشخيص النهائي، مُحددًا الورم إذا كان حميدًا أو خبيثًا، وتحديد درجته وفقًا لذلك.
علاج الأورام الدماغية
تُعالج الأورام الدماغية عادةً (سواء أكانت ابتدائيةً أو نقيلية، حميدةً أو خبيثة) بالجراحة والأشعة والعلاج الكيميائي، ويمكن استخدام كل علاج لوحده أو بدمج العلاجات معًا بمجموعات متنوعة.
يُستخدم العلاج الشعاعي والكيميائي في الغالب لعلاج الأورام الخبيثة، والأورام المتبقية أو الناكسة (المتكررة). يبقى القرار لاستخدام أي نوع من العلاج قائمًا على أساس كل حالة بشكل منفرد، ويعتمد على عدد من العوامل، إضافةً إلى المخاطر والآثار الجانبية المترافقة مع كل نوع من أنواع العلاج.
الجراحة
من المعروف عمومًا أن الاستئصال الكلي أو الجزئي للورم الدماغي سيعود على المريض بالمنفعة، إذ تُعتبر إزالة أكبر قدر ممكن من الورم -دون إلحاق أذى بنسيج الدماغ اللازم لوظائف الأعصاب عند للمريض مثل القدرة على الكلام أو المشي أو غيرها- بمثابة تحدٍ لطبيب الجراحة العصبية.
يفتح جراح الأعصاب بشكل تقليدي الجمجمة من خلال حج القحف (إزالة إحدى عظام القحف)؛ لتأكيد وصوله إلى الورم واستئصال أكبر قدر ممكن منه، ويُثبت جهاز الصرف البطيني الخارجي EVD في التجاويف الدماغية أثناء الجراحة لتجفيف السائل الدماغي الطبيعي بينما يتعافى الدماغ من الجراحة.
الأشعة
يستخدم العلاج الإشعاعي إشعاعات سينية عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية والخلايا الدماغية غير الطبيعية ولتقليص الورم. قد يكون العلاج الإشعاعي خيارًا إذا صعُبت معالجة الورم بشكل فعال من خلال الجراحة.
العلاج الكيميائي
بشكل عام يُعتبر العلاج الكيميائي فعالًا لنوع محدد من أورام محددة عند الأطفال، واللمفوما (سرطان الغدد اللمفاوية) وأورام الخلايا الدبقية قليلة التغصن.
لكن رغم إثبات أن العلاج الكيميائي يحسن بشكل عام من بقاء مرضى الأورام الابتدائية الخبيثة على قيد الحياة، يقوم بذلك عند 20% فقط من المرضى، ولا يمكن للأطباء التنبؤ بالمرضى الذين سيستفيدون من المعالجة قبل البدء بها.
ولهذا يختار بعض الأطباء عدم استخدام العلاج الكيميائي بسبب الآثار الجانبية المحتملة (تخريش الرئةأو تندبها، وتثبيط الجهاز المناعي، والغثيان…).
الاستئصال بالليزر تحت سيطرة التصوير بالرنين المغناطيسي
الاستئصال الجراحي الحراري بالليزر: تقنية حديثة تستخدمها بعض المراكز لعلاج الأورام الصغيرة، خاصةً التي يصعب الوصول إليها من خلال المداخلات الجراحية. يتضمن هذا تثبيت قثطرة صغيرة مكان الآفة غالبًا لاستكمال الخزعة، ثم يُستعمل الليزر لجذ (اجتثاث) الآفة حراريًا. استُخدمت هذه التقنية مؤخرًا فقط في معالجة الأورام الدماغية، لذلك من غير المؤكد إلى الآن إن كانت فعالةً على المدى الطويل.
العلاجات قيد الدراسة
تُدرَس عديد من أنواع العلاج الجديدة حاليًا، خاصةً على الأورام التي يكون التشخيص فيها ضئيلًا، من خلال الخروج عن العلاجات التقليدية، ومن غير المعروف إن كانت هذه العلاجات مفيدة.
تُطرح مثل هذه العلاجات وفقًا لنظام محدد، وتتضمن أنواعًا عديدةً من العلاج المناعي، والمعالجة باستخدام الأدوية المستهدفة، والمعالجة بالمضادات الوعائية، والمعالجة الجينية والمعالجة التمايزية. وقد يعمل دمج عدة أنواع من العلاج أيضًا على تحسين التوقعات للمرضى، ومن ناحية أخرى قد يخفض من الآثار الجانبية الوخيمة.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين الأورام الحميدة والأورام الخبيثة ؟
خلايا شمّية تعمل كحصان طروادة وتحمل علاج السرطان إلى أورام الدماغ المميتة
خلايا جذعية محملة بفيروس الهيربس يمكنها القضاء على أورام الدماغ
ترجمة: ميرا نحلاوي
تدقيق: عبد الرحمن عبد
مراجعة: تسنيم الطيبي