اكتشف باحثون من جامعة ستانفورد ميديسين كيف تحمي الأدوية خافضة الكوليسترول الخلايا المُبطنة للأوعية الدموية بواسطة آليات جينية حديثة تستخدم لدراسة هذه الأدوية في الخلايا البشرية والفئران.
تقدم النتائج مفهومًا جديدًا للفوائد واسعة النطاق لأدوية الستاتينات، التي لوحظت سابقًا لدى مرضى تصلب الشرايين ومرض السكري.
قال الدكتور جوزيف وو مُشيرًا إلى البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL أو ما يُسمى الكوليسترول السيء: «بالنظر إلى عدد الذين يتناولون الأدوية خافضة الكوليسترول، أعتقد أن الآثار الناجمة عنها كثيرة جدًا».
تعد الأدوية خافضة الكوليسترول الأكثر وصفًا في أمريكا، إذ يتناولها أكثر من 40 مليون شخص. طُورت الأدوية في الثمانينيات بدءًا من مركبات موجودة في العفن والفطريات، وهي تستهدف إنزيمًا يُنظم إنتاج الكوليسترول في الكبد. لكن التجارب السريرية أظهرت أنها تحمي من أمراض القلب والأوعية الدموية إضافةً إلى قدرتها على خفض الكوليسترول.
مثلًا: مرضى قصور القلب الذين يتناولون الأدوية خافضة الكوليسترول هم أقل عرضةً للإصابة بنوبة قلبية ثانية. وأُثبت أنها تمنع انسداد الشرايين وتقلل من الالتهاب ومن خطر الإصابة بالسرطان. ولكن هذه الآليات الأساسية غير مفهومة بصورة واضحة.
قال تشون ليو؛ أستاذ في معهد ستانفورد للقلب والأوعية الدموية والمؤلف الرئيسي المشارك للدراسة التي نُشرت في 8 مايو في مجلة Nature Cardiovascular Research: «طُورت أدوية الستاتينات لخفض الكوليسترول بواسطة إيقاف اصطناعه في الكبد، ولكننا لم نكن نعرف تأثيرها في القلب والأوعية الدموية».
لفهم كيفية تأثير الستاتينات في الأوعية الدموية؛ اختبر ليو وزملاؤه الدواء الأشيع من هذه المجموعة وهو سيمفاستاتين على الخلايا البطانية البشرية المزروعة في المختبر المشتقة من الخلايا الجذعية متعددة القدرات. تُبطن الأوعية الدموية خلايا تسمى الخلايا البطانية ولكن عند الإصابة بالعديد من الأمراض تتحول إلى نوع مختلف من الخلايا يُسمى بالخلايا الميزانشيمية وهي بديل سيء للخلايا البطانية.
قال ليو: «تعد الخلايا الميزانشيمية أقل فاعلية وتسبب تصلب الأنسجة وتجعلها غير قادرة على الاسترخاء أو الانقباض بطريقة صحيحة».
اعتقد الباحثون أن الأدوية خافضة الكوليسترول قد تقلل من هذا التحول الضار للخلايا. وفي الحقيقة، كوّنت الخلايا البطانية المزروعة مخبريًا المُعالجة بالسيمفاستاتين أوعية شعرية شبيهة بالأنابيب، وهذا يعزز قدرتها على إنماء أوعية دموية جديدة.
قد أُجري اختبار تسلسل الحمض النووي الريبي للخلايا المعالجة ولكنه قدم أدلة قليلة.
قال ليو: «رأى الباحثون بعض التغييرات في التعبير الجيني، لكنهم لم يجدوا أي شيء مثير للاهتمام».
لم يتضح دور الستاتينات سوى بعد استخدام تقنية ATAC-seq؛ وهي تقنية جديدة تكشف عما يحدث على المستوى اللاجيني. أي معرفة الأسباب التي تؤدي إلى حدوث تغيير في التعبير الجيني دون وجود أي خلل أو تغيير في التسلسل الجيني لدى الفرد. ووجدوا أن التغييرات في التعبير الجيني تنبع من الطريقة التي تتجمع بها سلاسل الحمض النووي داخل نواة الخلية.
يوجد الحمض النووي في الخلايا في صورة حلزون ملتف حول البروتينات ويشكل ما يعرف باسم الكروماتين. ويُحدد مقدار التعبير الجيني بقدر ما تكون تسلسلات الحمض النووي مكشوفة أو مخفية داخل الكروماتين.
قال ليو: «عندما اعتمدنا تقنية ATAC-seq فوجئنا بوجود تعبير لا جيني قوي لخطوط الكروماتين».
كشفت هذه التقنية أن الخلايا المُعالجة بسيمفاستاتين لها هياكل كروماتينية مغلقة تقلل من استجابة الجينات للتغييرات التي تسبب الانتقال من خلايا البطانية إلى ميزانشيمية.
وجد الباحثون أيضًا أن سيمفاستاتين يمنع بروتينًا يُسمى YAP من دخول النواة وفتح الكروماتين.
يؤدي بروتين YAP دورًا مهمًا في تطور الجسم وتنظيم حجم الأعضاء، ولكن له علاقة بالنمو غير الطبيعي للخلايا في مرض السرطان.
لمعرفة الآثار الأخرى للدواء خافض الكوليسترول، اختبر الباحثون سيمفاستاتين على الفئران المصابة بداء السكري.
قال ليو: «يسبب مرض السكري تغيرات طفيفة في الأوعية الدموية تشبه الضرر الذي يحدث عادة لدى المرضى الأكبر سنًا الذين لا يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية وتُوصف لهم أدوية الستاتينات».
لوحظ أنه بعد ثمانية أسابيع من تناول عقار سيمفاستاتين، تحسنت لدى الفئران المصابة بداء السكري وظائف الأوعية الدموية بصورة ملحوظة، إذ أصبحت الشرايين أكثر استرخاءً وانقباضًا.
قال ليو: «إذا استطعنا فهم الآلية، فيمكننا تغيير بنية هذا الدواء ليكون أكثر انتقائية لعلاج الأوعية الدموية».
توفر النتائج أيضًا شرحًا مفصلاً لأمراض الأوعية الدموية التي قد تساعد الأطباء في تحديد وعلاج العلامات المبكرة لتلفها.
قال البروفيسور وو: «لقد كنت أتناول العقاقير خافضة الكوليسترول على مدى السنوات العشر الماضية للحفاظ على انخفاض نسبة الكوليسترول لدي. كنت أعلم أن لها تأثيرات جيدة في الأوعية الدموية ولكن لم أكن أعرف الآلية الدقيقة ورائها».
اقرأ أيضًا:
ترخيص حقنة تعمل بتقنية مبتكرة في علاج ارتفاع الكوليسترول
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: جعفر الجزيري
مراجعة: لبنى حمزة