السيكوباثية أو الاعتلال النفسي هو جزء مما يسمى بالثالوث المظلم، ويقصد به في علم النفس أنه يرتكز على ثلاث سمات في الشخصية (النرجسية، المكيافيلية، والاعتلال النفسي). ومع إن العناصر الثلاثة المكونة للثالوث المظلم متباينة من ناحية المفاهيم، فإن الأدلة التجريبية توضح أنها متداخلة، وتكون مصاحبة لنمط الشخصية القاسية-المتلاعبة.
يتميّز السيكوباتي بسلوكيات معادية للمجتمع، والاندفاع والأنانية والقسوة، وانعدام الندم وافتقار العاطفة. أما النرجسية فبالعظمة والكبرياء، والأنانية، وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين. بينما تتميز المكيافيلية بالتلاعب واستغلال الآخرين، وتجاهل ساخر للأخلاق، والتركيز على المصلحة الذاتية والخداع.
يتحدد الأشخاص السيكوباتيين بالنطاق العاطفي المحدود، وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين، والتلاعب، فإن السيكوباتيين ليسوا بالضبط من عشاق القصص الخيالية. ولكن مع ذلك أثبت بوني وكلايد أن حتى أولئك الذين لديهم أحلك الشخصيات، قد يصبحون أيقونات رومانسية.
أشارت دراسات كثيرة إلى أن الأشخاص ذوي الشخصيات السيكوباتية يميلون إلى الخوف من العلاقة الحميمة والصعوبة في تكوين روابط عاطفية وثيقة مع الآخرين. وفي الحب، غالبًا ما يظهر هذا بوصفه نوعًا معينًا من الاتصال المفكك، يسمى التعلق التجنبي.
فالأشخاص السيكوباتيين يصعب عليهم الثقة بالآخرين والسماح لهم بالدخول لحياتهم الخاصة، لذا عادًة ما يحافظون على مسافة آمنة بينهم وبين الشركاء ويبعدون أنفسهم عن العلاقات الحميمة العاطفية، ويركزون على العلاقة الجنسية. وغالبًا ما يفضلون الحديث في مواضيع فكرية أو عمومية، لأنهم لا يشعرون بالراحة عند الحديث عن العواطف والأمور الخاصة بهم.
إن تقدير الأشخاص السيكوباتيين لذاتهم مرتفع، ويسعون عادة وراء التميز الذي غالبًا ما يبني احترامهم لذاتهم بشكل أكبر، وإضافة إلى ذلك، لا يعتمدون على الآخرين في الحصول على الشعور بالطمأنينة أو الدعم العاطفي.
وجد بحث منفصل على 167 طالبًا جامعيًا أن: «السمات الثانوية، التي ترتبط برداءة العلاقة، تضمنت الابتعاد عن الوضوح وعدم الاهتمام المتعمد بالشركاء، والتقرّب المفرط ثم الابتعاد المفاجئ». ولاحظ مؤلفو الدراسة بحسم واضح أن «التجنب قد أدى دورًا مهمًا في هذه العلاقات»، واقترحوا أن العمل على قضايا التعلق قد يساعد أولئك الذين لديهم ميول سيكوباتية على الحصول على حظ أفضل في الحب.
ومن المفارقات أن السيكوباتيين قد يجدون سهولة نسبية في جذب الشركاء في الواقع، مع إنهم غير قادرين على تكوين روابط ذات مغزى.
أشارت الأبحاث إلى أن الشباب الذين يتمتعون بسمات شخصية مظلمة أو سيكوباتية يتمتعون بذكاء اجتماعي أعلى، وغالبًا ما ينضحون بإحساس بالثقة يجده الآخرون ساحرًا. في الوقت نفسه، فإن موهبتهم في التلاعب تجعلهم بارعين خصوصًا في قراءة رغبات الآخرين ومعرفة ما يجب قوله من أجل جذبهم.
لكن دراسة منفصلة أشارت إلى أن كثيرًا من الأشخاص يجدون أن السمات السيكوباتية (كالافتقار إلى الشعور بالذنب والثقة المفرطة بالنفس) جذابة، لكن معظمهم مع ذلك لن يفكروا إلا في العلاقات قصيرة المدى مع مثل هذا الفرد.
أما عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الجادة، فينظر الجميع عادةً إلى هذه السمات بأنها غير مرغوب فيها، بصرف النظر عن المرضى النفسيين الآخرين، وذلك لسبب وجيه. إذ تبيّن في دراسة فحصت مذكرات عشر نساء في علاقات مع رجال سيكوباتيين: «هذه العلاقات تتكون من أربع مراحل: التعريف والالتزام وفك الارتباط والتعافي». ووفقًا لمؤلفي الدراسة، فإن جميع النساء المعنيات: «تعرضن للخداع أو التلاعب أو الإكراه خلال جميع مراحل العلاقة أو معظمها».
وعلى وجه الخصوص، أشارت تحليلات القتلة سيئي السمعة دينيس نيلسن وجيفري دامر إلى أن: «الوحدة تؤدي دورًا مهمًا في تطوير المواقف والسلوك العنيف والمعادي للمجتمع واستمرارها»، وأن جرائم القتل تُرتكب أحيانًا بسبب «الاقتناع بأنهم غير محبوبين وغير مقبولين».
ومن المحتمل جدًا أن السيكوباتيين الذين يدخلون في علاقة مع بعضهم لا يشعرون حقًا ببعضهم، بل يستخدمون بعضهم بدلًا من ذلك لتلبية احتياجاتهم، وللبحث عن الإثارة. ومع اختلاف نزعة العنف لدى السيكوباتيين، فقد يكون معظمهم غير قادر على حب الآخرين بالمعنى الحقيقي للكلمة، لكنهم قد يدخلون في علاقات لتحقيق رغبتهم في الرفقة.
اقرأ أيضًا:
السيكوباتيون: انجذاب لبعضهم البعض وترابط غريب
هل السايكوباتيون أذكياء كما يبدون؟
ترجمة: كلوديا قرقوط
تدقيق: هاجر القفراشي
مراجعة: محمد حسان عجك