من أصل أنجلو سكسوني، لكن القصة معقدة بعض الشيء وسنرويها في السطور القادمة. سواء كنت تطلق على كوكبنا الأرض أو العالم أو الجسم الأرضي، فإن لكل اسم من هذه الأسماء قصة نشوء تتغلغل في أعماق التاريخ.
مثل العديد من أسماء مكونات نظامنا الشمسي، ضاع اسم الأرض الأصلي في التاريخ، لكن اللغويات تقدم لنا بعض القرائن.
كلمة (Ertha) هي تهجئة تقريبية لـ Earth بمعنى «الأرضية التي نقف عليها» في اللغة الأنجلو سكسونية، إحدى لغات الأسلاف العديدة للغة الإنجليزية.
الأنجلو سكسونية مصطلح حديث يشير إلى مجموعة ثقافية عاشت في العصر الحديث داخل إنجلترا وويلز بعد وقت قصير من انهيار الإمبراطورية الرومانية، بين القرن الخامس والغزو النورماندي عام 1066.
يقول العلماء: «كانت هويات الأشخاص معقدة، ومن المحتمل أن يكون للأفراد المختلفين ارتباطات مختلفة اعتمادًا على عائلاتهم وتاريخهم والأرض التي عاشوا عليها. إرثا، مثلها مثل بقية الأسماء التي قد تمثل كوكبنا أو الكواكب الأخرى، يجب فهمه في هذا السياق».
قال عالم الآثار والمؤرخ المستقل جيليان هوفيل، المعروف باسم “عالم آثار الطين”: «إرثا باللغة الأنجلو سكسونية تعني الأرض التي تمشي عليها، الأرض التي تزرع فيها محاصيلك».
وقال هوفيل إن كلمة إرثا تشير أيضًا إلى المكان الذي تظهر فيه الحياة وإلى المكان الذي دُفن فيه الأسلاف. لكن في بعض الأحيان يمكن أن يتغير معنى الاسم اعتمادًا على الثقافة.
المصطلحات الحديثة الشائعة الأخرى لـ “الأرض” تأتي من اللاتينية. أشار هوفيل مرة أخرى إلى أن كلمة تيرا Terra تعني الأرض، الأرض التي تقف عليها أو تزرع أو تتفاعل معها. اللاتينية يمكن أن توصلنا إلى الكلمات الإنجليزية الحديثة مثل “أرضي” و”جوفي” و”خارج كوكب الأرض” وما إلى ذلك.
تم استخدام مصطلح أوربس Orbis عندما أراد المؤلفون التحدث عن الأرض ككرة أرضية. قال هوفيل عن الرومان القدماء، الذين تابعوا العلوم اليونانية عن كثب:
«لقد عرفوا أنها كانت كرة أرضية»، فقد قاس الإغريقي إراتوسثينس محيط كوكبنا سنة 240 قبل الميلاد.
قال هوفيل عن معنى أوربس: «هي كرة من الأرض»، وهي جذر لكلمة مدار Orbit في العصر الحديث. كان هناك مصطلح آخر، موندوس Mundus، والذي من المفترض أن يصف الكون بأسره.
قال هوفيل عن موندوس: «العالم هو كل ما يحتوينا (نحن البشر)، لكن من الواضح أنه منفصل تمامًا عن الكواكب».
ينعكس Mundus (موندوس) في المصطلح الفرنسي الحديث monde (العالم) ، و mondo الإيطالية، و mundo الإسبانية، و mundo البرتغالية، وهي من الأسلاف الأخرى للغة الكلاسيكية اللاتينية.
قال هوفيل إن المؤلف الروماني بليني الأكبر جايوس بلينيوس سيكوندوس -الذي كتب مجموعة كبيرة من المجلدات عن التاريخ الطبيعي في القرن الأول- استخدم كلمة موندوس كثيرًا في ملاحظاته. حصلنا أيضًا من بليني على الكثير من المصطلحات لتسمية الكواكب واستخدمناها في تسميات الاتحاد الفلكي الدولي، مع أن لكل ثقافة تقاليدها وألقابها الخاصة.
