عادةً ما تكون المدن الغارقة تمثّل نوعًا من الأسطورة، لكن في نهاية العام الماضي عثرَ علماء الآثار على شيئًا حقيقيًّا يختبئ في أعماق بحيرة فان في تركيا.
بعد مرورِ عقدٍ من البحث في ثاني أكبر بحيرة في الشرق الأوسط، عُثر على موطن مملكة مفقودة على بعد مئات الأمتار من تحت السطح، وأعلن علماء الآثار في جامعة فان يوزونجو يل (Van Yüzüncü Yıl) عن اكتشاف لا يصدق في نوفمبر 2017: قلعةٌ ضخمةٌ عمرها 3000 عام محفوظة في أعماق البحيرة في حالة مذهلة، وعمل الباحثون سويًّا مع فريق مستقل من الغواصين للعثور على غنيمتهم.
كانت وما تزال المدن والقلاع المفقودة تحت الماء تعتبر فكرة شائعة في الفولكلور والأساطير المحلية في كل انحاء العالم. في الواقع، حتى تلك القصص التي تتحدث عن وجود وحوش قديمة مفقودة في أعماق البحيرات.
تحسين سيلان (Tahsin Ceylan)، رئيس فريق الغوص في المشروع، كان قد جاء في البداية للبحثِ عن وحشِ بحيرة فان، لكنّه اكتشف المدينة المفقودة بدلًا من ذلك، وقال لصحيفة (ديلي صباح Daily Sabah): «كانت هناك شائعات تقول بوجود شيء ما تحت الماء، لكنّ معظم علماء الآثار ومسؤولي المتحف قالوا باننا لن نجد شيئا»
تمتد القلعة على مسافة كيلومتر واحد، مع جدران بارتفاعات تتراوح ما بين 3 إلى 4 أمتار، وهي ما زالت باقية بحالة جيدة بسبب طبيعة مياه البحيرة التي تمتاز بقلويتها، ويعتقد الباحثون أنها من بقايا العصر الحديدي لحضارة أورارتو المفقودة، والتي تسمى أيضًا بمملكة فان التي ازدهرت في المنطقة من القرن التاسع وحتى القرن السادس قبل الميلاد.
غير أنَّ مستوى المياه في البحيرة قد تذبذب بشكل كبير على مدى آلاف السنين، ويعتقد الباحثون أنّ المستوى كان أقل بكثير في فترة وجود المجتمع الأوراتيكي مما هو عليه اليوم، مع ارتفاع بطيء بمرور الزمن لتغطية بعض الاجزاء من المدينة، أما بالنسبة للأجزاء الأخرى من هذه المستوطنة القديمة، فهي أعلى بكثير، وترتفع حتى فوق الخط الساحلي الحالي، وهي موضع دراسة أثرية مستمرة، وقال سيلان: «لقد استقرّت العديد من الحضارات والناس حول بحيرة فان».
لقد أطلقوا على البحيرة اسم (البحر العلوي)، واعتقدوا بوجود الكثير من الامور الغامضة فيها، ومع أخذ الاعتقاد هذا بعين الاعتبار، فإننا نعمل على كشف أسرار هذه البحيرة.
العمل تُحصد ثماره ببطء، في العام الماضي اكتشف الفريقُ أيضًا حقلًا من الرواسب الكلسية تبلغ مساحته 4 كيلومتر مربع اسموه (مداخنٌ أسطوريّة تحت الماء) تحت البحيرة، عُثر أيضًا على شواهد لقبور من حقبة السلاجقة، يصل عمرها لنحو 1000 عامٍ تقريبًا، وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام أيضًا أعلنوا عن اكتشاف سفينة روسيّة يُعتقد أنها قد غرقت في عام 1948.
لم يتمكن الفريق من التأكد من عمق الجدران المدفونة تحت الرواسب في قاع البحيرة، وسيتطلب الأمر مزيدًا من العمل الميداني تحت سطح بحيرة فان لمعرفة المزيد عن البناء، وعن الناس الذين عاشوا في الداخل، كما نأمل.
قال سيلان: «إنها لمعجزة أن تجد هذه القلعة تحت الماء، وسيأتي علماء الآثار هنا لفحص تاريخ القلعة وتقديم المزيد من المعلومات عنها»، وأضاف: «لقد اكتشفنا الموقع الدقيق للقلعة وصوّرناه وأحرزنا تقدمًا في بحثنا، ونعتقد الآن أننا اكتشفنا منطقة جديدة للدراسة لعلماء الآثار والمؤرخين».
- ترجمة: حسام صفاء
- تدقيق: لؤي حاج يوسف
- تحرير: أحمد عزب
- المصدر