يعود تقليد تسمية الكواكب التي استخدمها الرومان إلى تاريخ البابليين على الأقل. كانت بابل دولة متشابكة امتدت على أجزاء من العراق وسوريا في العصر الحديث، والتي لا بد أن نذكر ملكها حمورابي، الذي يرتبط اليوم ارتباطًا وثيقًا بالقوانين التي أنشئت في عهده.
استمرت دولة بابل من حوالي عام 1900 حتى 539 قبل الميلاد، ثم استولى الفرس ثم الإمبراطورية الأخمينية على المنطقة.
كان الفرس العدو الأكبر لليونانيين، لكن الإمبراطوريتين تشتركان أيضًا في الكثير من المعرفة بين الثقافات. أوضح هوفيل أنها الطريقة التي دمج بها الإغريق بعض الآلهة من بلاد فارس.
عندما ظهر الرومان إلى واجهة الأحداث، قاموا بدمج التقاليد من المناطق التي سكنوا فيها -بما في ذلك اليونان- ضمن آلهة خاصة. سمح هذا لآلهة الحب من بلاد بابل (عشتار) بأن تصبح أفروديت تحت حكم الإغريق وفينوس تحت حكم الرومان، على سبيل المثال. هذا تسلسل زمني مبسّط للغاية، مع ذلك، فإن الآلهة الرومانية كانت لها سمات بناءً على موقعها وتوقيتها السماوي وعوامل أخرى، وينطبق الشيء نفسه على الأرجح على التقاليد الأخرى التي دمجوها، كما يقول المؤرخون.
التسمية اليونانية للكواكب تعطي معاني مثل “الكواكب المتجولة” أو “المتجول”، وفقًا لمتحف سميثسونيان الوطني للطيران والفضاء. أعطى الرومان أسماءً لهذه الكواكب بناءً على كيفية ظهورها للعين المجردة في السماء، قبل قرون من توفر التلسكوبات، ومن ناحية أخرى قد لا تكون هذه الأسماء عالمية.
قال هوفيل إن بليني الأكبر يطلق أحيانًا على عطارد اسم إله آخر، أبولو، لأن أبولو كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالشمس. كان عطارد نفسه رسول الآلهة ومرتبطًا بالمسافرين، بالإضافة إلى العديد من الدلالات الأخرى.
الكوكب الذي سُمي بكوكب الزهرة -الذي تشمل ارتباطاته آلهة الحب- كان يسمى أحيانًا لوسيفر (جالب النور، الضوء يعني lux باللاتينية). كان هذا هو الاسم الذي قد يتخذه الكوكب في الصباح، عندما يشرق في الفجر. قال هوفيل إن الرومان فهموا أن كوكب الزهرة يرتفع في الصباح أو في المساء، واسم الكوكب قد يتغير اعتمادًا على خصائص ظهور الكوكب.
كتب بليني ذات مرة أن المريخ “يحترق بالنار”. اعتقد بليني أن المريخ قريب جدًا من الشمس، إذ كان هو وغيره من الرومان في ذلك الوقت يتبعون نموذج بطليموس الذي وضع الأرض في مركز الكون.
قال هوفيل إن المظهر اللامع لكوكب المشتري كان مرتبطًا بملك الآلهة، وزحل (الذي جاء بعد المشتري في نموذج مركزية الأرض) هو والد المشتري وفقًا للأساطير الرومانية، وهنا نعود ونستخدم التقاليد القديمة.
بالمناسبة، حاول الأشخاص الذين أطلقوا الأسماء على أورانوس ونبتون وبلوتو بعد ذلك بقرون، في العصر التلسكوبي المبكر، الاستمرار في هذا التقليد الخاص بالارتباطات الإلهية ليكون متسقًا مع الطريقة التي فعلها الرومان، ولكن حتى هذه الممارسة لم تكن عالمية. على سبيل المثال، سُمي أورانوس تقريبًا على اسم جورج الثالث عندما سعى مكتشفه، عالم الفلك البريطاني المولود في ألمانيا ويليام هيرشل، إلى شكر داعمه المالي، وفقًا لوكالة ناسا.
اقرأ أيضًا:
هل نشاهد النجوم في الماضي أم في الحاضر؟
كيف حدث الانفجار الكوني العظيم من لا شيء؟
ترجمة: أحمد عضيم
تدقيق: بدور مارديني